على مدى العقود الماضية كان قضاء مصر الجليل هو المظلة التي يحتمي بها الإخوان في مواجهة عسف السلطة، وتغولها عليهم.. كان القضاء هو الحصن الحصين لهم، ولغيرهم من المصريين.. وكان قضاة مصر الأجلاء بأحكامهم الرادعة هم النصير للشعب المصري في كل قضاياه، ومواجهاته مع سلطات الاستبداد في البلاد.وقضاة مصر، وقضاة المحكمة الدستورية العليا على الخصوص، كانوا الحامي للدستور، والساهر على تطبيق القوانين، والحريص على أحكام العدالة.. ولهذا كانت أحكام بطلان انتخابات مجلس الشعب أعوام 1984، و1987، و1990 والتي أصدرتها المحكمة الدستورية العليا بمثابة انتصار لكل القوى الوطنية، والشعبية المصرية، وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين التي حصدت في البرلمانات المختلفة في تلك الفترة عددًا من المقاعد، لا بأس بها، وكل ذلك بفعل صمود القضاء في مواجهة نظام الفساد والاستبداد.. بل إن وقفة قضاء مصر العظيم في أعقاب انتخابات برلمان 2005، وتحمل القضاة لعسف السلطة وطغيانها، كانت الشرارة التي حملت المجتمع المصري إلى مرحلة التحول والتغيير، ومهدت الأجواء لثورة الخامس والعشرين من يناير، والتي كانت محصلتها حصول الإخوان علي أغلبية مقاعد البرلمان، وبلوغ مرشحهم للرئاسة لمنصب رئيس الجمهورية، في انتخابات حرة، كان لقضاة مصر الفضل الأكبر في بلوغها تلك المراحل من النزاهة والشفافية.ولأن الإخوان المسلمين أثبتوا خلال ممارستهم السياسية، والشعبية على مدى الشهور الماضية، أنهم لا يتمسكون بعهد، ولا يحرصون على وعدٍ، وأن التخلي عن المواثيق هو أحد أبرز ممارساتهم، والانقضاض على رفاق الدرب أحد سلوكياتهم الواضحة، فقد راحوا ينقلبون على القضاء الحر، والذي بفضل حياديته وموضوعيته، ونزاهته، يتصدرون اليوم المشهد السياسي في البلاد.لقد كان من المثير، والغريب، والمستهجن أن يشن الإخوان، ورئيسهم القابع في القصر الرئاسي واحدة من أشرس حملات التشويه، والتشكيك في قضاة مصر النبلاء، ويسعون للنيل منهم بكل السبل والوسائل، معتمدين في ذلك على حرب الشائعات والأكاذيب، وإطلاق الاتهامات المرسلة، التي لا سند لها من قانون.. وهو ما وضح جليا في بيان المستشار ماهر سامي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، حين فند بقوة وحسم كل ما قاله محمد مرسي من اتهامات بحق قضاة المحكمة الدستورية العليا في خطابه الذي ألقاه أمام أهله وعشيرته الجمعة قبل الماضية أمام قصر الاتحادية.يومها اتهم مرسي قضاة الدستورية العليا بأنهم يسربون الأحكام قبل صدورها، وهو ما رد عليه المستشار (ماهر سامي) حين قال: (لقد طلبنا من الرئيس أن يقدم أدلته على الاتهام الكاذب، إلا أنه لم يقدم شيئًا يذكر).وقبل ذلك ساقوا الاتهامات والافتراءات الكاذبة ضد المستشار (عبدالمجيد محمود) النائب العام، دون أن يقدموا دليلا واحدًا علي مزاعمهم الكاذبة، وهو ما أوضحه المستشار (عبدالمجيد محمود) خلال اجتماع الجمعية العمومية الطارئة لقضاة مصر، والذي كشف فيه كل الأسباب التي دفعت جماعة الإخوان (غير الشرعية) للتربص به والإطاحة به من منصبه.لقد أثبت الإخوان ألا صديق لهم، ولا عهد لهم، وأنهم يستخدمون أساليب الترهيب، وإرهاب من يخالفونهم الرأي لتحقيق أهدافهم في التكويش على السلطة، والاستبداد بكل المواقع القيادية، وفرض إرادتهم وحدهم علي المصريين، وتحويل مصر من دولة حرة إلى (عزبة للإخوان) يتحكمون فيها كيفما شاؤوا، وحسب ما يخططون، مستخدمين الأدوات الجماهيرية، من مواطنين بسطاء، وآليات، وأدوات أتقنوها عبر تاريخهم السري، في توظيف غير مشروع للمصريين، من أجل تكريس أوضاعهم الخاطئة، وسياساتهم المرفوضة من غالبية أبناء الشعب المصري.
الإخوان.. والقضاة
أخبار متعلقة