تشهد مصر وتونس حالة ساخنة من المواجهات والاستقطابات الحادة بين القوى الفاعلة قي العملية السياسية الانتقالية ــــ على نحو لم يسبق له مثيل في العالم العربي ـــ بسبب إصرار قوى الإسلام السياسي على فرض رؤية ايديولوجية ملتبسة للعلاقة بين الدين والسياسة من جهة، وبين الدين والمجتمع من جهة أخرى ، الأمر الذي أوجد مخاوف عميقة بين القوى المدنية من فرض إعادة إنتاج نمط دولة (طالبان) في كل من مصر وتونس ، وما يترتب على ذلك من تدمير أسس الدولة والمجتمع في هذين البلدين تحت مسمى الربيع العربي و تطبيق الشريعة الإسلامية !!والحال ان القوى المدنية في مصر وتونس لا ترفض ـــ وحدها ــــ نهج إمارة “طالبان” التكفيري الظلامي، و سياساتها المعادية لحقوق الإنسان والمهينة لكرامة المرأة والمسيئة لصورة الاسلام .فقد شاركها الكثير من قادة الدول والحكومات والأحزاب والمنظمات غير الحكومية وأنصار الحرية والسلام العالمي، بما في ذلك ملايين العلماء والكُتـَّاب والمفكرين والصحفيين والفنانين والرياضيين ورجال الدين المستنيرين في جميع أنحاء العالم، حيث بقيت إمارة “طالبان” معزولة خارج إطار المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي.. ولم يعترف بها حتى عشية سقوطها سوى باكستان المجاورة؛ لأنها كانت صنيعة أجهزتها الاستخبارية!! واللافت للنظر ان يدعو أمير ما يسمى بتنظيم «القاعدة» الموحد في شبه جزيرة العرب إلى تخليص الشعوب الإسلامية مما أسماها (الجاهلية الجديدة) ، وبناء المجتمع الإسلامي المثالي على غرار نموذج إمارة «طالبان» التي ( أقامت العدل وطبقت الشريعة الإسلامية واستنهضت فريضة الجهاد ضد فسطاط الكفر ومن والاه من الحكومات المرتدة و الطوائف الممتنعة ) بحسب قوله .. ومما له دلالة انخراط ( شيوخ ) الاحزاب ا والفضائيات الاسلامية المصرية والتونسية في الدفاع عن إمارة “طالبان” ونهجها الظلامي وسياساتها الإرهابية داخليا وخارجيا،، حيث يزعم هؤلاء (إن الإعلام الغربي ومن يدور في فلكه في بلاد المسلمين شوهوا صورة طالبان..) ويتهمون (الذين يشوهون طالبان بتشويه الحكم الإسلامي ) !!! و لاينفرد شيوخ الاسلام السياسي في مصر وتونس لوحدهم في الدفاع عن نظام حكم “طالبان” المقبور ، ومشروعه التكفيري الظلامي ، بل إن شيوخـا سلفيين آخرين يواصلون رفع رايات وبيارق المعارك المسعورة ( الشيخ ) ضد طوائف المجتمع العربي في العراق والكويت والبحرين وعمان والسعودية ولبنان وسوريا والسودان وشمال افريقيا من أتباع الشيعة الاثني عشرية والاسماعيلية والأباضية ، والفرق العلوية والصوفية والأشعرية وكل الذين امتنعوا عن سب ولعن الخليفة الراشد والصحابي الجليل علي بن ابي طالب ، ورفضوا مبايعة وتنصيب الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، وهي معارك تنصب في مجرى الاجندات الخارجية الرامية الى نشر الفوضى في بلدان الشرق الاوسط (الكبير) وتكريس الانقطاع الحضاري، والاقامة الدائمة في الماضي، وإحياء صراعات الأسلاف من (الروافض والنواصب ) في العصور الغابرة ، وصولا الى ضرب السلم الأهلي في المجتمع العربي ، وتمزيق نسيجه الوطني والقومي والاجتماعي، وإغراقه في أتون حروب أهلية طائفية ومذهبية .وبوسع من يقرأ كتاب ( الحصاد المر ) وكتاب ( الولاء والبراء) وكتاب ( التبرئة ) وكتاب ( فرسان تحت بيارق النبي) وغيرها من أدبيات تنظيم ( القاعدة) التي تعد الأساس الفقهي والنظري للمشروع السياسي والأيديولوجي الذي تولت تطبيقه إمارة ( طالبان) الإسلامية في أفغانستان من خلال قوانينها الشهيرة التي سنعرضها لاحقـا، أن يلاحظ تطابقـا تامـا بين أفكار “القاعدة” و”طالبان” ، وبين أفكار شيوخ الحركة الصحوية السلفية في مصر وتونس و اليمن والسعودية، وهي الحركة التي أنتجت ما يسمى بتنظيم ( قاعدة الجهاد في شبه جزيرة العرب) بعد اندماج جناحي ( القاعدة ) في السعودية واليمن.. ومن أبرز هؤلاء الشيوخ محمد بن عقلاء الشعيبي رحمه الله ، وربيع بن هادي المدخلي وعلي الخضير وسفر الحوالي وناصر الفهد وعبدالمجيد الزنداني وعبدالوهاب الديلمي وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم ..وبحسب الباحث السعودي الإسلامي سعود القحطاني في كتابه ( الصحوة الجديدة للإسلام السياسي ) والدكتور غازي القصيبي ـــ رحمه الله ــــ في كتابه الشهير (حتى لا تكون فتنة)، والذي لم أجد أفضل منه عنوانا لهذا المقال ، يمكن النظر إلى ( مذكرة النصيحة ) التي رفعها عدد من الفقهاء السلفيين في السعودية أوائل التسعينات من القرن العشرين المنصرم ، بوصفها الطلقة الأولى لمشروع طلبنة الدولة السعودية قبل أن تولد حركة وإمارة “طالبان”، حيث طالبت المذكرة برد كل أمر معضل إلى من أسمتهم (العلماء) ، ثم تقرر أن رجال الدين هم وحدهم (أهل العلم) الذين تحتاجهم الدولة لا غير دون غيرهم من علماء السياسة والاقتصاد والطب والهندسة والفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والمال والطاقة والمياه والمعادن والإدارة والزراعة والاتصالات، وغيرها من العلوم التي لا يمكن بدونها بناء الدولة الحديثة والمجتمع المتحضر على أسس علمية.و طالبت المذكرة بمراجعة القوانين والانظمة القائمة في المملكة العربية السعودية لأنها (وضعية ) وتصادم الشريعة الاسلامية بحسب زعم موقعيها، كما طالبت أيضا بإيقاف الصرف على الملاعب الرياضية والمعارض وإلغاء البنوك التجارية وأسواق الاسهم والقروض التي تحتسب الفوائد ، ووضع سياسة إعلامية تركز على المقاصد الشرعية ، وإيقاف الاختلاط في الأسواق والمجمعات التجارية ومنع عمل المرأة في الشركات والمؤسسات العامة والخاصة ، ووقف بث الأغاني وحظر استخدام المعازف والآلات الموسيقية، وحظر إظهار ما أسمته المذكرة عورة الوجه وعورة الكفين للنساء في التلفزيون السعودي ، ومنع توزيع الجرائد والمجلات التي تنشر أفكار الكفر والعلمنة والسفور والخلاعة والصور والرسومات. ، وهو نفس مايدعو اليه شيوخ الاسلام السياسي في مصر وتونس هذه الايام تحت شعار (الربيع العربي ) الى حد أن أحد المشاركين ـــ من أعضاء جماعة الاخوان المسلمين ـــ في ندوة تليفزيونية بثتها قناة مصر 25 التابعة لهذه الجماعة ، انتقد ظهور الرئيس محمد مرسي قبل اسبوعين في مقابلة علنية بثتها قنوات التلفزيون المصري الحكومي ، وأجراها معه مذيع ومذيعة ، حيث تركز النقد على ظهور الرئيس وهو يتحاور مع إمرأة بذريعة أن الشريعة الاسلامية لا تجيز ذلك!!!وكما هو معروف فقد رفضت الحكومة السعودية بصورة حازمة كافة المطالب الواردة في تلك المذكرة، التي استهدفت طلبنة الدولة السعودية، حيث رفض الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله تغيير الأوضاع القائمة التي كان الصحويون السلفيون يكفرونها ويطالبون بإلغائها على نحو ما قامت به حركة “طالبان” التي يدافع عنها اليوم شيوخ وكهنة الاسلام السياسي في مصر وتونس، ويعتبرون انتقادها (استهدافـا وتشويهاً للحكم الإسلامي)، بحسب قوله المنشور في صحيفة “الأهالي” اليمنية. ولم يكتف الملك فهد بذلك الموقف بل إنه قام بتطوير تلك الأوضاع سواء من خلال إنشاء مجلس الشورى الذي أنهى ثنائية السلطة بين الأسرة المالكة ورجال الدين، وذلك من خلال إدخال الكفاءات والخبراء والعلماء في جميع المجالات كشريك في إدارة شؤون الحكم ، وتقديم المشورة للحكومة . فيما قام الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ أن كان نائبـا للملك ووليا للعهد بسلسلة من الخطوات الإصلاحية بالاتجاه المضاد لمذكرة (النصيحة) التي وقع عليها أبرز رموز الحركة الصحوية السلفية في السعودية، والذين يعتبرون الآباء الروحيين لشيوخ الحركة الصحوية السلفية في اليمن، حيث أكد الملك عبدالله على أهمية الاعتراف بالتعددية عبر إنشاء مركز الحوار الوطني وتشجيع الحوار والنقد والانفتاح على الرأي الآخر والمذاهب غير الوهابية في الصحافة ووسائل الإعلام السعودية، وأبرزها المذهب الشيعي الاثا عشري الذي يؤمن به قسم كبير من مواطني ومواطنات المملكة .. ثم قام في العام الماضي 2009 م بتعديل تركيب هيئة كبار رجال الدين في المملكة حيث ضم الى عضويتها عددا من فقهاء المذهب المالكي والحنفي والشافعي لأول مرة في تاريخ المملكة ، وهو ما يرفضه السلفيون المتشددون من أتباع المذهب الوهابي الحنبلي ويثير حفيظتهم ، لأنهم لا يريدون صوتـا يسمعه الناس في الساحة سوى صوتهم فقط ، ولا يريدون مشروعا سياسيا وأيديولوجيا سوى مشروعهم الذي أنتج حركة “طالبان” و”القاعدة” في أفغانستان والسعودية واليمن وغيرها من البلدان التي اكتوت ولا زالت تكتوي بنار التطرف والارهاب ، بتغطية أيديولوجية فقهية من شيوخ الحركة الصحوية السلفية في الجزيرة العربية على نحو ما جسدته تجربة (طالبان) بدعم وتأييد من هؤلاء الشيوخ وأبرزهم الشيخ الراحل محمد بن عقلاء الشعيبي رحمه الله .ومن المعروف ان عزلة نظام حكومة ( طالبان) عن المجتمع الدولي تعود الى رفضها الاعتراف بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وغيرها من المواثيق الدولية بوصفها تشريعات(وضعية) تصادم الشريعة الاسلامية وفقاً للمنظور الفقهي السلفي الوهابي لنظام (طالبان) وتنظيم (القاعدة).وبحسب مقابلة صحفية أجرتها قناة ( الجزيرة ) مع المنظر العقائدي لحركة (طالبان ) الشيخ جلال الدين حقاني في اكتوبر 2001 م فان (( الانضمام الى الامم المتحدة حرام لان هذه الهيئة محكومة بالنظام الرأسمالي العلماني والانضمام الى الأمم المتحدة يعني الاحتكام اليها والقبول بقراراتها ومواثيقها وتشريعاتها الدولية الوضعية وهذا يعني الرضا بالانظمة العلمانية والوثنية التي تحكمها وهو محرم شرعاً ، علاوة على ان الامم المتحدة اصبحت الاداة الامريكية في تأديب الدول ونشر استعمارها واحتلالها وممارسة غطرستها وهيمنتها، والانضمام إليها اعانة لامريكا في كفرها ) !!ولا نبالغ حين نقول إن الاطلاع على تعميمات حكومة امارة (طالبان ) الصادةر في 17/ 12/ 1996م ، بعد دخول كابول بحوالي شهرين ، والموقع عليها باسم مولوي عنايت الله بليغ نائب الوزير في الرئاسة العامة للامر بالمعروف والنهي عن المنكر، يساعد على كشف طبيعة نظام الحكم (الاسلامي) الذي تسعى قوى الاسلام السياسي الى بنائه تحت شعار ( إقامة حاكمية الله وتطبيق الشريعة الاسلامية ) حيث فرضت هذه التعميمات قائمة من المحظورات بلغ عددها 16 محظورا على النحو الآتي :1 - يحظر على سائقي سيارات الاجرة السماح بركوب النساء اللائي يرتدين ( البرقة ) الإيرانية ( العباءة التي تغطي الرأس والجسم ولا تغطي الوجه والكفين) . وكل سائق سيارة يخالف هذا التوجيه يعرض نفسه للسجن. كذلك يحظر على السائقين السماح بالركوب للنساء اللاتي يرتدين ثياباً مثيرة للانتباه ويخرجن إلى الشارع بغير محرم . وإذا ما شوهدت امرأة في الشارع وهي مرتدية برقة الروافض التي لا تغطي الوجه والكفين فإن زوجها سوف يتعرض للعقاب .2 ــ يمنع عمل أو تعليم النساء خارج البيت ، ويتم اغلاق كافة المدارس والمعاهد والكليات التي تتعلم فيها البنات في كل انحاء الامارة الاسلامية . ومن يخالف ذلك من النساء او المؤسسات سيتعرض للجزاء الذي يقره شرع الله بهذا الشأن .3 ــ التصوير وطباعة ورسم التصاوير حرام دينا وشرعا ، ويحظر التعامل مع كل ما يتعلق بالصور والتصاوير مثل محلات واجهزة وآلات التصوير وأدوات الرسم والتلفزيون والسينما وخلافه ، وسوف يتم تطبيق الحدود الشرعية على كل من يمارس هذه المحظورات والمحرمات بعد خمسة ايام من صدور هذا الاعلان .4 ــ الموسيقى ممنوعة في البيوت والمحلات التجارية والفنادق والسيارات ، وبعد خمسة أيام من صدور هذا الاعلان إذا عثر على شريط موسيقي في أي بيت أو محل أو سيارة فإن صاحبه يتعرض للسجن ، فضلا عن أن المحل سيغلق وسيفرج عن الشخص في حالة ما إذا تقدم لضمانه خمسة أشخاص.5 ــ بعد شهر ونصف الشهر من صدور هذا الاعلان ، فإن أي شخص يحلق لحيته أو يقصها بأقصر من طول الكف سوف يلقى القبض عليه ، وسوف يودع السجن حتى تنمـــــــو لحيتـــه!!!!!6ـ حين يرفع الأذان للصلوات يتعين على الجميع أن يتجهوا إلى المساجد لأداء الفريضة . وينبغي إغلاق المحلات وإيقاف المواصلات والغاء الألعاب الرياضية لأنها تلهي عن الصلاة وذكر الله وإذا عثر على أحد في متجر او ملعب أو مركبة سابلة او سائرة فسوف يودع الحجز ، وسيطلق سراحه بعد التعزير به إذا ضمنه خمسة أشخاص و إلا فإن احتجازه سوف يستمر لمدة عشرة أيام مع التعزير .7 ــ تمنع تربية الحمام واللعب بالطيور وبعد عشرة أيام فإن من يخالف الأمر سوف يسجن وتذبح طيوره .8 ـــ يحظر اللعب بالطائرات الورقية أو المراهنة عليها ، لما يترتب على ذلك المنكر من مخاطر تصيب الاطفال وتلهيهم عن قراءة القرآن وذكر الله. وعلى المحلات التي تبيع الطيارات أن تكف عن بيعها والترويج لها .9ــ على أصحاب المحلات التجارية والفنادق والسيارات أن يرفعوا أي تماثيل أو صور أو دمى للأشخاص والحيوانات والطيور والاسماك ومن يخالف ذلك سيعرض نفسه للعقوبة الشرعية . 10 ــ المقامرة ممنوعة وكل من يضبط وهو يلعب القمار او المسابقات المسماة باليانصيب سوف يسجن لمدة شهر .11 ــ يمنع إطلاق الشعر والتشبه بالكفار ، ومن يخالف الأمر سوف يلقى القبض عليه وعلى المسئولين عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يحلقوا شعره وأن يحصلوا منه على أجرة الحلاقة.12 ــ يمنع على الشركات والمؤسسات والمصارف ومحلات الصرافة التعامل بالقوانين الوضعية ذات المسميات الوطنية والدولية لتعارضها مع حكم الله ، كما يمنع ايضا التعامل بالفائدة على القروض أو على أي معاملات مالية في داخل الامارة الاسلامية او مع دول الكفر ، حيث أن ذلك يعد مخالفة صريحة للتعاليم الإسلامية، ومن يخالف الأمر سيودع السجن لمدة طويلة بحسب ما يراه ولي أمر المسلمين في الامارة الاسلامية. 13 ــ يمنع على النساء غسل الثياب على ضفاف الأنهار ، ومن تخالف هذا الأمر سوف تعاد إلى منزلها، وأما زوجها أو ولي أمرها فسوف يعاقب بشدة .14 ــ يمنع الغناء واستخدام الموسيقى والمعازف أو ممارسة الرقص بكل أنواعه في حفلات الزفاف وفي حالة المخالفة فإن رب الأسرة سوف يلقى القبض عليه ويعاقب .15 ــ يمنع استخدام ايقاع الطبول ومن يخالف الحظر فسيقرر العلماء كيفية التعامل معه .16 ــ يحظر على الرجال خياطة ثياب النساء وتحديد قياسات أجسامهن والمخالف سيتعرض للسجن . ومما له دلالة أن الممارسات التي قامت بها الجماعات الاسلامية المتحالفة مع جماعة الاخوان المسلمين في قطاع غزة و منطقة شمال سيناء وبعض المناطق التي صوتت للرئيس محمد مرسي في شرق محافظة أسيوط التي كانت معقلا للجماعات الجهادية في مصر خلال الثمانينات والتسعينات ، حيث حرص الرئيس المصري محمد مرسي ـــ قبل اندلاع الأزمة السياسية في مصر ـــــ على زيارتها والقاء خطابات نارية فيها تنطوي على تهديدات لمعارضيه واتهامات لهم بالعمالة والتخابر مع قوى خارجية بهدف قلب نظام الحكم ، لا تختلف عن ممارسات «طالبان» في افغانستان قبل سقوط إمارتها عام 2011 وممارستها الحالية في المناطق القبلية الباكستانية المحاذية للأقاليم الأفغانية الجنوبية مثل وادي سوات ووزيرستان، وتتطابق ايضاً مع ممارسات الجماعات الجهادية السلفية المقاتلة في الصومال والجزائر والمغرب العربي والعراق وبعض المناطق الواقعة على الحدود السورية التركية، حيث أصدرت هذه الجماعات فور سيطرتها على تلك المناطق المنكوبة أوامر تم بموجبها منع التحاق الفتيات بالمدارس وتدمير عشرات المدارس الخاصة بتعليم البنات وإجبار الآباء على تزويج البنات الصغيرات اللواتي يبلغن الثامنة من العمر، وتحريم الغناء والتصوير وإحراق محلات الفيديو والتسجيلات الصوتية ودور السينما والآلات الموسيقية ومنع النساء من العمل والتسوق والتنقل فوق وسائل المواصلات وارتياد الحدائق العامة، وإجبار الرجال على إطالة اللحى وقص الشوارب ، ونزع الأسنان الذهبية والفضية ، ومنع تركيب مشدات الصدر واللجام الحديدي للحمير والجمال ، وتحريم تربية الحمام والطيور المغردة ، وقتل الأطباء الذين يوزعون اللقاحات للأطفال وعقاقير تنظيم النسل للنساء، على نحو ما حدث في الفالوجة والأنبار وجنوب مقاديشو وغرب وزيرستان ووسط وادي سوات وبعض مناطق القبائل في الجزائر والمغرب وشمال مالي وشمال نيجيريا. تأسيسا على ما تقدم يمكن القول إن ثقافة التطرف والإرهاب تسعى في نهاية المطاف إلى تحقيق ما يروجه شيوخ القنوات القضائية السلفية في مصر وتونس هذه الايام بشأن ضرورة الاقتداء بتجربة نظام «طالبان» في إدارة شؤون أي بقعة في بلاد المسلمين يتم تحريرها من طواغيت الجاهلية وعملاء اليهود والصليبيين ، لأن ذلك النظام أقام في الناس حاكمية الشريعة وهو ما سنأتي الى تفنيده في العدد القادم بإذن الله.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــعن / صحيفة 26 سبتمبر
|
آراء
حـتـى لا تـكـــون فـتــنــة (1 ـــ 2 )
أخبار متعلقة