( الوثيقة الأولى): لقد تحصلت على بعض الوثائق السرية من الأرشيف الوطني البريطاني والتي لا تنشر إلا بعد 45 عاما من حدوثها . المكان : مجلس اللوردات البريطاني ال يوم 14 نوفمبر 1967م الساعة 4:09 بعد الظهر. الموضوع : تاريخ استقلال الجنوب العربي [c1]اللورد شكلتون (Shackleton ) :[/c] بعد إذن مجلس اللوردات أود أن أكرر البيان الذي أدلى به وزير الدولة للشئون الخارجية عن الجنوب العربي حيث جاء على النحو التالي : “ منذ بياني إلى مجلس العموم في 7 نوفمبر أصبح الوضع في الجنوب العربي أكثر وضوحا .
الملكة اليزابيث خلال زيارتها لعدن عام 1954م
وأضاف “ خلال محادثات جرت بين 7 نوفمبر و10 نوفمبر قال ضباط من الجيش الاتحادي للمندوب السامي في عدن أنهم يؤيدون الجبهة القومية ( NLF ) تأييدا مطلقا لدورها الفعال في السيطرة على الوضع ، أنهم يريدوا الدخول في مفاوضات ، وطالبوا أيضا نهاية هذا العنف ضد المجتمع المدني ، ودعوا السكان إلى احترام الأشخاص والمؤسسات في المجتمع المدني. في 11 نوفمبر بعثت الجبهة القومية ببرقية لي أكدوا فيها مطالبتهم بالسلطة تحت إدارتهم وقالوا أنهم شكلوا وفدا للتفاوض مع حكومة صاحبة الجلالة على نقل السلطة السياسية وطالبوا بموافقتنا على فتح المفاوضات في غضون أسبوع. لقد أجبتهم بالموافقة فورا من أجل التفاوض في 20 نوفمبر في جنيف وأن اللورد شكلتون سوف
ترجمة : محمد سعيد باحاج
يترأس الوفد لما لديه من معرفة وثيقة بمشاكل الجنوب العربي. وقال أيضا :” في 2 نوفمبر قلت في مجلس العموم البريطاني أنه بحلول منتصف هذا الشهر يجب علينا أن نحدد يوم الاستقلال ويكتمل انسحاب قواتنا من هناك في 30 نوفمبر 1967 وينبغي أن يصبح الجنوب العربي دولة مستقلة . وقلت أيضا هناك مسائل مهمة يتعين تسويتها ، ويفضل أن تحل قبل الاستقلال ولكن إذا لم تكتمل المفاوضات فليس هناك مانع من الاستمرار في التفاوض. أن حكومة صاحبة الجلالة لم يكن لديها طريق سهل لمتابعة تحقيق استقلال الجنوب العربي.. وهنا يجب أن نقوم بتكريم القوات البريطانية و العديد من البريطانيين من مدنيين وعسكريين الذين كرسوا جهدهم في كثير من الحالات .. والى هؤلاء نقدم أسفنا العظيم للذين ضحوا بحياتهم من أجل هذه القضية . وكذلك نواسي الأعداد الكبيرة من أبناء الجنوب العربي الذين قتلوا وجرحوا ، وبكل تأكيد سوف ينضم معي جميع نواب مجلس العموم البريطاني على أمل أن يحظى الجنوب العربي بمستقبل سلمي “ . [c1]اللورد إيرل جليكوي ( Earl Jellicoe ) :[/c] أيها اللوردات يجب أن أشكر اللورد شكلتون على قراءة بيان وزير الخارجية ولكن أقول وبقلب مثقل إلى حد ما أن هذا البيان يمثل بداية الفصل الختامي في واحدة من الأحداث المحزنة في تاريخ طويل من العلاقات بين هذا البلد والعالم العربي، إذا أجاز لي التعبير. أود أن أذكر اللورد شكلتون بما جرى في هذا المجلس قبل بضعة أشهر حول الآمال العادلة وأنا بالطبع لن ألوم اللورد شكلتون ونحن نعلم أنه فعل ما بوسعه في تلك الظروف الصعبة التي وضع فيه وأنا متأكد من أن مجلس اللوردات سوف يتمنى له كل النجاح في المفاوضات التي ستعقد في جنيف قريبا.. ومع ذلك ما شاهدناه خلال الأسابيع القليلة الماضية هو مجموعة عصابات عربية متناحرة تطلق النار في شوارع عدن بينما قواتنا واقفة وعاجزة ، وغالبا ما يتم إطلاق النار من قبل الجانبين في مشهد مؤسف ومع ذلك اعتقد ليس أمامنا إلا التنازل المذل عن مسئوليتنا عن الحكومة القادمة الآن. وعليه أود أن أطرح سؤالين للورد شكلتون أولا ً نريد من اللورد النبيل أن يخبرنا فيما إذا دول محمية عدن الشرقية ( الدولة القعيطية والكثيرية والمهرة ) متضمنة في ذلك البيان الذي كرر لنا أكثر من مرة ؟ ثانيا ً ما هو الضمان الذي سيقدم لنا فيما يتعلق بأمن الممتلكات البريطانية في عدن ، بما في ذلك المنشآت النفطية المهمة جدا بعد الاستقلال ؟ وقبل كل شيء ما هو الضمان فيما يتعلق بأمن مواطني المملكة المتحدة الذين يختارون البقاء في عدن بعد الاستقلال ؟ كذلك أود أن أضم صوتي إلى ما جاء في هذا البيان عن القوات البريطانية في عدن، فأنا شخصيا لست فخورا بالدور الذي حصل في الأشهر القليلة الماضية ، ولكن أعتقد أن كل واحد منا يمكن أن يكون فخور بالطريقة التي اتخذها أبناؤنا من مدنيين وعسكريين هناك لواجبات ممقوتة في كثير من الأحيان . [c1]اللورد أميولري (Amulree ) :[/c] أيها اللوردات أنا لا أريد أن أعلق على كل البيان. في الحقيقة أتمنى للورد شكلتون أطيب الأمنيات في هذه المهمة الصعبة والمعقدة التي أمامه ، وفي نفس الوقت أود أن أضم صوتي مع صوت اللوردات في هذا المجلس على ذلك الثناء لقواتنا من قبل وزير الخارجية واللورد إيرل جليكوي وأقول آمل أن نتوصل الآن إلى نتيجة مرضية من إنهاء هذا الفصل التراجيدي والمأسوي للغاية في تاريخ عدن . [c1]اللورد شكلتون :[/c] أيها اللوردات هل لي أن أجيب أولا على نقاط الورد إيرل جليكوي على وجه الخصوص ؟ سألني عن دول محمية عدن الشرقية (الدولة القعيطية والكثيرية والمهرة ) وكما فهمت وحسب المعلومات المتوفرة لدينا فأن هذه الدول تحت سيطرة الجبهة القومية وستكون هذه الدول جزء اً من الجنوب العربي وهم في الوقت الراهن يقومون بالإجراءات لدمج هذه الدول إلى الجنوب العربي وهناك نقطة مهمة عن الأمن ، لقد ناقشنا هذه المسألة من قبل وسوف تظل خطيرة على المواطنين البريطانيين وخاصة في بلد وليدة الاستقلال ، وكذلك عدن الصغرى ( البريقة ) حيث مصفاة النفط ،ولكن الجبهة القومية مسيطرة على الوضع ولن يحصل أي تحرش أو اعتداء على العاملين من المواطنين البريطانيين والأجانب في مصفاة النفط في عدن الصغرى والتي أشار اليها اللورد إيرل جليكوي طالما إنها تحت حماية الجيش الاتحادي والجبهة القومية . ولقد ناقشنا الموضع في حالة حدوث فوضى فأن حكومة صاحبة الجلالة سوف تبذل قصارى جهدها لتحقيق عمليات الإنقاذ.. ولابد لي من القول بأنني متفائل من ذلك الوضع أكثر مما فعلت في مناسبات سابقة . لقد كنا دائما حريصين من خطر حدوث انهيار للحكومة الاتحادية ولكن بعض الناس تفاجؤوا بالسرعة التي انهارت بها تلك الحكومة في مواجهة التهديد الذي لم يأت من التسلل عبر الحدود. بما أن اللورد جليكوي هاجم سياسية حكومة صاحبة الجلالة والحديث عن ( قصة مؤسفة ) وذلك من خلال الأشهر القليلة الماضية ، لا بد لي من القول على محمل الجد تماما أن السياسية التي هيأت القوات المسلحة البريطانية والتي تعتمد على الاستمرارية على وجودها ولكن اللورد جليوكوي أختار انتقاد الحكومة. على كل أشيد بدور الجيش الذي كان دائما واحداً من الأمثلة الأكثر إثارة للإعجاب. أتمنى لشعب الجنوب العربي الاستقرار ويجب أن الفت الانتباه إلى حقيقة أن الجبهة القومية بثت تعليمات صارمة جدا للمواطنين قائلة أن لا ينبغي أن يكون هناك أي هجمات على الممتلكات الأجنبية والأشخاص الأجانب . أعتقد بأن الحكومة وطبعا من مهمتي محاولة المساعدة في التوصل إلى اتفاق مرض وأنا واثق أن الجميع سئم من القتال ونأمل أن يتوقف هذا القتال إلى الأبد. [c1]اللورد كونسفورد ( Conesford ):[/c] لدي سؤال فيما إذا اعترفنا بالجبهة القومية كممثل شرعي للبلد نهايه هذا الشهر ، هل ننتظر الاعتراف من جميع الدول الكبرى ؟ [c1]اللورد شكلتون : [/c] أود أن اسأل اللورد كونسفورد ألا يضغط على أكثر من اللازم حيث أنني على وشك القيام بمفاوضات ولم يأت بعد الأعتراف من الحكومة حتى الآن ، ومازالت هناك إجراءات قانونية قيد الاكتمال حيث أن الطرف الآخر حريص على أن يكون هناك إتفاق لمعاهدة الانسحاب من الجنوب العربي ومسائل مثل هذا القبيل وأتوقع أن يكون هناك اعتراف من دول أخرى كبرى . [c1]اللورد فيسكونت (Viscount Massereene & Ferrard):[/c] اسمحوا لي أن اغتنم الفرصة لتوجيه الانتباه إلى محنة المواطنين البريطانيين في الجنوب العربي الذين فقدوا ممتلكاتهم وكذلك أشير إلى مبلغ 50 مليون جنية إسترليني الموعودة كمساعدة للحكومة الاتحادية والذي من المنتظر أن يتحول هذا المبلغ إلى الجبهة القومية والتي كنا نعتبرها قبل بضعة أيام منظمة إرهابية . سيكون من الأفضل كثيرا لو استخدم جزء من هذا المبلغ كتعويضات إلى المواطنين البريطانيين الذين فقدوا ممتلكاتهم من خلال القتال والأحداث المؤسفة التي حصلت في عدن دون أي ذنب اقترفوه.[c1] اللورد شكلتون :[/c] أود أن أوضح بأن عدد المواطنين البريطانيين في عدن لا يتجاوز 300 نسمة . إذا كان اللورد فيسكونت لدية أية أمثلة معينة في الاعتبار وأود أن استمع منه . وأشار إلى السابقة المصرية. أنا لا أعرف أي حالة أخرى غير واحدة أو اثنتين لحالات معزولة ولا سيما الحكام ، عندما قامت حكومة صاحبة الجلالة بدفع التعويضات في السنوات الأخيرة وفي ظل هذه الظروف. . وسوف تقوم حكومة صاحب الجلالة بالضغط على الحكومة القادمة في الجنوب العربي بأن تتحمل مسئوليتها من أجل حماية الأرواح ومصالحها من الممتلكات البريطانية . [c1]اللورد بروكوي (Brockway):[/c] هل لي أن اسأل صديقي اللورد شكلتون فيما إذا كان يدرك إننا في هذا الجانب مع مجلس العموم البريطاني وأود أن أعرب عن آمالنا في مفاوضات جنيف . أن الوضع المأساوي الذي نشأ في عدن نتيجة اعترافنا بالحكومة الاتحادية والذي برهن أن هذه الحكومة لا تمثل شعب الجنوب العربي ، وهل صديقي اللورد شكلتون على بينة من التقدير ومن الشجاعة لدى الحكومة ووزير خارجيتها في الاعتراف بأن شعب عدن والجنوب العربي يجب أن تتاح له الفرصة ليحكموا أنفسهم وفقا للمنظمة التي تمثل ؟ [c1]اللورد شكلتون :[/c] أيها اللوردات أنني ممنون للملاحظات التي أدلى بها اللورد بروكوي ومهتم أيضا بمزيد من الملاحظات الأمر الذي حفز لردود فعل مميزة من الجانب الآخر ، ولكن وراء هذا القول ان هناك قدرا كبيرا من الحقيقة في كثير مما قاله ، واعتقد أنني سأتركه يتكلم عن نفسه .[c1] (( انــــــتــــهـــــى ))[/c] هذا ما جرى في مجلس اللوردات البريطاني في ذلك اليوم المشئوم . والآن نرجع إلى الوراء لنتصفح تاريخ عدن منذ 129 عاما عندما وطأة قدما الكابتن هينس في 19 يناير 1838م واستولى على عدن والى آخر مندوب سامي في عدن هو السير همفري تريفلين. لقد سجل التاريخ كل ما حصل في عدن والجنوب العربي وحضرموت في 20 مجلدا من الحجم الكبير وكل مجلد يحتوي على 1500 صفحة جمعت فيها كل المراسلات المندوبية السامية بعدن والمستشارين في محمية عدن الشرقية والغربية مع وزارة المستعمرات البريطانية آنذاك طوال هذه الفترة . لقد كانت مشكلة الجنوب العربي منذ عدة سنوات تطرح بانتظام أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وقد بحثتها الجمعية العامة مرة أخرى في دورتها السنوية لعام 1966 وفي النهاية صوتت الجمعية العامة على قرار يطلب من الأمانة إرسال بعثة خاصة إلى عدن لدراسة رغبات السكان هناك ووعدت المملكة المتحدة بالتعاون مع البعثة. في مارس 1967 ، توقف أعضاء البعثة الثلاثة وهم في طريقهم إلى عدن في لندن والقاهرة وجدة للاتصال بالسلطات الرسمية وبممثلي المعارضة إلا إن الجبهة القومية وجبهة التحرير تتهمان البعثة بأنها تلعب لعبة الاستعمار والرجعية وقررتا تجاهل وجودهما في عدن، ولدى وصولها إلى عدن قامت الجبهتان بموجة إضرابات ومظاهرات وصعدتا الأعمال الإرهابية ضد الجيش البريطاني حتى تظهر للبعثة عداء السكان لها وتبر هنا لها على قوتهما. أما الجانب البريطاني فقد بدلت سلطات عدن كل ما في وسعها لعزل ممثلي هيئة الأمم المتحدة بقصد إفشال مهمتهم وكان التكتيك المتبع يقوم على جعل المنظمة الدولية تعترف بعدم قدرتها على حل المشكلة وجرها الاعتراف بشرعية النظام الاتحادي . ولقد تنبهت البعثة إلى أن وعود حكومة لندن كانت كاذبة وأعطى الدليل على ذلك أن سلطات عدن منعت رئيس البعثة من الظهور على شاشة التلفزيون العدني ليتحدث إلى السكان والى ممثليهم الفعليين ومنع قراره وبيانه بحجة انه تجاهل الحكومة الاتحادية . أما اللورد شكلتون فلقد أختار السير همفري تريفليان بكل خبث خلفا للمندوب السامي الذي قبله واسمه ريتشارد ترنبول في 20 مايو 1967 والذي كان قادر على التكيف مع أوضاع الجنوب العربي حيث وجد اللورد شكلتون إن السير همفري تريفليان صاحب الحاسة السادسة وهو القادر على تنفيذ المهمة بكل خبث وعداء لشعب الجنوب العربي بينما ريتشارد ترنبول لم يقبل بهذه المهمة وكان شريفا حيث تتمثل فيه القيم والأخلاق البريطانية كما وصفته الصحف البريطانية حينها بذلك وكما أورد ذلك الضابط السياسي البريطاني ديفيد ليـدجـر في كتـابـه ((الرمال المتحركة )) الجزء الحادي عشر . أن هذه الخطة التآمرية على الجنوب العربي رسمت خيوطها في أحد البارات وباركها وزير الخارجية جورج بروان الذي كان متواجدا وتبادلوا نخب التآمر. لقد وصف اللورد شكلتون أعضاء وفد الجبهة القومية بطلبة الثانوية العامة ما عدا رئيس الوفد السيد قحطان الشعبي الذي كان جامعي. وقال اللورد شكلتون مستهزأ بهم “ كنت أتوقع وفد يماثل وفد ماليزيا برئاسة تنكو عبدالرحمن أو وفد سنغافورة برئاسة لي كوان يو أو وفد غانا برئاسة كوامي نكروما أو وفد كينيا التفاوضي برئاسة جومو كينياتا أو وفد تنزانيا برئاسة جوليوس نيريري إلى محادثات استقلال بلدانهم حيث كان لي شرف تمثيل بلدي المملكة المتحدة أمامهم . يقول السير همفري تريفليان في كتابه (( الشرق الأوسط في ثورة )) الجزء الثالث (عدن 1967م) : “ ضربنا قوات جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل (FLOSY ) تلك الجبهة التي تدعمها مصر على الحدود اليمنية عندما حاولت الدخول إلى أراضي أصدقائنا الجدد ( يقصد الجبهة القومية ) . ولقد حذرنا رسميا السعودية بأننا لن نقف مكتوفي الأيدي إذا هم ساعدوا أو مدوا بأي شكل من الأشكال الشريف حسين أمير بيحان في محاولته استرداد إمارته بمعاونة بعض المشايخ الملكيين عن طريق حريب الحدودية وإن سلاح الجو الملكي البريطاني سيضرب بطائرات الهوكر هنتر المعتدين على أراضى أصدقائنا بل وسيتابعهم داخل الأراضي السعودية إذا ما دعت الضرورة لذلك “. و كيف أن اللورد شكلتون عند عودته الأخيرة من لندن إلى جنيف لمواصلة المفاوضات مع وفد الجبهة القومية قد حمل معه مبلغ 3 ملايين جنية إسترليني نقدا سلمت إلى رئيس الوفد السيد قحطان الشعبي وكان المبلغ الوحيد الذي دفع من أصل 50 مليون جنية إسترليني كانت قد وعدت بها الحكومة البريطانية إلى حكومة اتحاد الجنوب العربي لتقديمها كمساعدة لها..( وما خفي كان أعظم وأن عادوا عدنا إلى الوثائق البريطانية ) .. والى الوثيقة السرية الثانية . [c1]( الوثيقة الثانية - الجزء الأول من [/c]مذكرة وزير الخارجية ) إلى هؤلاء المتشككين في الوثيقة الأولى من المقتطفات من الأرشيف البريطاني إليكم أدناه الرابط لهذه الوثيقة باللغة الانجليزية :http://hansard.millbanksystems.com/lords/1967/nov/14/south-arabia-independence-date لقد تلقيت أكثر من طلب للحصول على رابط الوثيقة الأولى تحت عنوان الجنوب العربي : يوم الاستقلال وتم إرسال الرابط لهم .. واليوم نتحدث عن الوثيقة الثانية تحت عنوان الوثيقة رقم COPY 169 (67) C بتاريخ 26 اكتوبر 1967 مجلس الوزراء - الجنوب العربي (مذكرة من وزير الخارجية البريطانية) . يقول مستر جورج براون - وزير الخارجية في مذكرته لمجلس الوزراء : زملائي نعود إلى القرارات السابقة حول تاريخ استقلال الجنوب العربي حيث أن هذه القرارات اتخذت على حساب متوازن وبدقة متناهية للحفاظ على ثقة الجنوب العربي لمواجهة احتلال الجمهورية العربية المتحدة ( مصر وسوريا ) لليمن وكذلك تكون القوات الفدرالية جاهزة لمواجهة الوضع المتأجج في المنطقة (بعد حرب 6 يونيو ) . الوضع في اليمن تغير . لقد قررت الجمهورية العربية المتحدة الانسحاب من اليمن واخلوا تعز وصنعاء ومن المتوقع أن ينسحبوا بالكامل في أواسط ديسمبر 1967م .. في نفس الوقت تحول طبيعة الصراع السياسي في الجنوب العربي عن انهيار الحكومة الاتحادية. أن غياب الإدارة وكذلك فشل الفصائل الثورية حول الاتفاق حول محادثاتهم بالقاهرة خلق موقفا أكثر خطورة، وتحت هذه الظروف فأن المندوب السامي بعدن المفوض السامي والقائد الأعلى يوصي بشدة الإعلان عن الاستقلال وإجلاء قواتنا في نوفمبر وليس الانتظار حتى يناير . يوجد في عدن بعض الجزر ويسكنها بريطانيون ( حوالي400 نسمة ) وعليه ليس لدينا قوة شرعية لنفرض حلولاً في الجنوب العربي وليس لدينا مصالح حيوية والخيار الوحيد الذي نستطيع أن نتبعه هو أن نترك أبناء الجنوب العربي لتسوية خلافاتهم بأنفسهم . أن انسحاب الجمهورية العربية المتحدة من اليمن قلـل من اهتمامنا الكبير حول مستقبل الاستقرار في المنطقة.[c1]الأحداث الأخيرة [/c] بما أن قواتنا انسحبت من المناطق النائية إلى عدن للاستعداد للإخلاء النهائي فقد تسبب هذا الانسحاب في سقوط السلطنات في الفترة ما بين نهاية يوليو وأواسط سبتمبر 1967م . لقد سيطرت الجبهة القومية على ثلثي دول اتحاد الجنوب العربي بينما جبة التحرير على 2 أو 3 دول فقط . المجموعتان أحيانا تتقاتلان بعنف و أحيانا في هدنة غير مستقره ولا يزال الخوض على السيادة في بعض المناطق وخاصة في العوالق العليا والواحدي مستمر اً. في عدن نفسها التعاطف منقسم بين الجبهتين . لقد استولت الجبهة القومية على المحمية الشرقية ويظهر أن الجبهة القومية تعزز سيطرتها على الدولة الكثيرية والقعيطية وستلاقي دولة المهره نفس المصير وربما جبهة التحرير تقاوم ذلك . الصورة غير واضحة ومعقدة التي تتخذها الفصائل المتناحرة . الحقيقة أن أحدى الفصائل المتطرفة سيظهر لها الولاء من قبل الشعب لإعطاء مساحة غالبا ما تعكس نزاعات تقليدية بدلا أن تكون إدانات سياسية . وبما أن السلاطين السابقين لاجئون في المملكة العربية السعودية فأن هذا يمثل حقيقة المخاطر لدى البعض في محاولة القيام بانقلابات مضادة من الأراضي اليمنية (من قبل الملكيين أو الجمهوريين في اليمن) والخطر أن السعوديين قد يقحمون أنفسهم في هذا الفخ. المندوب السامي في عدن وأنا من خلال السفارة في جدة قد فعلنا كل ما في وسعنا للحد من هذه المخاطر وحتى تتجنب السعودية المتاعب الخطيرة بالنسبة لها.[c1] التأثيرات الخارجية [/c] لقد تغيرت العلاقة بين العوامل الداخلية والخارجية العربية إلى حد كبير. في أواخر عام 1966 كان من الواضح أن الجبهة القومية كسبت الأرض . لقد فقدت الدعم المصري في1966/1965 و ليس هناك مقارنة مع جبهة التحرير . هذه الأخيرة تستمد قوتها من في المقام الأول من العدنيين و اليمنيين في عدن، ولا يمكن أن تقارنها مع مسلحي الجبهة القومية . لقد فقد السيطرة على الحركة النقابية في عدن، وضعفت تدريجيا.. وقادة الحركات النقابية فروا ومكثوا في الخارج ، والحياة الاقتصادية أصبحت صعبة. وإدراكا من هذا كنا نظن في وقت سابق أنه يمكن أن الموقف على المدى الطويل سيكون العكس إذا بقيت القوات المصرية في اليمن واحتفظت جبهة التحرير بدعمها من مصر. المصريون يحتاجون إلى المال السعودي و تحت ضغط الاتحاد السوفيتي سيغادرون اليمن وانسحابهم سيكتمل في أواسط ديسمبر هذه السنة . لمزيد من الضعف تسعى جبهة التحرير إلى تحالف تكتيكي بحكم الأمر الواقع ليس فقط مع المصريين، ولكن أيضا مع السعوديين (الذين انعدمت ثقتهم ). أن الطموح السياسي للجبهة القومية ليس من تلقاء نفسه، ولكن أتي من حركة القوميين العرب في بلاد الشام والكويت من منطقة بعيدة، بينما الأراضي اليمنية والسعودية أقرب لهم . هناك ميول عام بغض النظر عن النظام إلى التفكير في “الاشتراكية العربية” وعليه ستبقى الجبهة القومية هي المهيمنة . إذا جبهة التحرير والجبهة القومية لم يتفقا مع بعض فمن الأرجح أن تسقط جبهة التحرير وتحل محلها الجبهة القومية لتسيطر على الوضع . [c1]الوضع الاقتصادي [/c] إن الاقتصاد والإدارة في حالة يرثى لها وهو محفوف بالمخاطر. إن النقص في العمالة والدخل بالرغم من استمرار دعمنا ليس محرجا.. ولكن النشاط الاقتصادي لميناء عدن، هو المصدر الرئيسي والوحيد للدخل فقد وصل إلى طريق مسدود من جراء العمليات الإرهابية و الإضرابات السياسية ثم تبعها إغلاق قناة السويس ومقاطعة العرب لتصدير النفط . لقد أصيبت مصفاة عدن(BP) بالشلل في هذه الفترة لأنها أنشئت ي لتموين السفن الداخلة والخارجة من قناة السويس بالوقود. فالمصفاة هي المصدر الرئيسي لضريبة الدخل لعدن ، أما نسبة التشغيل الحالية حول 60 ٪ من المستويات العادية. وأخيرا حصلت الاضطرابات الثورية التي أثرت كثيرا على الاقتصاد .. بينما الضرائب أو الرسوم الجمركية نهبت من قبل المنشقين على الحدود اليمنية وكان ينبغي أن تفرض عليهم . يجري علاج هذا جزئيا في بعض الأماكن وهذا لا يعني الكل . أما المساعدة المالية السعودية فلن تكون وشيكة الحصول عليها في الظروف الحالية. الإرهاب والتخويف المنظم منذ العامين الماضيين أفسد الخدمة المدنية للعدنيين أكثر مما أفسدها على البريطانيين . لقد كانت الأمور أسهل لموظفي الخدمة المدنية الاتحادية خلال فترة الهدوء الحالية. [c1]كاتب وصحفي في صحيفة ( الرأي العام الحضرمية ) في الستينات [email protected][/c]