*مثنى قاسم حسن:المساءلة الجنائية هي نظام عمل تقوم به أجهزة حماية الشرعية مستندة إلى القانون الجنائي في مكافحة الإجرام والجريمة، وذلك بالبحث عن الجريمة التي وقعت في الواقع وتحديد المتهم الذي ارتكبها والمسؤول جنائياً ـ بموجب النص الجزائي في قانون العقوبات ـ ومن وقع عليه الانتهاك، ويجرم هذا الفعل الذي ارتكب من قبل فاعله وتتميز المساءلة الجنائية عن المسؤولية الجنائية بكونها مرحلة إجرائية ينظمها القانون الإجرائي وتهدف من خلال جملة من الإجراءات الممنوحة لأجهزة حماية الشرعية للوصول إلى المسؤولية الجنائية وتحديد العقوبات على الجريمة المرتكبة لفاعلها عن طريق فحص نشاط أجهزة حماية الشرعية والبلاغات المقدمة من أجهزة الدولة الأخرى والمواطنين عن قيام جريمة ما سواء وقعت هذه الجريمة أم ما زالت في دور التحضير والإعداد لها.. وتحديد المتهم المسؤول جنائياً استناداً إلى الواقعة المنصوص عليها في قانون العقوبات سواء كان ارتكابها بعمد أو بغير عمد (المادتان 3، 14) وهي تضمن عدم جلب شخص للمسؤولية الجنائية واتخاذ تدابير الدولة الإجبارية ضده دون ارتكابه للجريمة، فإذا وقع الفعل المعاقب عليه قانوناً من مريض عقلياً أو ممن لم يبلغ السن القانونية، أو السبب خارج عن إرادة الفاعل كالقوة القاهرة أو الظرف الطارئ أو فعل للغير أو أن المجني عليه، كان يكره بالقوة على ارتكاب الفعل.. فلا مساءلة عنه (المواد ـ 10، 33، 35، 37، 38) من مشروع قانون العقوبات اليمني الموحد (1) فالانتقال ـ بدون المساءلة الجنائية ـ إلى المسؤولية الجنائية مباشرة قد يرافق عمل منفذي القانون خطأ وينتج عنه اتهام أشخاص أبرياء كما أن المساءلة الجنائية والمسؤولية الجنائية مفهومان مترابطان لا يمكن الفصل بينهما أو الاستغناء عن أحدهما في الكشف عن الجريمة وشخصية المجرم واتخاذ العقوبات المناسبة ضد الشخص المرتكب للفعل المخالف للقانون.فالمسؤولية الجنائية هي التثمين السلبي المثبت في قانون العقوبات للفعل الخطر اجتماعياً باعتباره إجرامياً، وكذلك لوم الشخص الذي ارتكبه وباتخاذ تدابير الدولة الإجبارية ضده والمسؤولية الجنائية توجد في نطاق العلاقات القانونية الجنائية، أي تلك العلاقات القانونية الناشئ ارتباطها بواقعة ارتكاب الجريمة بين الدولة من جهة ومرتكب الجريمة من جهة أخرى، وتعتبر الحقوق والواجبات التي تقع على كاهل طرفيها مضموناً لهذه العلاقة القانونية.فالدولة ممثلة بأجهزتها القمعية لها الحق في مطالبة مرتكبي الجريمة وبالمحاسبة لقاء ما افترقت أيديهم، ونتيجة لهذا تتخذ ضدهم تدابير الإجبار، التي لا تخرج عن حدود القانون، فمرتكب الجريمة يكون ملزماً أمام الدولة لقاء الجريمة التي ارتكبها، وخلال هذا يتعرض إلى تدابيرها الإجبارية، كما يحق لهذا الشخص مطالبة الدولة بحصر مطالبها ضمن الحدود التي ينص عليها قانون العقوبات المنهك،وعليه تعتبر المسؤولية الجنائية نتيجة قانونية للجريمة المرتكبة (1)، وبهذا فإن المساءلة الجنائية وقيام المسؤولية وتقدير العقوبة تختلف من بلد إلى آخر حسب طبيعة وجوهر نظام الحكم بأهدافه وعقيدته ومبادئه، ويصعب على المشرع حينها تقنين كل العلاقات الاجتماعية المنطوية على عنصر الخطورة الاجتماعية المعتبرة جرائم، كما يصعب عليه أيضاً وضع تفسير لكل أسلوب يرتكب في الجريمة لأنه وإن وجد تفسير للمشروع فيتصف بتفسير قواعد القانون العقابي الجنائي والإجرائي من حيث مدى الوضوح في تطبيق العقوبة وقيام المسؤولية الجنائية واتخاذ إجراءات المساءلة الجنائية، وإظهار حقيقة توافر أركان الجريمة المعروضة على القاضي من وجود جريمة أم لا فتفسير المشرع لم يصل إلى تفسير القاعدة الجنائية المعاقب عليها ، والأساليب الخاصة بارتكابها كونه يصعب عليه تحديد كل حالة للإجرام وأسلوب كل مجرم في هذه الجريمة أو تلك وأن وضع تحديد لبعض الأساليب لارتكاب الجريمة كالأسلوب الوحشي في ارتكاب الجريمة أو غير ذلك من الأساليب مع هذا فإن تنفيذ هذه الأساليب يختلف من فاعل لآخر أو مجرم لآخر ولكن مع تطور المجتمع تظهر الحاجة إلى التجديد والتغيير في قواعد القانون ليصبح مرافقاً للتطور العصري للجريمة والأساليب الإجرامية المستخدمة من قبل المجرمين.وهذا العبء في اكتشاف ثغرات القانون وأساليب الإجرام وما من شأنه التطبيق الفعال للمساءلة الجنائية، يقع على منفذي القانون الجنائي وينبغي عليهم بالإضافة إلى دراستهم القانونية المختلفة في هذا البلد أو ذاك متابعة كل تعديل أو تغيير طرأ على القانون الجنائي خلال فترة سريانه وغير ذلك من إجراءات الدولة (الديناميكية) والخاصة بمكافحة الإجرام والوقاية منه والإلمام الكامل بنصوص الشريعة الإسلامية وتفسيراتها المتضمنة جرائم وعقوبات لها، وغير ذلك من النصوص عن الجريمة والإجرام وطرق وأساليب محاربتهما والوقاية منهما، بما في ذلك التشريعات الجنائية الدولية الأخرى والعلوم المكملة للتشريعات الجنائية كعلم العقاب وعلم الإجرام وعلم النفس الجنائي، والطب الشرعي وعلم الاجتماع.من كتاب دراسات في القانون الجنائي اليمني
|
اشتقاق
المساءلة الجنائية
أخبار متعلقة