ندرك أن الوطن يعيش فترة استثنائية أبرز ملامحها غياب سلطة تستطيع فرض الحد الأدنى من أمن الوطن وأمان المواطن, وأن من يقومون بتدمير المنشآت الاقتصادية والخدمية هدفهم العقاب الجماعي للشعب وإعاقة التسوية السياسية والحوار الوطني .. وفي ذات المنحى يمكن فهم أعمال التقطع والقتل المتنقل والاختطاف والإرهاب, ويصعب في الظرف الراهن مواجهتها لأسباب يعرفها الجميع وسنشير إلى أهمها وهو أن من يقومون بها تؤمنهم مراكز قوى ونفوذ وتوفر لهم الغطاء السياسي, كما أن القبيلة في المناطق التي يقترفون بها جرائمهم بحق الوطن والشعب والوحدة توفر لهم الحاضن الاجتماعي, وتستغل السلطة الانتقالية حالة الاشتباه والغموض الظاهري تجاهها لتبرر عجزها غير المقبول والذي هو مرفوض جملة وتفصيلاً في جريمة بشاعتها فاقت في طبيعتها والظروف التي حصلت فيها أية جريمة أخرى, لأن فيها الطابع الاستعلائي الهمجي لعصبية القبيلة خاصة وأن ارتكابها غير مبرر بالمطلق وتمريرها دون القصاص من مرتكبيها سيمثل ذبحاً لأمل الدولة المدنية, واستحالة بنائها على أساس النظام والقانون والمواطنة المتساوية, ليس لأن الشهيدين أمان والخطيب من أبناء عدن وزميلهما الثالث القدسي الذي تعرضت سيارته للتدمير بصدمها بشكل مقصود وتعرضه للضرب قبل أن يتمكن من الإفلات جريحاً لأنه من محافظة تعز, ولا لأن مقترفي هذه الجريمة من آل العواضي المشهود للكثير من أبنائها بتاريخ نضالي وطني, بل لأن العنجهية المستقوية بالانتماء القبلي, وربما الانتماء الحزبي كانت وراء الإقدام على جريمة كهذه في حين أن تاريخ هذه الأسرة كان يفترض أن يكون أكثر تواضعاً وحرصاً على ذلك الرصيد بدلاً من التعالي اعتقاداً أنهم فوق القانون, ولا يمكن أن يطالهم العقاب.وهذا ما تبيناه منذ الوهلة الأولى لانكشاف ومعرفة مرتكبي الجريمة النكراء من قبل ليس تلك الوحوش البشرية, وإنما من يفترض أن يكون ديناً وقيماً وحكمة ناهيك عن كونه شخصية وطنية معروفة بانتمائها الإسلامي ومستوعبة للوضع الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه بسبب تصرفات وممارسات من يعتقدون أنهم بانتماءاتهم القبلية المتخلفة يمتلكون حق قتل الناس دون وازع أو رادع من دين أو ضمير أو قيم أو أخلاق, وغير معنيين بهذا الوطن إلاَّ كموضوع للنهب والفيد والخراب والدمار, هذا كله جعل من قضية الشابين الشهيدين اللذين قتلا ظلماً وعدواناً وبغطرسة عبرت عنها اللاَّمبالاة التي تعاملوا بها مع الشهيدين في تركهما ملقيين في موقع الجريمة ليواصلوا موكب عرسهم الدموي الذي لم يكن على دماء هذين البريئين,ولكن على أشلاء وطن عبثاً يحاول أبناؤه لملمتها, فيأتي هؤلاء ليقتلوا أي أمل في إمكانية بناء الدولة المدنية الحديثة وصنع مستقبل ليمنٍ مزدهرٍ يتساوى أبناؤه في الحقوق والواجبات التي تساوي بينهم كمواطنين أمام الشرع والقانون, فهل سنسمح في هذا البلد رئيساً وحكومة وشعباً باستمرار قانون الغاب أم أن البداية الحقيقية هي إنزال العقاب الرادع لمرتكبي هذه الجريمة الشنعاء.!!
آمال الدولة المدنية تذبح في الخمسين!!
أخبار متعلقة