في أربعينية الفقيد الكازمي
ذلك الشاب الوسيم بهي الطلعة هادئ البسمة صافي البشرة متناسق البنية كان مثلنا الأعلى في الثقافة والخلق وحسن المعشر ، اتذكر عندما كنَا صغارا في سن الصبا في قريتنا الجميلة الهادئة الدرجاج مسقط رأسي وراس الفقيد د.أحمد الكازمي الذي كان يكبرني سنا بحوالي ثماني سنوات وكنت اسمع من والدي المرحوم الحاج حيمد علي ناجي و الذي كان الصديق و الاخ الروحي لوالد الفقيد, المرحوم الحاج محمد حسين حيدرة الحيدري ، كان والدي يقول لي انه في هذا الاسبوع سيعود الكازمي من القاهرة ليقضي جزءاً من اجازته السنوية بين اهله وذويه في القرية حيث كان يتلقى دراسته الجامعية هناك كان ذلك في ستينيات القرن الماضي و بمجرد علمي بهذا الخبر كنت اشعر بسرور و بهجة و انتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر اي اليوم الذي سيعود فيه الكازمي الى القرية لارافق و الدي بزيارته و السلام عليه في منزلهم الكبير المبني من الطين و الكائن في وسط قرية الدرجاج و الذي كان بمثابة منزلنا الثاني لكثرة زيارة و الدي لهذا المنزل و انا اكون برفقته ليلتقي بصديق عمره و الد د. أحمد الكازمي كما كان منزلنا هو المنزل الثاني للعم محمد حسين ، حتى بعد ان انتقلوا للعيش و السكن في عدن لم تنقطع الزيارات المتبادلة بين الاسرتين حتى عندما كان والدي رحمه الله يزورني في منزلي يأتي وبرفقته العم محمدحسين حتى انهما قاما باداء فريضة الحج معاً. كان يوم عودة الكازمي الى القرية بمثابة يوم عيد ليس عندي فحسب بل في القرية بشكل عام ليصبح منزل العم محمد حسين مزاراً لكل اهل القرية كبارهم وصغارهم رجالهم ونساءهم ليسلموا على ابنهم العائد وكنت من ضمن هؤلاء ولأنني كنت برفقة الوالد فإنني كنت اتبوأ مكاناً يقع على مقربة من العائد وكنت استمع بانتباه شديد لكل كلمة يقولها عندما كان يحكي لزائريه من اهله وذويه عن اسفاره ودراسته ومايحمله من رؤى وافكار ليزداد اعجابي وتأثري بهذه الشخصية الجذابة. اشتهر الفقيد بلقب الكازمي نتيجة تناسب بالاسماء حيث كان آباؤنا يتبادلون الانساب بالاسماء مع نظرائهم من المشايخ و القبائل الاخرى لخلق مزيج من الترابط الاجتماعي و التعارف بين القبائل و الاعتزاز بهذه القبيلة او تلك فاحمد الكازمي هو احمد محمد حسين حيدرة الحيدري من قبيلة آل حيدرة منصور التي تسكن قرية الدرجاج التي كانت تتبع السلطنة الفضلية م / ابين حاليا .كان رحمه الله منذ صباه يتحلى بكاريزما خاصة في شخصيته منذ ان كان طالبا في المراحل الأولى من دارسته حتى اكماله لد راسته و التحاقه بالعمل الوطني في شمال الوطن و جنوبه وبعد تخرجه من الدراسة وشغله للعديد من المناصب القيادية الحكومية و الحزبية , فجميع المثقفين و الشخصيات الاجتماعية في م/ عدن تعرف حق المعرفه من هو أحمد الكازمي و تكن له كل الحب وكل الاحترام والتقدير .تعرض مثل غيرة من الشباب الذين حملوا هم الوطن بافكارهم و رؤاهم الثاقبة للحياة السياسية و الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، تعرض للعديد من اعمال التعسف و الاضطهاد و السجن في العديد من المراحل و المنعطفات السياسية التي شهدتها البلاد من قبل ذوي النظرات الضيقة و الافكار القبلية المتعصبة ، و رغم ذلك ظل صامداً مواصلا مسيرة حياته النضالية ليس حبا في المناصب ولكنه كرس حياته لخدمة وطنه و الدفاع عن الحقوق والحريات و تجلى ذلك في تأسيسه لاول منظمة للدفاع عن الحقوق و الحريات الديمقراطية في العام 1988 م هي اول منظمة حقوقية في اليمن وأصبح عضوا في المنظمة العربية لحقوق الانسان و مقرها العاصمة المصرية القاهرة و عضوا في منظمة حقوق الانسان الدولية ومقرها العاصمة البلجيكيه بروكسل كما ان الفقيد د.أحمد الكازمي يعتبر من احد الشخصيات البرلمانية المشهود لها بالنشاط حيث كان عضوا نشطاً في مجلس الشعب الاعلى في جمهورية اليمن الديقراطية الشعبية وعضو اول برلمان بالجمهوريه اليمنية بعد الوحدة .ارتبط اسم الفقيد د. أحمد الكازمي بالعديد من زملائه الشباب من ابناء قريته منهم الفقيد سالم عمر حسين رحمه الله ، الاستاذ محسن سالم مكيش اطال الله في عمره و الفقيد ناصر محمد ياسين رحمه الله و غيرهم ممن رافقوه في مسيرة حياته سواء الدراسية او النضالية اوالعملية .ظل رحمه الله كتلة من النشاط و الحيوية متنور الفكر مرجعية في العمل السياسي و الحزبي و التنظيمي حيث ساهم في الاعداد للعديد من الوثائق و الادبيات للحزب الاشتراكي اليمني مع عدد من رفاقه و زملائه وظل يعمل في مختلف المجالات السياسية و الحقوقية و الانسانية الى ان داهمه المرض العضال في اواخر تسعينيات القرن الماضي و اقعده دون ان يحظى بالاهتمام و الرعاية اللائقين من قبل من كان في القيادة من رفاقة وزملائه وظل طريح الفراش حتى توقف قلبه عن النبض مساء الاثنين18 مارس2013م.رحم الله فقيد الوطن المناضل الوطني البارز د.أحمد محمد حسين حيدرة الحيدري المعروف بـ أحمد الكازمي و اسكنه فسيح جناته وألهم اهله و ذويه ومحبيه الصبر والسلوان وانَا لله وانا اليه راجعون .