حقيقة لقد ذبحت العملية التعليمية والتربوية في الضالع من الوريد إلى الوريد ، وأصبح واقع التعليم في اغلب مدارسنا - إذا لم يكن جميعها - كارثياً بكل ما تعنيه الكلمة من معان ، فقد أصبح الغش - لاسيما في الامتحانات النهائية - يمارس برعاية كريمة من المدرسة وبمساعدة الأسرة التي تجود للمعلمين المراقبين بالمال الوفير تحت مسمى رسوم (( التغشيش )) وتحشد امهر المغششين لأبنائها، وهو الأمر الذي افرز واقعاً تعليمياً ضعيفاً ومتدنياً إلى ابعد الحدود ، فالطالب لا يذاكر إلا أيام الاختبارات والامتحانات ولسويعات معدودة لا تساوي شيئاً أمام الساعات الطويلة التي يقضيها في مشاهدة التلفاز أو أشياء أخرى ، والمعلم هو الآخر قد أصابه الوهن والإحباط ويكون شرحه موجزاً ولا يكون محضراً للدروس إلا فيما ندر ولسان حاله يقول كما قال غيره : ويكاد يفلقني الأمير بقوله : (( كاد المعلم أن يكون رسولا ))/ لو جرب التعليم شوقي ساعة / لقضى الحياة شقاوة وخمولا / يا من يريد الانتحار وجدته / إن المعلم لا يعيش طويلاً.. ويا ليت الأمر يقف عند هذا الحد بل أن مهنة التدريس قد تحولت في الضالع دون سائر العالمين مهنة من لا مهنة له حيث يقوم بعض المعلمين بالاستعانة بالخريجين العاطلين عن العمل ليقوموا بالتدريس بدلاً عنهم بنصف الراتب وليذهب بعدها المعلمون لحال سبيلهم وقد يهاجرون خارج الحدود اليمنية بحثاً عن وظيفة أخرى بعد أن ضمنوا نصف راتب والمضحك المبكي أن مصطلح (معلم بدل) قد أصبح مألوفاً ومتعارفاً عليه وانتشر انتشار النار في الهشيم في معظم مدارسنا خاصة وان الإدارات المدرسية ومكتب التربية سواء في المديرية أو المحافظة لم يعترضوا أو يحركوا ساكناً إزاء هذا الأمر الغريب والفريد من نوعه، وهذا بالطبع يعتبر خيانة للأمانة من قبل أولئك المعلمين ومن تساهل معهم من إدارات المدارس ومسئولي التربية ، فنقول لهم اتقوا الله فالأمانة أمرها عظيم فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً}. وقال تعالى في صفات المؤمنين{والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون }. وقال صلى الله عليه وسلم: « أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك». وقال صلى الله عليه وسلم :«لا إيمان لمن لا أمانة له». رواه الطبراني . وروى الإمام أحمد والطبراني وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له» ... ومن العجائب التي تستحق أن نقف إزاءها هي عزوف السواد الأعظم من طلاب الصف الثالث الثانوي في ثانوية الحمزة ( أبو عشيم سابقاً ) عن حضور الدوام المدرسي في جميع الأعوام الدراسيةً، فلم نر البتة منذ زمن ليس بالقصير ولو دفعة واحدة من طلاب الثالث الثانوي في هذه الثانوية يلتزمون بالدراسة والحضور وإنما يحضرون وقت الامتحان الوزاري الذي يعتمد الطلاب فيه على الغش والبراشيم.. وإذا ما انتقلنا إلى مكتبي التربية في المديرية والمحافظة لوجدنا فساداً مالياً وإدارياً يشيب لهوله الولدان ، وقد كشفت ذلك تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في مرات عديدة ولكنها لم تشر لا من قريب ولا من بعيد إلى أن نسبة كبيرة من المعلمين مفرغون ولا يقومون بالتدريس وتأدية واجبهم الوظيفي مطلقاً ومع هذا يستلمون مرتباتهم بشكل كامل وبدون أي خصميات او أجزاءات - علماً بأن قانون الخدمة المدنية يعتبر المتغيب عن عمله لمدة تزيد عن الثلاثة أشهر بدون مانع شرعي منقطعاً عن العمل، وجزاؤه الفصل من الوظيفة - في حين يتم تقسيط المعلمين الذين لا يمتلكون سنداً ولا ظهيراً حتى وان كان غيابهم يوماً واحداً وربما حصة واحدة فحسب.. تصوروا !!.. فإلى الله المشتكى وهو حسبنا ونعم والوكيل ..!!.
|
آراء
التعليم في الضالع ... شؤون وشجون !!
أخبار متعلقة