الأدوية المهربة والمزورة .. كارثة حقيقية تهدد المجتمع .. فمن يوقفها؟!
تحقيق/ بشير الحزمييعاني الكثير من المواطنين اليمنيين جراء وقوعهم ضحية الأدوية المهربة والمزورة التي يتم تداولها في الصيدليات والسوق الدوائية المحلية على نطاق واسع . وهو ما يعد كارثة حقيقية تهدد المجتمع وأمراً في غاية الخطورة يحتاج إلى وقفة صادقة وحازمة إزاءه ،وينبغي على الجهات المعنية التصدي لهذه الظاهرة والوقوف أمامها بحزم وعمل كل ما يلزم للحد منها ومكافحتها..صحيفة (14أكتوبر) ومن خلال هذا التحقيق تقف على أبعاد هذه الظاهرة وأسبابها ومخاطرها وتناقش مع المعنيين في الجهات ذات العلاقة سبل مواجهتها والأدوار المنوطة بهم لتحقيق ذلك.. فإلى التفاصيل:-رئيس الهيئة العليا للأدوية الدكتور عبد المنعم الحكمي قال أن المشكلة عالمية وتعاني منها العديد من الدول لكن الدول تختلف في آليات المكافحة ، ومن يقوم بها هم ضعفاء النفوس بغرض الكسب السريع . فالبعض يهرب أدوية قد تكون من مصادر جيدة والبعض قد تكون من مصادر غير معروفة أو مغشوشة أو مزورة وبالتالي سواء كان الدواء من مصدر جيد أم كان من مصدر مغشوش فنحن دائماً نطعن في جودة هذا الدواء ونقول أن هذا الدواء تم نقله أو تم تخزينه في ظروف غير ملائمة أو غير مناسبة قد تؤدي إما إلى فقدان فعاليته وهذا أخف الأضرار أو قد تؤدي إلى تحويله إلى مواد سامة ضارة بالفرد .وأضاف الحكمي بأن أضرار الأدوية المهربة تعتمد على نوعها ، فهناك أدوية تفقد فعاليتها وبالتالي لا تعود لها فائدة حيث تكمن خطورة مثل هذه الأدوية عندما تكون بعضها منقذة للحياة فعندما يكون الدواء غير فعال تتعرض حياة المريض للخطر، وهنا يجب معاملة هؤلاء المهربين معاملة القتلة وهو ما حرصنا بأن يتضمنه القانون الجديد. كما أن تناول شخص لدواء مهرب قد يترتب عليه أضرار صحية على المدى البعيد خصوصاً أدوية الأمراض المزمنة مثل أدوية القلب وأدوية السكر،وهناك بعض الأدوية التي تتحول إلى سموم نتيجة لحفظها في حرارة عالية ولأنها مواد كيماوية فهي تتأثر بالظروف الجوية وقد تتحول إلى مواد سامة في المريض قد تسبب العديد من الأمراض منها الفشل الكلوي أو السرطان وغيره. لكن الأضرار الاقتصادية تترتب عن التهرب من الرسوم الجمركية والعوائد الضريبية للدولة حيث تتكبد الدولة خسائر كبيرة نتيجة ذلك .أضف إلى ذلك ما تسببه من أضرار غير مباشرة جراء انتشار بعض الأمراض التي تكلف الدولة أعباء اقتصادية كبيرة .وأشار الحكمي إلى أن الهيئة من خلال مندوبيها الموجودين بالمنافذ تقوم بالتحري عن الأدوية التي بصحبة المسافرين إذا كانت لغرض الاستعمال الشخصي أو لغرض الاتجار ويتم بشكل يومي ضبط العديد من الأدوية التي تأتي بصحبة المسافرين فيتم مصادرتها وإتلافها أولاً بأول وذلك بالتعاون مع السلطات المختصة . ولفت الحكمي إلى أن مشروع قانون الصيدلة المقدم للبرلمان والذي سيتم مناقشته خلال هذه الدورة اشتمل على سبعة أبواب وقد تم إحالته إلى لجنة الصحة والسكان البرلمانية لمراجعته وتقديمه إلى قاعة مجلس النواب للمناقشة من قبل النواب وإقراره. وقد أفرد هذا القانون باباً خاصاً للمخالفات والعقوبات وقد حرصنا من خلال هذا القانون على أن تصل العقوبات الخاصة بمهربي أو مزوري الأدوية إلى الإعدام وذلك لتتناسب مع حجم الجرم الذي يقومون به . كارثة حقيقية من جانبه يقول نائب مدير عام الصيدلة بوزارة الصحة العامة والسكان الدكتور احمد عبده نعمان أن تهريب الأدوية هي قضية ترتبط بجهات كثيرة منها الجمارك وخفر السواحل والجهات المختصة بتأمين المنافذ البرية والبحرية ، وأضاف : نحن نواجه هذه الظاهرة عندما تكون موجودة في الأسواق وهذا الأمر يتطلب مجهوداً كبيراً وإمكانيات للنزول الميداني. وأوضح أن هناك نقصاً في الإمكانيات ولا توجد موازنة لدعم نشاط الرقابة الصيدلانية للقيام بواجبها ، مشيراً إلى أن الأخطر ليس الأدوية المهربة وإنما الأدوية المزورة حيث يتم تزوير الأصناف الدوائية التي تقوم بإنتاجها شركات عالمية متخصصة وبعضها تكون منقذه للحياة . وقال تصور عندما تكون هذه الأدوية مزورة والمريض يستخدمها لإنقاذ حياته فأنها تكون بمثابة كارثة حقيقية.وأوضح أن دور الإدارة العامة للصيدلة بوزارة الصحة إشرافي وذلك بالإشراف على مكاتب الصحة التي من المفروض أن تقوم بدورها في هذا المجال . وقال: أحيانا نقوم بالنزول بالإشراف مع مكاتب الصحة . و قد كان معنا خطط في السنوات الماضية للنزول إلى كل المحافظات ولدينا خطة سنويا للنزول لكل محافظة أحيانا مرة أو مرتين وبقية النزولات تقوم بها مكاتب الصحة للقيام بهذا الدور لكن في السنتين الأخيرتين لم نستطع أن نتحرك نتيجة عدم وجود الموازنات الخاصة بهذا المجال .وأشار إلى أن دور مكاتب الصحة في المحافظات في الوقت الراهن سلبي لأنها لا تقوم بدورها المطلوب باستثناء ما قام به مكتب الصحة بذمار قبل شهر تقريبا حيث تم ضبط 40 منشأة صيدلانية تمارس نشاطها بدون أي ترخيص ، وهذا فقط في المدينة .وقال نائب مدير عام الصيدلة أن الإحصائيات الغير مؤكدة تقول أن الأصناف المهربة والمزورة المتوفرة في السوق تصل إلى 30% من حجم السوق الدوائي و هذه كارثة . فالكمية المهولة تدخل الأسواق بدون ضرائب أو جمارك ولا تدعم الاقتصاد الوطني بأي شكل من الأشكال والى جانب ذلك فأن الضرر الأكبر هو تأثيرها على صحة الناس وهو الأهم والأخطر.موضحا أن وزارة الصحة ومكاتبها في المحافظات والهيئات والمرافق التابعة لها هي من تتحمل المسئولية الكاملة في تتبع الأصناف الدوائية المهربة والمزيفة الموجودة في السوق وفي القضاء عليها.. لافتا إلى أن مختبر الدواء لا يقوم بواجبه في تحليل وفحص كل أصناف الدواء التي تدخل إلى البلاد نتيجة عدم توفر الإمكانيات اللازمة للقيام بهذا الدور والهيئة تقوم بمراقبة الموردين المعتمدين .وأشار إلى أن أسباب تهريب بعض الأدوية الحيوية يتم نتيجة استخدامها المحدود كون الوكلاء الرسميون لم يلتزموا باستيرادها ولم تقم الهيئة بإلزامهم بتوريد هذه الأصناف لان كمياتها محدودة والاستهلاك اقل ، ولهذا تجد الموردين الأصليين لا يقومون بتوريدها من المصدر الرئيسي فيقوم الوكلاء و سماسرة الدواء بتهريبها عبر المنافذ . وقال أنه في حالة تم ضبط أي أدوية مهربة أو مزيفة يتم تحريزها وإتلافها بالاشتراك مع جميع الجهات المختصة وإحالة المتورطين إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم . لكن ليس هناك ردع قوي لهم فأحيانا يتم التهاون معهم تحت مبرر انه لا يوجد قانون يخص هذا المجال لردعهم .أسباب متعددةويقول مدير إدارة الصيدلة بمكتب الصحة والسكان بأمانة العاصمة الدكتور محمد مرشد الاغبري نواجه نوعين من التهريب ، أحدهما يتمثل بتهريب الأدوية من المؤسسات الحكومية المختلفة والمدعومة من قبل الدولة إلى المنشآت الصيدلانية الخاصة والنوع الأخر يتمثل بدخول دواء غير مسجل ومقيد لدى الهيئة العليا للأدوية بصورة مخالفة وغير نظامية وتتعدد وتختلف أنواع هذا النوع من الأدوية باختلاف مصادر إنتاجها .واعتبر أن تهريب الأدوية قد وصل إلى حجم الظاهرة في بلادنا ، لأننا بسياستنا الدوائية المتبعة في تسجيل الأصناف نعتمد على النظام المفتوح وحرية السوق الدوائية وهذا لا تجده في كثير من البلدان العربية لذلك نجد أن عملية تهريب الأدوية قائمة وموجودة .وأشار إلى أن التدابير والإجراءات التي قامت بها الهيئة العليا للأدوية حيال عملية التهريب والحد منها في السنوات الأخيرة كان لها اثر ايجابي وأهم هذه الإجراءات هو إلزام مستوردي الأدوية بوضع ختم الوكيل على عبوة أو باكت الدواء يميزه عن الدواء المهرب .وأوضح أن أسباب تهريب الأدوية متعددة ومتشعبة أهمها : غياب النص العقابي الرادع بالقوانين النافذة والمعمول بها حالياً حيال المخالفين ممن يتم ضبطهم من مزاولي مهنة الصيدلة والدواء، اتساع الحدود الساحلية والبريه للبلد مع ضعف الجانب الرقابي وآليته على هذه الحدود، الأزمة التي عصفت بالبلد منذ بداية العام 2011 وما مرت به من أحداث خلالها والآثار السلبية التي نجمت عن ذلك أسهم إلى حد كبير بعودة تفشي عملية التهريب ومنها تهريب الأدوية، سوء السياسة التسويقية لدى بعض وكلاء ومستوردي الأدوية لمجموعة من الأصناف الدوائية المهمة وبالأخص الأصناف التي يندر وجود بدائل شبيهة لمركباتها ، الأمر الذي يؤدي إلى شحتها وانعدامها من السوق الدوائية ، وبالتالي يحفز ذوي النزعة التهريبية إلى السعي لإدخالها بصورة مخالفة، ضعف آلية الرقابة والتفتيش الدوري على المنشآت الصيدلانية من قبل الجهات المختصة ، ارتفاع سعر بعض المنتجات الدوائية الخاصة بالعديد من الوكلاء ومستوردي الدواء بصورة مبالغ فيه عما هو عليه السعر لدى بعض الدول الأخرى ما يدفع إلى إقدام البعض بإدخال هذه الأصناف بصورة مهربة وبيعها بنصف سعر الوكيل ، وتدني مستوى الوعي الصحي .وقال بأن المهرب للأدوية يتبع سبل وطرائق شتى حتى يتمكن من إدخال هذه الأدوية إلى داخل البلد ناهيك عن وسائل خزنها ما قد يعرضها لدرجة حرارة مرتفعة تارة ومنخفضة تارة أخرى والى شموس محرقة وأحيانا تدفن تحت الرمال الملتهبة. الأمر الذي يؤدي إلى تلف المواد الفاعلة في هذه الأدوية وتحولها إلى داء بدلاً من أن تكون دواء ، وتحديداً الأصناف الدوائية المنقذة للحياة كأدوية أمراض القلب والكبد والكلى ،الأدوية الهرمونية ، الأدوية التي يجب أن تنقل وتحفظ بدرجات برودة محدودة كالأمصال و الأدوية الهرمونية المصنعة على شكل فيالات أو أمبولات أو الانسولين .. الخ . أضف إلى ذلك ما تسببه هذه الظاهرة من خسائر اقتصادية على البلد ما يؤدي إلى حرمان خزينة الدولة من المبالغ المفروضة على الأدوية قانونياً.وقال أن دورهم في مكتب الصحة بالأمانة بحسب قانون السلطة المحلية يمثل الجانب الإشرافي والرقابي على عمل فروع المكاتب الصحية في مديريات الأمانة العشر .وهذه المكاتب لا تملك أي اعتمادات أو مخصصات مالية تمكنها من تفعيل هذا الدور الرقابي والتفتيش الدوري على المنشآت مما يجعل بعض اللجان تتحول إلى لجان جباية على مالكي المنشآت الصيدلانية .وفي بعض الأحيان تدخل هذه اللجان في شجار وعراك مع مالكي بعض المنشآت ما يلزم أن يكون بجانبها لجان حماية أمنية تقيها من بلطجة بعض مالكي المنشآت الصيدلانية ممن يتم ضبط أدوية مهربة لديهم أو من يمتنع أساسا عن السماح بتفتيش منشأته ويرفض السماح للجان بدخول المنشأة وتمكينها من التفتيش . ولفت إلى أن محاربة هذه الظاهرة لا يمكن أن يقتصر على جهة بعينها ولكن يلزم تكاتف كل الجهات المعنية وتوحد الصف لمواجهة هذه الظاهرة.وأكد أهمية مناقشة هذه الظاهرة ودراستها ومعرفة أسبابها ومسبباتها وتشخيصها تشخيصاً سليماً من قبل المختصين في الجهات المعنية و استخلاص الحلول الناجحة والناجعة لمعالجتها وصولاً إلى السبل الكفيلة باجتثاثها نهائيا ..ً مطالبا الأخذ بالمقترحات التي قدمها الصيادلة كتعديلات مطلوب إدخالها على مشروع قانون الصيدلة والدواء المطروح حالياً على طاولة مجلس النواب لمناقشته وإقراره ،كونها تضمنت عقوبات رادعة بحق المخالفين للمهنة وسلوكياتها بما في ذلك التهريب والتزوير وكل من يتعامل به من قريب أو بعيد. وأيضا اعتماد الموازنات المالية اللازمة للجهات المختصة بمختلف مستوياتها لمواجهة وتفعيل الجوانب الرقابية الدورية على المنشآت الصيدلانية.دوريات بحريةمدير عام العمليات بمصلحة خفر السواحل المقدم شجاع الدين المهدي قال أن من ضمن المهام الرئيسية لمصلحة خفر السواحل هي مكافحة التهريب بجميع أشكاله المختلفة أكانت تهريب أسلحةأم مخدرات أو البشر أو البضائع الممنوعة وأيضا تهريب الأدوية وهي لا تقل أهمية عن تهريب المخدرات أو الأسلحة بل أنها ظاهرة خطيرة جدا لما لها من تأثير سلبي على حياة المواطن اليمني في ظل عدم وجود الرقابة والتفتيش.وأوضح أن مصلحة خفر السواحل تحتوي على ثلاثة قطاعات أمنية هي قطاع خليج عدن وقطاع البحر الأحمر وقطاع البحر العربي وفي كل قطاع منها نقوم بعملية مكافحة التهريب وبما يتناسب والإمكانيات والقدرات الأمنية التي تمتلكها المصلحة . فعندما نركز على ظاهرة تهريب الأدوية هي عادة تتم في منطقة باب المندب بحسب التقارير والمعلومات التي نتلقاها من بعض الصيادين من جمعية الصيادين أو من بعض الجهات الأمنية المعنية .ويضيف المهدي : دورنا في عملية مكافحة الأدوية نقوم بعملية نشر وتسيير الدوريات البحرية في منطقة باب المندب والخوخة والحديدة والصليف وميدي وهي المناطق التي عادة تكثر فيها عملية تهريب الأدوية وبواسطة قوارب تقليدية كلاسيكية. وظاهرة تهريب الأدوية هي ظاهرة خطيرة جدا والمهربون يقومون باستخدام الوسائل والطرق التكتيكية وعملية التمويه في عملية التهريب . فيقوم بعضهم بالتنسيق مع قوارب الصيد التقليدية اليمنية وهي كثيرة في البحر الأحمر ولذلك قد لا تستطيع أن تفرق آم تميز هل هذه قوارب تهريب آم قوارب اصطياد لذلك العملية تحتاج إلى تنسيق متكامل ما بين الجهات الأمنية والجهات العسكرية ووزارة الثروة السمكية والشئون البحرية ووزارة النقل من اجل مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة.وأوضح أن عملية توفير الأمن البحري ليست سهلة لأنها تحتاج إلي إمكانيات وقدرات عالية والزوارق المستخدمة في هذه العمليات هي مكلفة وباهظة الثمن وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة لبلادنا، لأن قدرات خفر السواحل شحيحة جدا والمصلحة تفتقر إلى الموازنة التشغيلية لزوارق الدوريات متمثلة بوقود وصيانة وقطع الغيار ، فعملية تنفيذ الدوريات البحرية الطويلة لاعتراض المهربن داخل البحر خاصة في إطار المياه الإقليمية أو الاقتصادية أو الدولية تتطلب قدرات زوارق لديها موازنة تشغيل عالية .و هذه من أهم المشاكل التي تعانيها مصلحة خفر السواحل .و تقوم عادة بعرقلتنا عن تنفيذ مهامنا ، و المهربون يستغلون هذه كفرصة ذهبية بالنسبة لهم لأنهم عارفون انه لا يوجد تفاعل بالشكل المطلوب وعارفون محطاتنا على السواحل أيها فعالة وأيها راكدة . لذلك ظاهرة تهريب الأدوية تتطلب تضافر جهود أمنية ومدنية مشتركة خاصة الجهات المعنية بالقطاع البحري بشكل عام.وأشار إلى أن لدى المصلحة ستة مراكز عملياتية على السواحل لكن للأسف معظمها ليس لديها أرصفة أو زوارق مؤهلة تقوم بتنفيذ المهام على مدار الساعة أو تقوم بتنفيذ مهمات سريعة طارئة عند الطلب ، لذلك أصبحت المنطقة من باب المندب حتى منطقة الخوخة شبه ميتة وملاذاً آمناً للمهربين، وقال : عدم تواجدنا الفعال في هذه المراكز العملياتية هو سبب لانتشار ظاهرة التهريب . أضف إلي ذلك أن هناك أكثر من جهة أمنية مسئولة عن الأمن البحري في منطقة باب المندب وغراب وذريرة وجبل الشيخ سعيد وهذا أيضا من ضمن المشاكل الأمنية عدم وجود التنسيق الموحد بين الجهات المسئولة عن مكافحة هذه الظاهرة بمعنى أن كل جهة تعمل بمفردها وهذا ما يسبب وجود شحة في المعلومات.ولفت المهدي إلى أنه في حالة القبض على قارب محمل بالأدوية أو العبوات الفارغة لبعض الأدوية يتم ضبطها وتسليمها للجهات المعنية في إدارة امن المحافظات الساحلية وهي تقوم بدورها بالتواصل مع وزارة الصحة والهيئة العليا للأدوية وتتخذ الإجراءات اللازمة . وأكد انه إذا لم يوجد تضافر للجهود بين وزارة الصحة والجهات الأمنية والعسكرية والبحرية المعنية فلن نتمكن من محاربة هذه الظاهرة الخطيرة.نشاط لا أخلاقيويري الوكيل المساعد لقطاع مكافحة التهريب بمصلحة الجمارك الدكتور عبد الرزاق المرانى أن هذا الموضوع يعد من أهم المواضيع التي تؤثر ليس فقط على خزينة الدولة وإنما أيضا على كافة شرائح المجتمع.وقال أن التهريب بصفه عامة نشاط لا أخلاقي وتجرمه كافة الدساتير والأنظمة والقوانين لكن لظروف نعيشها اليوم من ضعف الرقابة وعدم تواجد الجمارك في كافة المنافذ البرية والبحرية الحدودية نلاحظ دخول مثل هذه الشحنات . وفيما يتعلق بتهريب الأدوية ربما هناك عامل آخر أثار هذه المشكلة وهو الظرف الاقتصادي ، فالناس يلجؤون إلى البدائل أكثر من الوكالات وبناء عليه يتم تشجيع دخول مثل هذه الأدوية ، و الجمارك ومن خلال القوانين القائمة اليوم تقوم بالتعاون مع الهيئة العليا للأدوية بالترخيص لكافة الأدوية والمستلزمات الطبية بالدخول عبر منافذ محددة وعندما تصل شحنه من هذا النوع يتم استدعاء المندوبين المتواجدين في المنافذ المخولة ومن ثم يتم طلب الرأي الفني واستكمال إجراءاتنا الجمركية .لكن الضرر الذي نواجهه اليوم من تهريب الأدوية المقلدة والمزورة للتخلص من ظرف الوكالات والتهريب من الحصول على أدوية قليلة الثمن بغض النظر عن مواصفاتها والمكونات أو حتى على الأقل الشركة التي تقوم بنقل مثل هذه الأدوية هو أن بعض الأدوية تتطلب نقلاً خاصاً أثناء شحنها من بلد المنشأ إلى بلد المقصد وفي حالات التهريب لا يتم مراعاة أي دواع للأمن والسلامة والنقل والحفظ للدواء أو ما شابه ذلك .وأكد وجود الأدوية المقلدة اليوم في الأسواق بشكل كبير نتيجة هذه العوامل سواء بدافع الوكالة أو النشاط الاقتصادي أو ضعف الرقابة أو بعدم تعاون الجهات الأخرى . لافتا إلى أن هذا العامل يعد من العوامل المؤثرة سلبيا حيث يلاحظ وجود مثل هذا النشاط في منافذ تكون فيها جهات رسمية من الجيش أو من الأمن ويتم تحركها دون حسيب أو رقيب . ومثل هذه الحالات تجعل المشكلة أكثر تعقيدا وبالتالي توجد الكثير من الأدوية المقلدة ، وهذه الأدوية عندما تأتي إلى المواطن ذي الدخل المحدود دائما يفكر بالمرض وكيفية التخلص منه ولا يفكر ما هو العلاج المناسب وهل مصدر العلاج رسمي أو غير رسمي وهل هو مقلد أو مزور أو مهرب أو غير صالح للاستخدام . وقد تكون أحيانا مخالفة للمواصفات بل لا يجوز استخدامها عالميا لكن يتم إدخالها ويتم استخدامها ، وما انتشار الأمراض المستعصية الموجودة اليوم في مجتمعنا اليمني إلا دليل واضح على استخدام مثل هذه الأدوية المقلدة المخالفة للمواصفات والمعايير الدولية المطلوب توفرها في منتج العلاج.ويؤكد المراني أن منتج العلاج مهم جدا ولا يقل أهمية عن الغذاء باعتبار أن البلد لا يزال يعاني من الأمراض العديدة وتكمن خطورة الأمر في أنه بدلا من الحد من انتشار مثل هذه الأمراض تزداد الخطورة وتزداد التكلفة سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى الدولة من خلال الحالات التي يتم ابتعاثها للخارج ويكون سببها ربما العلاج المقلد أو المزور أو المهرب الذي استخدمه الشخص بغية الحد من انتشار المرض وكان من نتائجه الفعلية حصول مضاعفات ومخاطر نحن في غنى عنها.وقال : نحن في مصلحة الجمارك نقوم بتطبيق قانون الجمارك وقوانين الجهات الأخرى ذات العلاقة ومنها قانون الهيئة العليا للأدوية . وخلال الفترة القليلة الماضية تم تقديم قانون الدوائي للبرلمان لإصدارة بشكله المتكامل. لكن اليوم نحن نتعامل من خلال قانون وزارة الصحة فيما يتعلق بالهيئة العليا للأدوية وبالتالي قانون الهيئة يتطلب الفحص أثناء وصول الشحنة وتقديم الرأي الفني ومن ثم استكمال الإجراءات . وهناك حالات ضرورية نتعاون فيها مع الهيئة العليا للأدوية بحيث لا يتجاوز بقاؤها 12 ساعة خاصة في حالة الأمصال أو الغسيل الكلوي أو ما شابه ذلك ويتم الإفراج عنه بصورة مستعجلة ولكن نحن نطمح إلى أن تكون هنالك قائمة وطنية يتم من خلالها العمل في كافة المنافذ الجمركية وأن تكون هذه القائمة محدثة . ونحن في الجمارك نعمل على تحقيق التوازن طبقا للمعايير الدولية بتسهيل الإفراج وفي نفس الوقت إحكام الرقابة في المنافذ .وأوضح أن الإشكالية اليوم هي أن هناك مجالات شجعت على انتشار الأدوية المقلدة والمزورة فالرقابة على الصيدليات تكاد تكون معدومة . وقال : عندما نقوم من وقت لأخر بضبط كميات كبيرة بعضها لا تدخل السوق - ونحن في هذا المجال نكون الحارس الأول في المنافذ الحدودية لمنع دخول أي خطر على المواطن وعلى المجتمع . - نستكمل إجراءاتنا وأدوارنا مع الهيئة العليا للأدوية ونكون ملفاً للقضية وإذا ما تضح لنا فنيا وقانونيا بأنها أدوية مقلدة أو مزورة يتم إتلافها أو إعادتها إلى بلد المنشأ وهذا إجراء منصوص عليه بقانون الجمارك وقوانين الجهات الأخرى ذات العلاقة . داعيا إلى تكامل الجهود بين الهيئة العليا للأدوية ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة وأجهزة الدولة المختلفة والمواطنين. وخلق وعي ايجابي ضد كل مهرب .ولفت المرانى إلى أن هناك إجراءات رادعة في القانون وعقوبات منصوصاً عليها في مواده . منوها إلى وجود كميات كبيرة يتم تهريبها وانتشارها وتداولها دون قيام الجهات ذات العلاقة بضبطها من خلال الرقابة على الصيدليات والمواصفات والمقاييس والهيئة العليا للأدوية من خلال تكوين فرق عمل للتفتيش وضبط أي أدوية مخالفة أو مقلدة تتدخل السوق اليمنية وتحديد مصادرها واتخاذ إجراءات رادعة . وطالب بإعادة النظر في خطة الدولة في الرقابة الحدودية وهو المنطلق الأول لمكافحة هذه الظاهرة ، ثم إعادة النظر في الآلية المتبعة حول تعاون الجهات الأمنية والعسكرية مع الجمارك في المنافذ الحدودية الجمركية التي يتواجد فيها ضباط أو مكاتب الجمارك ، ولابد من وعي وهذا تشترك فيه كافة الأجهزة الحكومية وغير الحكومية لخلق رأي عام داعم ضد كل مهرب أدوية ، متطلعا إلى خلق وعي وإستراتيجية وآلية تتكامل فيها الأدوار بين كافة الجهات المعنية للحد من هذه الظاهرة .و تشديد العقوبات في قانون الأدوية الجديد على المخالفين والداعمين لهذا النشاط.أسباب وحلولعضو المكتب التنفيذي الأعلى لنقابة الأطباء والصيادلة الدكتور مطهر الفيل تحدث بدوره وقال : تهريب وتزوير الدواء يشكل خطرا حقيقيا على صحة وحياة المريض بالإضافة إلى آثاره الوخيمة على الاقتصاد الوطني وزيادة الأعباء المترتبة على الدولة ، موضحا أن التقديرات الرسمية تشير إلى أن نسبة الأدوية المهربة والمزورة لا تتعدى 10 % لكنها وفقاً للتقديرات غير الرسمية تصل إلى 60 % من إجمالي السوق الدوائية المحلية.وقال : على الرغم من انتشار الأدوية المهربة والمزورة في اليمن لا توجد إجراءات حاسمة وملموسة لمكافحتها على ارض الواقع وقد تسبب ذلك بالعديد من المشاكل والكوارث الصحية والاجتماعية والاقتصادية . ومن أهم أسباب انتشار هذه الظاهرة عدم استيعاب الكثيرين للفرق بين الدواء الأصلي والمهرب من حيث الفعالية والمواصفات معتقدين أن الفرق هو في السعر كون المهرب لا يخضع للضرائب أو رسوم التسجيل والاستيراد أو أرباح الوكيل ، ومن أهم العوامل التي ساعدت في انتشار الأدوية المهربة والمزورة في اليمن غياب أصناف من الدواء في السوق الدوائية ، تحفظ المواطن تجاه الأدوية المحلية وتفضيل الأدوية المستوردة، ارتفاع أسعار الأدوية الأصلية مقارنة بالمهربة والمزورة، ضعف القدرة الشرائية لدى كثير من المواطنين، قلة الوعي بمخاطر وأضرار الأدوية المهربة والمزورة، ضعف الجانب الرقابي وأيضا وجود فساد مالي وإداري مساعد ، قلة الإمكانيات البشرية والفنية والمالية للجهات المعنية، قصور تشريعي وعقابي ضد مرتكبي هذه الظاهرة.وأكد أن حل هذه المشكلة يتطلب أولا الاعتراف بالمشكلة من قبل الحكومة وإعطاءها الأولوية في المعالجة، سن التشريعات القانونية المناسبة وتشديد العقوبات ، دعم مختلف الفعاليات لمكافحة هذه الظاهرة ، التنسيق والتعاون بين مختلف الجهات المعنية وأيضا مع الدول المجاورة، دعم القطاع الصحي ماديا وبشريا وفنيا وبما يمكنه من مكافحة هذه الظاهرة، تفعيل دور منظمات المجتمع المدني المعنية بمكافحة هذه الظاهرة.وطالب الجهات المعنية بتكثيف الحملات التفتيشية للصيدليات، وإلزام الوكلاء بوضع تسعيرة الدواء ، وتكثيف النشاط التوعوي الموجه للمواطن للإبلاغ عن أية أدوية مهربة أو مزورة والتعريف بمخاطر استخدامها.وقال أن من أهم واجبات نقابة الصيادلة الرقابة على أداء الأجهزة الصحية في مجال الأدوية،وقد قامت النقابة بتشكيل لجنة لمتابعة مشروع قانون الصيدلة والدواء المقدم إلى مجلس النواب وقمنا بعمل التعديلات اللازمة عليه ونناشد لجنة الصحة بالمجلس الأخذ بها للخروج بقانون يلبي رغبات الشعب اليمنى وأصحاب المهنة وصناع القرار في مكافحة تهريب وتزوير الأدوية وضمان جودة الدواء .توعية المواطنينوختاما يقول مدير عام المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني عبد السلام سلام إن تمتع المواطن بقدرٍ من الوعي حيال الأدوية ومصادرها الآمنة، هو ما ننشده، ولذلك نريد أن ينصب اهتمام وسائل الإعلام على توعية المواطنين بخطورة الأدوية المهربة والمجهولة المصدر وكذا المزورة لسد الفجوة المعرفية في مجتمعنا والتي بات معها الكثيرون لا يفرقون بين الدواء الآمن المعتمد رسمياً والدواء المهرب أو المجهول المصدر الذي قد يضرر بصحة مستخدميه ويكون سبباً في زيادة معاناة المرضى بدلاً من معالجتهم.وأضاف أن المريض أمانة في عنق الطبيب المعالج والصيدلي، ومن المفترض تلقيه النصيحة منهما أو من أحدهما، كون المريض لا يستطيع معرفة ما إذا كان الدواء مزوراً أو مهرباً أو معتمداً ومصرحاً به.وأوضح أن المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني، قد اعتمد أوجهاً عدة في التوعية الصحية الجماهيرية بمخاطر الأدوية المهربة والمجهولة المصدر والمزورة فشملت الفضائيات وجميع الإذاعات اليمنية والصحافة الرسمية وذلك من خلال التنويهات والفلاشات التلفزيونية والأخبار القصيرة على الشريط الإخباري مع عدد من حلقات برنامج نسائم العافية عبر قناة اليمن الفضائية، وأيضاً من خلال التنويهات والبرامج والحواريات التمثيلية الإذاعية. بينما تمثل إسهام المركز عبر الصحافة في إعداد مقالات ولقاءات وتحقيقات وتنويهات صحفية ونشرها في الصحف الرسمية.مشيدا بتعاون وسائل الإعلام في هذا الجانب، وقال : مع ذلك تظل التوعية بهذه القضية الحساسة للحد من تهريب الأدوية بما فيها الأدوية المجهولة المصدر والمزورة، تظل على المحك وبحاجة إلى تكريس سائل الإعلام المختلفة مساحات أوسع للتوعية، كي تثمر إحداث التغيير المأمول في سلوكيات الناس بإكساب المجتمع وعياً كافياً حيال تلك الأدوية فيتجنبونها؛ ليشكلوا سداً منيعاً معيقاً ومحبطاً لتهريب الأدوية ومهربيها.