كتب/محمد السيد وجهت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) تحذيراً شديد اللهجة للحكومة اليمنية، تضمن الإشارة إلى تردي حال المعالم التاريخية بمدينة التراث العالمي زبيد، نتيجة استمرار المخالفات والبناء العشوائي الذي أدى إلى تشويه كامل للتراث المعماري في المدينة.وأعطت اليونسكو السلطات اليمنية فرصة أخيرة تنتهي في شهر يونيو القادم، وهو موعد انعقاد الدورة الـ37 لمنظمة اليونسكو في كمبوديا. مطالبة الحكومة بتقديم تقرير شامل عن حالة المدينة وجهود الحكومة في ازالة هذه المخالفات وكل ما يهدد التراث الحضاري والإنساني لمدينة زبيد. حيث تعد هذه الفرصة الخامسة، بعد أن منحت اليونسكو اليمن أربع فرص سابقة. دون أن تتخذ اليمن أي إجراءات عاجلة وملموسة على الأرض لحماية المدينة من زحف المباني الإسمنتية التي انتشرت كالنار في الهشيم.وهو وضع دفع العديد من المثقفين اليمنيين إلى مطالبة وزير الثقافة الدكتور عبد الله عوبل، بسرعة التحرك لوضع حلول عاجلة وتجنب قرار إخراج المدينة من قائمة التراث العالمي. فقد حمل العديد من الشعراء والأدباء الحكومة مسؤولية تجاهل المصير والكارثة التي ستحل في مدينة زبيد، إذا لم يتم عمل حلول عاجلة وجدية لحماية مدينة التراث وإبقائها في القائمة العالمية.[c1]بداية الحكاية[/c]المعنيون في الهيئة العامة للمحافظةعلى المدن التاريخية أكدوا للوكالة أن الحكاية ، بدأت منذ عام 1993م، وذلك عقب عودة المغتربين من أبناء المدينة من دول مجلس التعاون، وهو ما تسبب في نمو سكاني أفرز حاجة متزايدة لمساكن جديدة، ونتيجة لافتقار المدينة لمحرقة ياجورتتولى إنتاج مواد البناء التقليدية، وجد الراغبون في التوسع العمراني مصانع القوالب الأسمنتية ( البلك) ملاذاً مفضلاً لتزويدهم بمواد بناء إسمنتية بأسعار مناسبة، وفي ظل غياب رقابة وحماية حازمة لهذا التراث أخذت المخالفات والتشوهات في طابع المدينة المعماري ككرة الثلج تنمو وتتزايد كل يوم على مستويين، الأول يتمثل في تلك التشوهات الناجمة عن الإضافات والتوسعات في المباني القديمة بمواد حديثة ، فيما يتمثل الجانب الآخر من تلك المخالفات في التشوهات الناجمة عن بناء مساكن جديدة بمواد إسمنتية أخذت تنتشر في فراغات المدينة والمساحات الواقعة أمام المدارس الإسلامية والبوابات التاريخية .وواصل السرطان الإسمنتي انتشاره في المعالم التاريخية يوماً بعد آخر دون روشتة علاج فعالة تستأصل الداء، حتى غدا المرض يبرز بقوة مشوهاً المظهر التاريخي للمكان، أخطاء مؤلمة تم ارتكابها تحت ضوء الشمس وتواصلت على مرأى ومسمع من الجهات المعنية التي صحت مؤخراً بعد (غيبوبة طويلة) لتجد نفسها أمام 1200 مخالفة معمارية إسمنتية منتشرة حول المدينة وعلى خط السور. فقد توزعت تلك المخالفات ما بين البسيطة كحفر أساس ووضع قواعد إسمنت مسلح وبناء سور باستخدام البلك، وتجاوزات كبيرة كبناء مساكن إسمنتية جديدة تقدر بنحو 600 مسكن إسمنتي ، فيما بلغ عدد المخالفات داخل سور المدينة 444 مسكناً مختلطاً، أي مساكن قديمة تم توسيعها وإضافة بعض الغرف إليها بإستخدام مواد إسمنتية ، أضف إلى ذلك تجاوزات في البناء باستخدام مواد مخالفة للطابع المعماري للمدينة والتي تسببت في إحداث تشوهات واسعة لزهاء1000 منزل من منازل المدينة البالغة 4200 منزل تاريخي، تتراوح أعمارها مابين 200 و 600عام، منها أكثر من 400 منزل سجلتها اليونسكو ضمن قوائم التراث العالمي الاستثنائي باعتبارها مبانٍ ذات قيمة فنية معمارية عالمية، يصل عمر بعضها إلى أكثر من 400 سنة .[c1]أمين اللجنة الوطنية: زبيد إذا استمر الوضع[/c]وفي تصريح إعلامي له، أكد أمين عام اللجنة الوطنية لليونسكو بصنعاء، الدكتور أحمد المعمري أن الحكومة لم تقم بدورها ولم تنفذ التزاماتها حيال الحفاظ على المدينة، كما أنها لم تقدم تقريرها الأولي بهذا الخصوص الذي كان محددا له مطلع شهر فبراير الماضي. مشيراً إلى أنه لا توجد جهود عملية ملموسة على أرض الواقع حتى الآن بالرغم من المهل الأربع السابقة التي أعطيت للحكومة بين 2009 و2012، محذراً من أن زبيد ستخرج من قائمة التراث العالمي في حال استمر الوضع على حاله، وهو ما سيؤدي إلى خروج الثقافة اليمنية بالكامل، وحرمان المدن الأخرى من الدخول لمدة عشرين عاما قادمة. وجدد المعمري دعوته للتحرك بجدية لإنقاذ زبيد التاريخية كونها (تحفة نادرة من مدن الروح، وفيها ما يدعو للاهتمام، وبقاؤها مهم للسياسة والاقتصاد والتاريخ والجغرافيا والمستقبل، وهي ذاكرة جمعية لتاريخ مهم).[c1]الموقع[/c]تقع مدينة زبيد على خط طول 43 درجة شرقاً وخط العرض 25 درجة شمالاً، وفي موقع متوسط من سهل تهامة الذي يحتل القسم الغربي من اليمن، ويمتد من عدن جنوباً حتى حدود المملكة العربية السعودية شمالاً، وتبعد عن العاصمة صنعاء بحوالي (233 كم) باتجاه الجنوب الغربي، كما أن مدينة زبيد التاريخية تحتل موقعاً متوسطاً بين البحر الأحمر الواقع غرب المدينة، وسلسلة الجبال الواقعة إلى الشرق منها، حيث تبعد عن كل منهما مسافة (25 كم)، ولذلك يصفها ابن بطوطة بأنها مدينة برية لا شطية، ويذكرها أبو الفداء بأنها (في مستوى من الأرض عن البحر أقل من يوم)، أي أنها (ترتفع عن مستوى سطح البحر بحوالي (100م) كما تقع بين واديين زراعيين مهمين هما: وادي زبيد جنوب المدينة، ووادي رماع شمالها .[c1]مظاهر الحضارة في زبيد.. جامعة الأشاعر[/c]امتازت زبيد العصر الإسلامي بالطابع الحضاري الإسلامي في شتى عصورها بالعلم ابتداء بابي موسى الأشعري إلى عام 204 هـ بدأت في النمو عندما قام محمد بن زياد وبرفقته محمد بن هارون التغلبي الذي تولى القضاء والإفتاء فانجب ذرية حذوا حذوه في بناء الفكر الإسلامي، عرفوا لقبا ببني عقامة منهم العلامة الحسن بن محمد عقامة وأبو الفتوح علي بن محمد بن علي بن أبي عقامة التغلبي . وتعتبر المدرسة العاصمية في العهد النجاحي إحدى مدارس جامعة الاشاعر كان من مدرسيها محمد بن عبد الله بن أبي عقامة الحفائلي ومحمد عبد الله الآبار ونصر الله الحضرمي ومن خريجيها عمارا بن زهيدان الحكمي اليمني، ومن ثم ازدهر الفكر الإسلامي في المذاهب الأربعة ومن اشتهر العلماء منهم عمر بن عاصم ومحمد بن دحمان الذين اشتهرت بهم المدرسة الدحمانية والعاصمية في العهد الأيوبي والعلامة ابن حنكاش في المدرسة المنصورية والعلامة أبو الحسنبن عبد الله بن مبارك الزبيري مؤلف تجريد صحيح البخاري الذي قال فيه العلامة المصري محمد بن محمد الجزري حين وصل زبيد سنة 728هـ.[c1]الموانئ[/c]شهدت زبيد حركة تجارية إذ كان لها ميناءان طبيعيان كانا مصدراً كبيراً للتطور التجاري الأول : ميناء غليفقة، والثاني : ميناء الفازة إلى جانب ميناء المخاء والخوخة.. وغير أن ميناء الفازة اهتمت به الدولة الرسولية وخاصة الملك الناصر أحمد الرسولي الذي أستقبل الخبراء الصينين سنة 833هـ في الفازة لتحسينه وظل مصدراً لمنتجات زبيد المصدرة والبضائع المستوردة إلى عهد قريب ويعتبر ميناء الفازة طبيعياً وجميلاً صالحاً للاصطياف حيث كان ينزل فيه ملوك الدولة الرسولية للاستجمام فيه. وبجواره عين ماء حلو يغتسل فيه المستحم بعد أن يستحم في البحر لكي يزيل عنه ملوحة البحر... ويمتاز بالتربة الصالحة للزراعة... وساحله المضيف.- التراث العمراني (أ) المدارس الإسلامية : يوجد في مدينة زبيد حوالي (85 مدرسةً) علمية إسلامية كانت تضم كافة المدارس الفكرية والدينية التي تمثل المذاهب الإسلامية المختلفة وتعتبر مدينة زبيد من أشهر المراكز الفكرية العالمية ليس في اليمن فحسب بل على مستوى العالم الإسلامي ولا تزال بعض تلك المدارس موجودة بمسمياتها الحقيقية، ولا تزال المكتبات الخاصة بزبيد تضم دوراً من المخطوطات النادرة وأمهات الكتب في مختلف العلوم، وعبر تاريخها الطويل أبرزت فطاحل العلماء أمثال شيخ الإسلام « إسماعيل بن أبي بكر المقري» الذي كان مفخرة عصره بعلمه وحجم مؤلفاته الشهيرة واهتمامات الجامعات الأوروبية بمؤلفات علماء زبيد في الطب والزراعة والرياضة حيث تنتسب كلمة جبر المعروفة إلى عالم من زبيد، فارتبطت زبيد بالمدارس الدينية والفكرية والعلمية وبرزت مجموعة من مشاهير علماء الدين والتفسير والحديث واللغة وأصبح لها قيمتها التاريخية كمزارات لهولاء الأئمة الأوائل ومن مزاراتها قبر الزبيدي أحد رواة الحديث المشهورين والفيروزبادي صاحب المحيط وأحد فقهاء اللغة العربية وغيرهم كثيرون ومن هنا اكتسبت أهميتها، ومن الأربطة التي ما زالت موجودة في المدينة : (الرباط : يطلق على الأبنية التي يسكن فيها الطلاب وترتبط بالمساجد التي يتلقون فيها الدروس عن العلماء)، رباط يحيى بن عمر الأهدل، ورباط الجامع الكبير، ورباط الأشاعرة، ورباط البطاح، ورباط علي يوسف، ورباط المهادلة، ورباط الفرحانية، ورباط الخوازم، ورباط الدارة، ورباط الغصينية، ورباط ومسجد الوهابية، وهذه الأربطة وأمثالها من المقاصير التابعة بالمساجد كانت مشاعل للفكر الإسلامي، وهناك حقيقة تاريخية عن المدارس في زبيد فقد بلغت في عهد الملك الأشرف الثاني الرسولي سنة 791هـ مائتين وستة وثلاثين مدرسة ومسجداً. وأهم المساجد : جامع الأشاعر أسسه أبو موسى الأشعري والجامع الكبير. (ب) السور والأبواب :- أول من سور المدينة زبيد الحسين بن سلامة في القرن الرابع الهجري فالأمير سرور الفاتكي في منتصف القرن السادس الهجري على اثر غارات علي بن مهدي وحفرت الخنادق وفي سنة 589هـ جدد عمارته الخليفة طغتكين بن أيوب وفي سنة 791هـ جدد بناء السور الملك الاشرف إسماعيل الرسولي وحفر الخنادق وفي سنة 1222هـ جدد عمارته حمود بن محمد الخيراتي. ولمدينة زبيد أربعة أبواب :- الباب الشرقي ويسمى باب الشباريق نسبة إلى قرية الشباريق الواقعة شرق المدينة الباب الجنوبي ويسمى باب القرتب نسبة إلى قرية القرتب بوادي زبيد الباب الغربي ويسمى بابا النخل نسبة إلى حدائق النخيل وكان يسمى باب غليفقة الباب الشمالي ويسمى باب سهام نسبة إلى وادي سهام.... وكان يخرج منه الملك نجاح إلى مدينة الكدراء التي تقع بوادي سهام الذي يبعد عن زبيد بثمانين كيلو متراً والذي يسقي 16 كيلو متراً بالقرب من الحديدة .[c1]الدار الناصرية الكبيرة[/c]يعتبر هذا الدار من أهم المآثر في زبيد حيث كان بساحته قصور الزياديين والنجاحيين وقصر الأعز الصليحي وفي سنة 822 هـ عمر الملك الناصر احمد الرسولي الدار الكبير الذي عرف باسمه وهو ما يشمل باب النصر والسجن وثكناته العسكرية والباب وبداخله بستان القصر حيث امتد إليه عين ماء جارية عمرت الأجور الجص فأهملت وتخربت العين عندما نضب الماء ويشمل القصر الآن الحكومة الحالي كما انه كان يوجد عدة بساتين مثل بستان الراحة وبستان برقوق وعدة قصور مثل قصر السلاح وقصر الملكة علم أم الملك المنصور النجاحي بقرية المزيفرية . (د) قصر شحار : يقول ابن المجاور (ص78) في كتابه تاريخ المستفيد : بنى شحار بن جعفر مولى محمد بن عبد الله بن زياد دارا في زبيد ذات طول وعرض بالآجر والجبس بناءً وثيقاً على مقاطع الطريق وكان من تولى زبيد سكنها وكان له باب عال بالمرة ينظرون منه في الطريق على فرسخين وحفر حوله خندق عريض وبقي هذا الباب على حاله إلى أن هدمه المسعود بن يوسف بن أبي بكر الأيوبي سنة 618هـ ويقال إنما سعى في هدمه إلا الأمير أيبك الزيزي... فلما هدمه أخذ آجره وبنى به داراً وكل ما بني من آجره أنقطع ذلك البناء من الأساس أي هدم وقد بقيت إلى الآن آثار ذلك الباب والدرجة شبه الجبل العالي. ثم عرف هذا الدار نجاح وساحته الآن شمال أراضي العرق شرق مقبرة بني عقامة ويعتبر الفاصل بين حدود قبيلة السلامة وقبيلة القراشية وهناك عدة آثار منها مسجد الفازة... على ساحل البحر ومسجد معاذ بن جبل برأس وادي زبيد ومسجد أويس القرني. أو عويساً الهتاري بقرية الحمى وبجواره عدة مساجد وكان بجواره كنيسة قبل الإسلام هدمت في سنة 1358هـ. وعمر بأجوارها مدرسة الفوز الابتدائية بالمدينة ومن المآثر أبار الملك الظاهر يحيى بن إسماعيل الرسولي قرب جبل الداشر وعدة قصور وجبل قونس به آثار من قبل الإسلام ويوجد آثار قصور للدولة الرسولية بنخل وادي زبيد تسمى بالعذيب وقصور شمال المدينة تسمى ساحتها إلى الآن بالقصر وآثار في قرية النويدرة وكل تحتاج إلى تنقيب ومحافظة.
|
ثقافة
اليونسكو تمنح زبيد اليمنية آخر فرصة قبل شطبها من قائمة التراث العالمي
أخبار متعلقة