كلمات
قبل 25 يناير 2011 مباشرة، والشارع يغلى بالغضب وبالمظاهرات والاحتجاجات أمام مجلس الوزراء، وفي المحلة، ضد النظام السابق، تدفقت فتاوى بعض مشايخ السلفيين وبعض الأزهريين، في محاولة يائسة لإنقاذ مبارك ودعمه في مواجهة الثورة الشعبية ضده وضد نظامه، هذه الفتاوى التي مازال يتذكرها الناس حرّمت التظاهر واعتبرته خروجا على الحاكم- ولي الأمر- ويدخل في باب الكفر، ووصفت المتظاهرين في ميدان التحرير «بالخوارج» لأنهم خرجوا على طاعة مبارك التي جبل عليها أصحاب تلك الفتاوى وساروا في ركابها، بدعوى عدم الخروج عليه حتى لو كان ظالمًا ومستبدًا وفاسدًا، وتسبب في فقر ومرض وجوع نصف الشعب، واحتكر الثروة لنفسه ولأبنائه ولأقاربه ومحاسيبه.هؤلاء مثل بهاليل السلطان وخدامه في كل زمان ومكان، يجاورونه ويلتصقون به ليستظلوا به ويغطوا في عطاياه ونعيمه، سواء بالمال أو السلطة أو النفوذ، ويصمتون عن قول الحق في وجهه، بل يقومون بتبرير أخطائه وجرائمه في حق الشعب باسم الدين بفتاوى مضللة لتغييب عقول الناس وصمتهم عن المطالبة بحقوقهم المشروعة وانتزاعها من السلطان الجائر، بل الخروج عليه سواء بالمظاهرات أو الاحتجاجات أو بالعصيان المدني إذا لزم الأمر، وهى أساليب مشروعة أقرتها الدساتير والمواثيق الدولية كحق من حقوق الإنسان التي لا تتنافى مع مقاصد الشرع والدين.ـالكثير من أصحاب النوايا الحسنة ظنوا أن المنافقين للسلطان وللرئيس وتقديسه وتبرير مواقفه باستخدام الدين، وتكفير معارضيه، وتحريم الخروج عليه قد انزووا واختفوا مع مبارك ورجاله بعد الثورة، لكن هذا الظن تبدد بعد تولي الدكتور مرسي منصب الرئاسة، فقد ظهروا أكثر شراسة في النفاق والخداع حتى أنهم شبهوا الرئيس الجديد بالفاروق عمر بن الخطاب.فتاوى ما قبل الثورة ظهرت مرة أخرى، وعلى لسان وزير الأوقاف الدكتور طلعت عفيفي، الوزير الإخوانى في وزارة قنديل، الذي أفتى بأن العصيان المدني ضد الرئيس وجماعته «حرام شرعا»، وهنا لن نناقش الوزير في صحة الفتوى، فهناك أهل الذكر الأجدر بالرد عليه، ولكن الدكتور عفيفي، النائب الأول للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، والعميد السابق لكلية الدعوة بالأزهر في عهد مبارك، لم يقل لنا رأي فضيلته الفقهي مثلاً في مخالفة الوعود الرئاسية، وفي أخونة الدولة، وفي قتل المتظاهرين، وسحل الأبرياء، وهتك أعراضهم، قبل أن يجرم عصيانهم.