مقال افتتاحي
محافظة عدن تعد واحدة من أهم المحافظات التي تتميز بتاريخها الحضاري والثقافي والتربوي العريق والتي شهد لها التاريخ من القدم بانها المدينة التي ارتقت في مجال الابداع والعلم والثقافة وغيره الكثير من المجالات الاخرى ، فقد كانت شيئا جميلا ومازالت ، لكن لا شيء يستطيع مواصلة مسيرة الحياة الا بالتجديد والتطوير ، فقد يحدث قصور لكن يجب تفادي هذا القصور وتجاوز العقبات والصعوبات بطرق رائعة حيث يعود هذا الشيء كما كان بل افضل مما كان عليه . Nن المنعطف الضيق الذي اّل اليه بعض الشباب في عدن بل في كثير من المحافظات اليمنية هو ترك العملية التعليمية والعزوف عنها، نظرا لقول الكثير من الطلاب ان الوضع في البلاد لا يسمح ، وان عملية الغش سوف تحدث في كل عام وسوف يعملون كما عمل السالفون . فهنا تكمن المشكلة في بناء اجيال تملك فراغاً ذهنياً كبيراً ولا أدري إلى أين سيؤدي بهم الحال وهم لا يحملون العلم ، لذا فإن داء العصر الذي غزا معظم الشباب هو عدم الرغبة في التعلم والقراءة، وحتى السماع للمفيد، فصار الأمر هو عقل لا يتغذى وبطن تتغذى بالليل والنهار. فإنه إذا امتلأت البطن نام الفكر، وفي القراءة حياة للأمم والشعوب، وأولى الناس بالقراءة هم المنتسبون لأمة (اقرأ)، وإذا قرأ الإنسان فكأنما أضاف عمرا إلى عمره، والأمة التي لا تقرأ أمة ميتة لاوجود لها في الحياة . فقد صدق المولى تبارك وتعالى حين قال في محكم آياته:- {يَرْفَعِ اللهُ الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}، وأشهدهم على أعظم مشهود به فقال: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط}. صدق الله العظيم ، والإنسان لا يزال عالماً ما طلب العلم، فإن ظن أنه علم فقد جهل، ومن أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم ومن أراد الدنيا والآخرة فعليه ايضا بالعلم .هناك ملهيات كثيرة ادت الى عزوف الشباب عن التعليم ، ومنها لجوء الشباب الى تناول القات وغيره من المكيفات المنتشرة ، كما ان الانترنت قد صار يستخدم استخداما غير عادي من قبل الكثير من الشباب فقد تجد البعض طيلة يومه وهو قاعد على النت ، لا ليتعلم أو ليقرأ شيئاً يفيده بل ليتسلى بالألعاب والمسليات المضيعة للوقت . فمن هنا نقول ان التربية والتعليم تمثل هاجساً عاماً لا ترتبط واجباته ومسئولياته بالدولة والحكومة فقط ، بل إنه هاجس المجتمع بأسره ،وبالضرورة فإن أي نجاح للعملية التربوية والتعليمية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى العمل التكاملي والشراكة الحقيقية في الدفع بسير العملية التعليمية وتطويرها بين الدولة ممثلة بوزارة التربية والتعليم والمجتمع؛ فيجب ان يقف المجتمع ويساند وزارة التربية والتعليم في عملها ليتعلم الجميع وليرتقي هذا الوطن الغالي الذي نعيش فيه، ابتداء من أن يراقب كل رب بيت ابنه او ابنته من الصغر وان يدفع بهم الى المدارس وتكون هناك الرقابة الدائمة عليهم وتسليط الضوء من الاعلى . ونظراً لخطورة وحساسية ميدان العمل التربوي والتعليمي باعتباره ميداناً لصناعة وتشكيل شخصية الطالب والطالبة و لصناعة وبناء الإنسان الجديد القادر على مواجهة التحديات وبالتالي يصبح الطالب قادرا على الإسهام الفاعل في عملية البناء الاقتصادي والاجتماعي بآفاقها المزدهرة والمشرقة ؛ كون التعليم يعد من أهم العوامل الأساسية للتنمية البشرية بل إنه المورد الاستراتيجي الذي يمد المجتمع بكافة احتياجاته من الكوادر . واخيرا ، عزوف الشباب عن التعليم سوف يؤدي بهم الى العزف على جيتار الضياع .