أضواء وآفاق
د. زينب حزام مسألة الفنون الشعبية في عدن .. وكما يبدو باتت مسألة محيرة .. لعدم الاهتمام بالتراث الشعبي .. وحتى معقدة عند البعض .. البعض منا تصور اننا سننقل التراث والفنون الشعبية نقلا آليا . وآخر تنكر. تمثل الفنون الشعبية من رقص وموسيقى واغاني التراث الشعبي احد منطلقات الربط الحضاري والتاريخي لاي مجتمع كان ومهما كانت نوعية البيئة الاجتماعية لذلك المجتمع فهي تعتبر رمزاً ثقافياً واقتصادياً عبر الحضارات المختلفة لهذا المجتمع. فالفنون التقليدية كما اطلق عليها في العصر الحديث تمثل الاصالة الوجدانية في التعبير الثقافي والاجتماعي والموحى به من الاعماق والاحساس الشعبي الوطني والروحي بسجية انسانية تعبيرية خاصة ترفدها وتحفزها للنماء دوماً عوامل الحياة ومؤثراتها المختلفة. [لا يوجد نمط فقرة][فقرة بسيطة]والفنون الشعبية في مجتمع ما ليست منقطعة الصلات والجذور بغيرها ان في النمط الفني والتعبير الادبي وان في النغمة الموسيقية والحركة الادائية التطبيقية اذا جاز لنا القول. فالفن الاصيل كذلك ايا كان نوعه تحمله سمات التأثير والتاثر ولا تتخذ اصالة الفن اذا كانت وحيدة أي منقطعة الصلات لان الفن نتاج المجتمع والمجتمع امتداد تغيير فالماضي الانساني متواجد دائماً في الحاضر الانساني فالتقاليد والعادات والقوانين والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والفنون والملابس والاذواق والمأكل والمشرب واللهجات وخصائص الفكر الانساني نفيسه ليست وليدة الحاضر ولكنها حصيلة تجارب وخبرات تمثل تراثاً ويمكن تتبع احواله في الماضي القريب او البعيد ومن خلال هذا التراث تتشكل شخصية الجماعة الانسانية وتتحدد درجة وعيها الحضاري. اما انقطاع الجذور وانتفاء الصلات بالنسبة للفن والثقافة عموماً فاقل ما يعنيه هذا هو انتفاء الاصالة والسيادة التسطيح وافتقار الفن وتغليب الترقيع من هنا ومن هناك حتى يصبح الفن مشوهاً بلا هوية او مضمون لا يسر شكلاً ولا مضموناً ولا نعني غيره. لا نعني التبعية وفقدان الهوية والتميز الفني والثقافي وانما التحويل منوط بملكة الابداع عبر نسيج الكلمات والنغمة الموسيقية فالذي يوحي به التاثير والتاثر من خارج المحيط البيئي المحلي قد يفجر ينابيع بل انهاراً متدفقه من الفنون الحية في البيئة الداخلية بطريقة المحاكاة ثم الابداع. الماضي عزيز علينا ولكن المستقبل اعز منه اننا ورثنا هذا الاهتمام المفرط بالادب والشعر واللغة من الماضي فهو تراث قديم لنا ولكن التراث لا يجوز ان يكون صنماً يعبد نقدسه على علاته دون النظر فيه موضوعياً وتشذيبه. ان كل مجتمع بشري له طابع خاص به من الفنون الشعبية المميزة وفي عدن نجد الواناً من الفنون الغنائية المرتبطة ارتباطاً مباشراً بحياة البحر حيث يتغنى الصيادون في صيرة بجمال البحر ومناظر النوارس والجبال عند المساء كما نجد الفن المتميز لاغاني الفلاحين في أبين عندما يقومون بجني القطن والمحاصيل الزراعية وتتميز لحج الخضراء بأغانٍ شعبية مميزة ونجد في الاغاني اللحجية العديد من البحور المتداخلة في الاهازيج والموشحات المختلفة الاشكال والالوان واغلبها شيق ولطيف يأخذ بمجامع القلوب منها على سبيل المثال لا الحصر موشح الشاعر صالح نصيب الذي يقول في مقطوعته الاولى : كم يقل لي الليل ياولهان توب كم يقل للعين لا تبكي ذنوب قال يكفيهاء بكاء قال يكفيها شكاء قال ياما ناس من قبلك شكت ظلم القلوب ورد القلب بالآهات وزاد النوح والانات واللوعة تقل لليل ذا نصحك ذنوب يقل لي الليل توب ونا مقدر اتوب ومن الاغاني الفلكلورية اغنية عمالية تقول : سرحت اليوم مانا بسعدش يا سعادة بسعد اللنجرة كلين يحكم في بلاده إن الفنون الشعبية في اليمن تعكس اوجهاً من التراث الحضاري الانساني وربما الهندي والافريقي القادم الى عدن. في بعض المكونات وهذا شأن التأثر الحضاري على مدى الازمنة والعصور. ان التراث الفني في عدن يمثل اليوم التنوع والتفاعل الاصيل في الفنون الشعبية في عدن. ومن الاغاني العدنية التي انتشرت في القرن الماضي اغنية ( بالعيون السود) شعر عبدالخالق مفتاح ، لحن محمد سعد الصنعاني :بالعيون السود ذي تنسبي الاسود صادني الرغدود منسوب الجدود وادعى النكران عني والجحود ليه يالمضنون كثرت الوعود باهي الاوجان في خده ورود تحرس الاعيان خده والنهود صانها الرحمان من عين الحسود ليه يالمضنون كثرت الوعود كم سهرت الليل راجي لك تجود عدد الساعات للقيا عدود وانته ليه يا سيد في طبعك شرود ليه بالمضنون كثرت الوعود باسمر ليله على مزهر وعود باحتفل بك فيه والعالم رقود باتهجد بك بأشواقي هجود ليه يالمضنون كثرت الوعود ما احسن الايام ذي واحنا سدود والذي فات ماضي لن يعود با بذل الغالي وللوارث عمود ليه ياالمضنون كثرت الوعود.