قصة قصيرة
لأول مرة أستجمع قواي وأحاول مواجهة وجعي، بالأمس ترددت كثيرا قبل أن أفتح سجل المكالمات الصادرة ، لأطلب للمرة الأخيرة صوتا غاب عن هاتفي، صوتا لم يعد يسكب على مسامعي صلاة العاشقين كل صباح، بكيت كثيرا حتى استنزفت كل قدرة على البكاء، وحتى استطيع التماسك والتظاهر بأن كل شيء على ما يرام، وأن حياتي مستمرة بعدم وجوده بكل تفاصيل يومي.انتظرت على السماعة، كانت الثواني تمر كساعات، سرحت بعيدا، يا إلهي ماذا سيقول عني؟!!! بماذا سيفسر اتصالي؟؟!!عدت إلى وعيي على صوته من الجانب الآخر «آلو السلام عليكم»، تحيته المعهودة، تلعثمت، ولكني بكل ما أوتيت من شجاعة رددت التحية، وسألت عن أخباره كما كل يوم، ونسيت لبرهة أنه اتصال الوداع الأخير، وأن كل ما بيننا سيصبح ملفا في رفوف الذاكرة، وأننا نتجه سويا لوئد قصة عشق ما زالت تعصف بكلينا، وأننا معها نئد كل شيء جميل رسمنا خطوطه معا، لوناه بدموعنا ووشحناه بسواد ليالي انتََظَرَت فجرها الآتي من وراء الحلم.قال لي: أتمنى أن تكوني بخير. ضحكت كطائر يرقص مذبوحا من شدة الألم، «نعم أنا بخير فقد سمعت صوتك» أجبته بصوت خفيض. كان حواراً مطولا تمنى لي فيه حياة سعيدة، ولا أدري كيف ستكون كذلك، وطيفه لا يفارق خيالي المرهق بصوره وصوته يعانق مسمعي فلا أعي سواه.أوصاني بالصوم والصلاة واللجوء إلى من رحمته وسعت كل شيء، طلب عهدا مني أن أعيش حياة وهبت لي كما ينبغي أن أعيشها، عاهدته أن أبقى كما عهدني زاهدة بما ليس لي، زهدت به، واستعجلت الآخرة ورجوت الله مخلصة أن يعجل فيها وأن يكتبني وإياه من أهل الجنة حتى ألقاه هناك في دار البقاء والخلود.استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه، استودعك قلبا ما سكنه غيرك، وروحا ترفرف في عالمك تحرسك ترعاك إلى أن تلقى وجه بارئها.