في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة الجمهورية القاهرية بتاريخ 14يناير1968م
نشرت صحيفة الجمهورية الصادرة في القاهرة في عددها الذي صدر يوم الأحد بتاريخ 14 يناير 1968م حديثاً مع الرئيس الراحل قحطان الشعبي، وقد أجرى هذا الحديث الأستاذ أمين رضوان في عدن، ونحن هنا نقدم نص الحديث نظراً لارتباطه بمرحلة مبكرة من استقلال الجنوب، لانه يعرف بالرؤية السياسية لتلك القيادة وكيف كانت نظرتها فكرياً وعملياً في عدة اتجاهات.[c1]نص المقابلة [/c]قحطان الشعبي رئيس جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية يرسم في حديث خاص «للجمهورية» الصورة الكاملة للمرحلة القادمة بعد الانتهاء من مرحلة التحرر الوطني.. والمرحلة الجديدة التي تبدأها الجمهورية الفتية تتحدد معالمها من ميثاق الجبهة القومية وهي الحزب الطليعي القائد للتجربة السياسية والاجتماعية.. ويعد هذا الميثاق الذي كتب عام 1965م إبان الثورة الشعبية المسلحة هو الدليل النظري للتنظيم السياسي على مستوى القيادة والقاعدة.. كما أن الحكومة الثورية المنبثقة من هذا التنظيم ملتزمة بهذا الميثاق الذي حدد أبعاد مرحلة التحرر الوطني التي تم إنجازها الفعلي وحدة أبعاد المرحلة الاجتماعية القادمة لبناء البلاد، كما يرسمها رئيس الجمهورية في حديثه الخاص للجمهورية..يقول الرئيس قحطان الشعبي :لقد بدأنا فعلاً على مستوى القيادة العامة للجبهة القومية وعلى مستوى الحكومة المنبثقة عنها إعداد برنامج العمل الوطني للمرحلة القادمة وذلك للبدء في مرحلة الثورة الاجتماعية، وهذا البرنامج ليس جديداً من حيث أسسه العريضة، بل أن هذه الأسس موجودة في الميثاق الوطني للجبهة، ولكن الجديد خطة العمل.رولكن ما هي خطة العمل ؟[/c]يقول قحطان: إن هذه الخطة انما نسميها خطة التنمية لأن بلدنا مثل بقية البلدان المستقلة حديثاً لابد وأن تخطو خطوات سريعة في طريق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والتكنيكي وهذا لن يتم إلا وفق خطة للتنمية شاملة، وتنقسم إلى شقين اساسيين كل منهما مكمل للآخر، وهذان الشقان هما:[c1]التنمية الزراعية والصناعية[/c]وعندما بدأنا في خطة التنمية الزراعية لحل مشكلة التخلف في الريف كانت الصناعة التقدمية لهذه الخطة هي الإصلاح الزراعي، وقد تم بالفعل إصدار قانون الإصلاح الزراعي لحل مشكلة التخلف في الريف، وقد بدأنا بالفعل في تنفيذ الإصلاح لأنه بعد القضاء على الحكم السلاطيني في الريف كان لابد من الانتقال إلى القضاء على التخلف الاجتماعي، فقد نص قانون الإصلاح الزراعي على أن الأرض التي نهبها السلاطين من الشعب تحت حماية الاستعمار البريطاني لابد من مصادرتها وهي الآن تحت يد حكومة الثورة وقد حدد برنامج العمل الوطني أن هذه الأرض تستغل لمحصلة الطبقة الكادحة من الفلاحين.توزيع الأراضي ويوضح قحطان الشعبي رئيس الجمهورية كيفية استغلال هذه الأرض فيقول:إن هذه الأرض ستستغل على النحو التالي.. توزيع جزء منها للفلاحين المعدمين، وجزء آخر لإقامة المزارع التعاونية والجزء الثالث للمزارع الجماعية، ثم تأتي بعد ذلك أراضي الاقطاعيين من غير السلاطين فإن قانون الإصلاح الزراعي سيتناولها بتحديد الكم.[c1]ويقول رئيس الجمهورية :[/c]إن الإصلاح الزراعي الذي حدده برنامج العمل الوطني سيشمل تطوير وسائل الانتاج للفلاحين واعتبار أن استصلاح الأراضي البور ملك للدولة التي هي بالتالي ملك للشعب، وهذه الأراضي بالذات تبلغ مساحتها حوالي مليون فدان وسيتبع إصلاح هذه الأراضي تنظيم وسائل الري سواء للأراضي المزروعة أو الأراضي الجديدة التي سيتم استصلاحها، وعملية تنظيم وسائل الري بالنسبة للأراضي الزراعية في الجنوب لتوفير المياه لها عامل مهم للغاية حيث أن بلادنا تعتمد على السيول والأمطار الموسمية.[c1]تسويق تعاوني[/c]ولاستكمال تطوير الريف وفق هذا البرنامج يقول قحطان: إن تنظيم المنتجات الزراعية وتسويقها لابد أن يتم من قبل الدولة وذلك بإنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية وتكوين اتحاد للفلاحين أنفسهم يشرف على تطوير هذه الجمعيات وتنظيمها.ثم تأتي بعد ذلك المواد الخام للزراعة مثل المواد الكيمائية والصناعات الزراعية مثل صناعة النسيج والغزل وحلج القطن، وهذه لابد أن تكون عن طريق تكوين قطاع عام وهو الأساس مع إيجاد القطاع الخاص غير المستغل تحت إشراف ورقابة القطاع العام.. كما أن الموارد الأساسية الموجودة في الطبيعة مثل البترول الموجود في حضرموت، التي تحتاج إلى استغلال من قبل الدولة لابد أن تكون ضمن القطاع العام.ويتحدث رئيس الجمهورية الشعبية :ان الثروة السمكية في بلادنا تعد المحصول الثاني، وقد أعطاها برنامج العمل الوطني الاهتمام نفسه الذي أعطاه للمشكلة الزراعية، فنحن نملك ما يزيد عن 750 ميلاً من الشواطئ كلها صالحة للصيد وتنظيم عمليات الصيد في شواطئ الجمهورية لابد أن تتم عن طريق تعاونيات للصيادين، ومن المسائل الأولية التي حددها برنامج العمل الوطني القادم هي إنشاء عدة مصانع صغيرة لتعليب الأسماك.وهذه الثروة السمكية التي تملكها بلادنا ستتطور وفق مفهومنا التقدمي الذي تتبناه الجبهة القومية وتصبح ثروتنا السمكية من الصادرات الأساسية.يعطي قحطان الشعبي الدلالة التقدمية لحل المشكلة الزراعية والصناعية في بلد ظل 129 عاماً تحت نير الاستعمار البريطاني فيقول: إن برنامج العمل الوطني الذي وضعناه سيبدل من العلاقات الاجتماعية القديمة تبديلاً نوعياً حيث ظلت تلك العلاقات إقطاعية في بعض المناطق وفي الأخر شبه إقطاعية مئات السنين وقد أستتبع هذا تخلف فكري وسياسي واجتماعي في بلدنا ظل الاستعمار والسلاطين يستثمرونه لصالحهم عشرات السنين الطويلة الماضية.ويقول عن التطوير الصناعي في المدنإن الاستعمار البريطاني خرج بعد أن مكث قرناً وأكثر من ربع قرن، ولم يعمل حتى على إنشاء مصنع لإبر البريموس، وهو يقصد من ذلك أن يجعل بلادنا سوقاً لمنتجاته والتطوير الصناعي الذي قرره البرنامج الوطني أن يكون القطاع العام في الصناعة هو الأساس مع السماح للقطاع الخاص أن ينمو تحت إشراف وتنظيم القطاع العام، ونحن نعلم أن إمكانياتنا الصناعية محدودة ولكننا سنعمل على تطويرها وتنميتها بالكشف عن المواد الخام الموجودة في الطبيعة، ولا شك أن المساعدات غير المشروطة لتطوير بلادنا صناعياً وزراعياً مهمة للغاية، وبرنامج العمل الوطني سيعيد بناء الاقتصاد الوطني بهدف التنمية الشاملة ويهدف تحقيق التحرر الاقتصادي، ومن البديهي أن التحرر السياسي يظل هدفاً يلحقه التحرر الاقتصادي، ولاستكمال التحرر الاقتصادي فإن برنامج العمل الوطني سيحدد مسألة البناء ووضعيتها.[c1]الخط التقدمي[/c]وعلى مستوى السياسة العربية والدولية فان البرنامج كما يقول رئيس الجمهورية: سيحدد الخطوط العملية للسياسة العربية والدولية كما ينسجم مع مبادئ الثورة ومصالحها الحقيقية وخطها التقدمي باعتبارها جزءاً من الثورة العربية التي هي جزءاً من الثورة العالمية ضد الاستعمار، كما أن برنامج العمل الوطني سيتناول مسألة الديمقراطية الشعبية في مرحلة الانتقال من حيث أسسها ومؤسساتها ودستورها المؤقت والعلاقة بين الحزب والدولة والجماهير، كما يتناول كيف نفهم التحالف الوطني الشعبي الذي تمثله الجبهة القومية وبلورته نظرياً وتحديد التنظيمات والمؤسسات الكفيلة بتطبيقه وكيف نطهره من قوى الثورة المضادة، كما سيتناول البرنامج كيف نبني الحزب الطليعي على أسس التجربة النضالية وخطنا الفكري وعلى أرض الجبهة القومية والتحالف الوطني الواسع كيف نبقي عليه وهو التحالف الذي كان دائماً في مرحلة التحرر.[c1]تناقض طبقي [/c]وتحدث رئيس الجمهورية عن المهمات الملقاة على عاتق دولة الثورة وأهمها وضع الدولة القديمة ومؤسساتها الإدارية وغيرها فقال:إن برنامج العمل الوطني سيتناول كيف يحل التناقض بين الدولة القديمة وبين التحالف الطبقي الواسع وكيف نحقق إيجاد أداة ثورية ومؤسسات رسمية وشعبية مرتبطة بالثورة.ويقول: بما أننا جزء من الوطن العربي ونسير على أسس ثورية نهدف بكل ثقة من أن نصل بالأسس الثورية إلى أقصى مداها، وبالتالي لابد لنا من دراسة قضية أمن الثورة بالاستناد إلى قوى الشعب صاحب المصلحة الحقيقية.ويوضح قحطان الشعبي علاقة الثورة في الجنوب بالثورة العربية الواحدة ضد الاستعمار فيقول:إننا باعتبارنا جزءاً من هذه الثورة العربية الوحدوية الاشتراكية فاننا نساهم بتقدمنا في بلادنا في خدمة القضية العربية وفق خطنا الثوري التقدمي.وعلى المستوى الرسمي فيما يتعلق بالقضايا العربية والمساهمة الإيجابية فيها يقول قحطان الشعبي:إنه من مسؤوليتنا القومية أن نساهم في القضايا المصيرية لأمتنا العربية، ونحن كدولة عربية ذات خط ثوري وأضح لابد لنا أن نساهم إيجابياً في إيجاد الحلول الثورية لقضيتنا العربية بكل ما نستطيع في حدود إمكانياتنا مع بقية الدول العربية والشعب العربي وذلك للتصدي للمخطط الامبريالي الرجعي الصهيوني الذي يحاول بكل شراسة أن يضرب القضية العربية ويسلب حقوقها ويقضي على حركة الثورة العربية.ويقول: إن جماهيرنا التي خاضت معركة التحرير ضد الاستعمار البريطاني طيلة أربع سنوات مستعدة أن تضيف إلى النضال العربي هذه القوة الجديدة الثورية.