أولاً : عند قيام الثورة حصلت على تأييد شعبي شامل، في الشمال والجنوب، ورفعت أعلام للجمهورية على البيوت والسيارات في الجنوب، كما أنّ مواطنين يملكون سيارات النقل في عدن أرسلوا سياراتهم مجاناً للخدمة في المجهود العسكري وبعض السيارات احترقت في سنوان ولم يطلبوا تعويضاً عنها، كما أنّ الحرس الوطني جاء من عدن ومن لواء تعز ومن لواء إب ومن ريمة وكوّنت سرايا الحرس الوطني، كما جاءت قوات الجيش الشعبي من البيضاء ورداع والحدأ ومراد وحاشد وغيرها من القُبل، ولم تكن تتحرك حملة واحدة إلا والجيش الشعبي مشارك فيها، سواءً كانت هذه الحملة تقودها أو تنفذها القوات اليمنية أو القوات المصرية.ثانياً : كانت هناك معارضة، داخلية وخارجية بعد قيام الثورة ورفض للثورة إما مبدئية أو مصلحية أو جاه، أما المعارضة الداخلية فقد فقدت اتخاذ القرار بعد الثورة نظراً لمفاجأتها بالثورة، أما ما كان من خارج فلم يضيعوا الوقت وقد جاءوا، وتعرضت الجمهورية العربية اليمنية لهجوم من ثلاثة محاور :المحور الأول : من بيحان حريب حيث احتلت حريب في اليومين الثالث والرابع واستولوا على جميع الأسلحة الموجودة في هذه المدينة أو المواقع وكانت قد زودت بأسلحة ثقيلة نظراً للاشتباكات المستمرة بين اليمن والإنجليز في تلك المنطقة.. بعدها بخمسة أيام حوصرت مأرب وسقطت أيضا وصدت الحملة التي ذهبت لتعزيز مأرب واستشهد قائدها الأخ علي عبدالمغني، وأرسل من بيحان من قام بتلغيم الوادي في سد مأرب لمنع أي تعزيز يصل إلى مأرب أو حريب، وتطور هذا المحور إلى أن حوصرت صرواح، وقطعت الطريق من الأعروش يعني من نقيل الوتدة، واستمرت المعارك في هذا المحور حتى الانتصار الأخير في السبعين اليوم في خولان وفي بني بهلول وفي تنعم وتطور تأثير هذا المحور إلى أن وصل إلى آنس عندما كان يحصل فيها بعض التمردات والأحداث كانت ترتبط مباشرة بمحور خولان هذا المحور كان هدفه صنعاء إلى الاستيلاء أو الوصول إلى صنعاء. المحور الثاني : فقد جاء (وهذا تاريخ ما يغضبش أحد) من نجران في اتجاه البقع وقسم إلى قطاعين.القطاع الأول : بقيادة محمد بن الحسين دخل الجوف واستولى على المراكز في الجوف ونهبت كل أملاك الدولة، في تلك المنطقة بما فيها الخيل، كان فيها عدد كبير من الخيل، تملكها الدولة هناك نـُهبت ووزعت في القبائل وذهب الذكور في جهة والإناث في جهة، وانتهت هذه الخيل لعدم وجود التناسل في ومن الجوف انطلقت إلى سنوان وكانت معركة سنوان الذي اعتقد ليس هناك لزوم لشرحها إلا أني أشتي أوضح أن توقف الحملة في سنوان لم يكن بسبب العدو، الحملة لو نزلت من سنوان إلى الجوف إلى الأراضي لمفتوحة لاستطاعت أن تحقق المعجزات لنّ الأرض مفتوحة وتسمح بتحرك الأسلحة والآليات هناك وهم لا يملكون مثل هذه الأسلحة، إنّما الذي حصل أنّ وادي سنوان بين جبلين صخريين كانت تمر السيارة وسط هذا الوادي فعندما وصلت الدبابات، وجدت أنّ عرض الدبابة أكثر من قعر الوادي الذي سوق تمر فيه فاصطدمت بالجانبين، وتعذر نزول الدبابة، من هذا الوادي، حتى أنّه في الهجوم الثاني نزلت القوات من وادي الحميدات الواقع شمال شرق حرف سفيان، هذا المحور تطور أيضاً بعد أن فشلوا، تكبدوا خسائر كبيرة لأنّ القشلة أحرقت بهم وهم بيقوموا بالنهب والاستيلاء على ما في القشلة من فلوس وحب وذخائر وغيرها فأحرقت القشلة فرجعوا غاضبين فنهبوا محمد بن الحسين وفي أرحب كانت هناك معارك استمرت أيضاً إلى أن كان النصر بعد السبعين اليوم. العدو عندما كان يدخل أي منطقة أو أي مركز، يبدأوا بنهب ممتلكات الدولة وقتل بعض المقاومين لهم من جنود النظام المحدود القدرة والتسليح في هذه المراكز وأنا أريد أن أقول إنّها لم تتحرك حملة لا يمنية ولا مصرية إلى منطقة إلا بعد ما يحصل الاعتداء والنهب والقتل وقطع الطرق هذه حقيقة، ومن هذا المحور أيضاً كان هناك كل فرع بقيادة محمد بن الحسين تمركز في نهم وتسبب بالأحداث التي وقعت في بني حشيش ومحاصرة مركزها بيت السيد عدة مرات.القطاع الثاني منها : كان بقيادة الحسين، حيث انطلق في اليوم الثالث للثورة في اتجاه صعدة واحتل عدداً من المراكز كتاف وباقم ثمّ اتجه على صعدة، فتحصن جنودنا من الوحدات النظامية في حصن السنارة فوصلت الحملة من صنعاء واستطاعت أن تعيده على وائلة بالقرب من البقع.في القطاع الأول - من المحور الثاني - كان الهدف أيضاً الوصول إلى صنعاء، لكن القطاع الثاني كان الهدف هو احتلال القفلة وبالتالي التمركز في بلاد الأهنوم وشهارة والسودة على أساس الانطلاق منها لحرب طويلة إذا استمرت كما فعل الإمام محمد حميد الدين وابنه الإمام يحيى في حربهم للأتراك.المحور الثالث : هو - محور حرض - وفي هذا لمحور أيضاً كان الهجوم متأخراً تقريباً بعد عشرة أيام ما أذكرش التاريخ بالضبط، هو جبهة حرض، بس هزموا وما وقع الهجوم إلا بعد أن وصلت سيارةواحدة مدرعة كانت قد وصلت حرض واستطاعت برشاشها المتوسط والأرض المفتوحة أن تصدهم كانت هذه واحدة من المعارك الحاسمة، وتعتبر حاسمة لأنّ العدو لم يفكر بعدها بالهجوم من مناطق مفتوحة مثل تهامة أو أي قيعان من القيعان وعمد إلى تسلق الجبال، أنّ هذه هي المحاور التي تمّ الاعتداء على الجمهورية منها، حصلت في دمت وقعطبة أحداث بسيطة، ولكن قائد لواء إب (1) استطاع خلال الأيام أن ينهيها.يُقال في المثل (رب ضارة نافعة) موضوع هروب البدر من صنعاء يعني كان مفيداً من ناحية أنّ القيادة أسرعت بتحرك القوات فانطلقت حملة باتجاه شبام كوكبان وحملة في اتجاه عمران كحلان، هذه الحملات كاتن مبكرة وتجهزت بعدها حملات إلى صعدة وإلى مناطق أخرى، وتحرك وزير الدفاع الجائفي بنفسه إلى المناطق الغربية يعني أنّ هروب البدر كان محفزاً للإسراع في اتخاذ القرارات العسكرية المهمة.والحملة التي تبعت البدر إلى عمران هي التي أحبطت خطته في الاستفادة، من جيش شعبي كان قد أعد هُناك لمثل هذه الظروف من جهات الأهنوم فما أنّه وصل ليقوم بتجميعهم وإعدادهم، حتى كانت الحملة قد اتجهت إليه فأضطر إلى أن يغير خطة سيره من كحلان فاتجه إلى مسور يعني أنّه سلك الطرق الوعرة التي لن تلحق به لا دبابة ولا سيارة.الواقع أنّ كل المعارك التي حدثت بعد الثورة، واستفادت من التفوق الجوي عندنا هذا قد أحرم العدو من أنّه يتمركز في أي منطقة لنّ حتى حرب العصابات يجب أن يكون لها منطقة محمية يتمركزون بها وينطلقون منها ويكون لها نظامها الخاص، لكن العدو فقد هذه الميزة حتى المناطق التي استولوا عليها لم يستطع أن يوجد فيها مؤسسة تنظيمية لا للجيش لا اقتصاد لا إدارة ما فيش، يعني معلق في الهواء أو مختبئ في الجروف.ومن هذا المنطق نجد أننا يجب أن نتكلم من الموضوع نفسه، عن خطة الدفاع سأتكلم عنها كما وقعت على الواقع، يعني كما حدث على الأرض في ذلك الوقت لم تكن اليمن تملك خرائط، وجدت خريطة واحدة بقلم بخط ضابط إبراهيم خليل بيك هذه الخريطة طبعت في القاهرة، ووجدت في دار البشائر، وعندما استخدمت لأول مرة لغرض عسكري كانت كارثة، لأنّ مقياسها خطأ سواء بالمسافات أو بالزوايا فعندما نزلت قوات مظلات في صرواح نزلت هذه القوات في غير المحل المطلوب، نزلت في بني جهم، وهو بناءً على مسافة الخرائط، يعني نزلت بحوالي ثلاثة كيلو غرباً.فالظروف كانت صعبة ومن تجرِبة 48م وكانت هذه عبارة عن حساسية عند الرئيس السلام بالذات، لأنّه عانى في 48م من هذه التجرِبة، نجد أنّ ثورة 48م ركزت على الدفع عن صنعاء بأسوار صنعاء، وتركت المراكز والمدن الخارجية من دون إدارة أو سيطرة مما سمح للإمام أحمد أن يديرها من حجة ويستفيد من مواردها المادية والبشرية فحرك الدنيا من حولهم إلى أن سقطت صنعاء ولم يستطيعوا الدفاع عنها، فكان على القيادة أن تفكر بالدفاع عن كل المراكز الحكومية، وكل المناطق وكل المدن اليمنية حتى لا تقع بمثل هذا الخطأ الذي وقعت فيه في 48م، وأذكر من حساسية الرئيس السلال لهذا الموضوع أنّه ما نشتيش أنّ عبدالله الوزير الذي اعتقلوه هم حراسة، من النظام الذي كان يحرسوه فالرئيس السلال بعد تفجير الثورة مباشرة طلب وجود تطعيم الحرس عنده بسرية مصرية، لأنّه كان لا يزال لا ينسى شيء، ثورة 48م، في الحقيقة هذه الخطة كما نقول التي وقعت أو حددت على الأرض من دون أن تقع على الخرائط، هذه الخطة كانت عبارة عن ثلاثة خطوط دفاعية، وهذا على أساس الدفاع عن اليمن وكل المراكز.الخط الول : ويمتد من حرض - صعدة - مجز - صفراء - برط ثمّ فيما بعد الجوف، لأنّ الجوف كنا قد فقدناها لكن استعدناها - مأرب - الجوبة - حريب، هذه هي المناطق المهمة التي كان تركيز القيادة عليها في الشمال والشرق، واحتفظت القيادة أيضاً بقوة من الوحدات النظامية لا بأس بها في البيضاء ورداع وإب وقعطبة والراهدة وتعز والمندب وكانت هناك خطة جيدة للدفاع عن الحديدة بالذات وكان الدفاع عن الحديدة ساحلي وجوي يعني الدفاع الجوي لم يكن في الخطة أصلاً إلا في الحديدة وصنعاء، أما بقية المناطق فكانت الأسلحة الجوية تستخدم لمعارك البر. الخط الثاني: كان يهدف إلى دعم الخط الأول وهو الاحتفاظ بالمناطق في كل من حرف سفيان مناطق حاشد بالكامل، لأنها كانت على خط صعدة وبرط الاحتفاظ بمناطق حجة الاحتفاظ بالشرفيين المحابشة وغيرها،هكذا اقتضت الظروف المحافظة عليها على كحلان، وكانت هناك بعض المشاكل وتعرضت المناطق لعدة هجمات فاذكر أن حجة تعرضت لحوالي 13 هجوماً، ويمكن القول إن 30 % من أيام حجة حتى كان النصر في السبعين اليوم 30 % كانت فيها محاصرة، وهذه المدينة لم تسقط فقط، حتى بعد خروج المصريين كما قال الأخ المؤرخ الكبير سلطان ناجي لا أدري كيف نقلت إليه بعض المعلومات أنه عندما خرج المصريون سقطت حجة.وهذا لم يحدث، وكذلك برط أيضاً قال إنها سقطت، برط دافع عن أهلها، فالحسن عندما تراجع عن صعدة حاول أن يهاجم برط، لأن برط أيضاً من المراكز المهمة الوعرة والمطروحة حتى تصلح لهبوط طائرة، كان يريد أن يمسك هذه المنطقة حتى في النهاية تشكل منها كتيبة، كتيبة دارس، وأثناء حصار صنعاء دخلت هذه الكتيبة والتحقت بقوة الدفاع عن صنعاء.الخط الثالث والأخير: فهو خط الدفاع عن صنعاء نفسها، وهذا الخط بدأ من كوكبان عمران بيت مران والصمع في أرحب ـ بيت السيد في بني حشيش تنعم وجحانة في خولان، نقيل يسلح ـ بوعان في المنطقة الغربية، بما فيها جبل النبي شعيب هذه كانت خط الدفاع عن صنعاء في البداية ولكن هذه الخطة تعدلت في السبعين اليوم الخط حق صنعاء تعدل لأن القيادة رأت انه لو بقيت قواتنا في بيت السيد وهي محدودة الحجم لحوصرت هناك أو في بيت مران في أرحب لحوصرت هناك وانتهت كذلك في جحانة أو في تنعم، لهذا عدلت الخطة ووضع خط دفاع قريب يمكن إمداده، ويمكن إسعافه والدفاع عنه وهو خط الأزرقين بيت هارون، والمناطق حول المطار في الرحبة، لواء الوحدة كان في الجانب الشمالي الشرقي، له مواقع في القاع مش في الجبال في الجانب الشمالي الشرقي من صنعاء، دارس كان فيها كتيبة دارس ثم نقم وبراش وعصر، أما عيبان فأوكل أمرها إلى 30 جندياً من أبناء البلاد يحرسونها، ولهذا سقطت بسرعة، كذلك كان هناك ثغرة أهملت وهي النهدين أو حدين ريمة حميد سقطت، يعني أنه عدلت الخطة على هذا الأساس، كما عدلت الخطة وسحبت القوات إلى المناطق الخارجية، وهذا بناءً على المعلومات المؤكدة عن العدو، العدو عندما أراد أن يهاجم صنعاء ويحاصرها وضع ضابطاً من المخابرات الأمريكية خطة سميت (خطة الجنادل)، هذه الخطة وضعت وأحسن من يعرفها هو اللواء حسين خيران من اسمها ومن الواقع الذي حدث يمكن لأحد أن يتكلم عنها، الخطة هي أن العدو شبه قواته بالسيل اللي عتجي منه فهي لها روافد عت تجمع قواته من المناطق الشمالية بكاملها إلى الجوف يتقدم هذا السيل ثم توزع كجنادل.ـ الجندل الأول من هران ـ أرحب وتسلل من همدان لاحتلال جبل النبي شعيب.ـ الجندل الثاني لضرب مطار الرحبة.ـ الجندل الثالث إلى بني حشيش.ـ الجندل الرابع في اتجاه نقم من خولان.ـ الجندل الخامس من خولان في اتجاه جبل عيبان.وفعلاً نفذوا هذه الخطة إلى أن انتهت وكان النصر، ويمكن أن نقول إن المعركة الحاسمة هي معركتان:الأولى: معركة حرض كما قلت لأنها جعلت العدو يتسلق في الجبال وهذا وإن كان صعب علينا مقاومته إلا انه في نفس الوقت كان صعباً عليه التموين والاتصال كان هو يعاني من الجبال أو من واقع أرض المعركة الحاسمة.الثانية: كانت هي التي حققت النصر في السبعين يوماً، بينما هناك في كثير من المعارك كانت مدن تحاصر، ويفك عنها الحصار عدة مرات في مناطق كان قد أرسل إليها عدة حملات يعني حملة وتستبدل هذا وتكتسح هذا يعني عدة حملات لكن هذه المعارك لم تكن فيها معركة حاسمة لان التي حسمت الأمر هي معركة السبعين يوماً.لكن أنا أريد أقدم ملاحظة بالنسبة لصلاح المحرزي في السؤال الذي قدمه عبدالرحمن حسان ـ صلاح المحرزي ـ وبما أن موقعه انه لم يستطع أن يوضح ما أراد بقوله (سرقت منه).صلاح المحرزي خرج بعد الثورة كقائد لواء وأرسل لواءه إلى بني بهلول، وأثناء هذا التقينا به مجموعة وأثناء الحديث الذي تخللتة المجاملة قال لنا بالحرف الواحد: (الله يكفيكم شر العفاريت الزرق)، يقصد القيادة المصرية وعندما حدثت الأحداث التي تسببت بإعدام محمد الرعيني ومن معه وبعض الزملاء هربوا من خمر مفصولين بإنذار من الجيش كان هو معه بالأزرقين أخذ اجازة من القيادة ولم يتكلم معهم في شيء وذهب إلى القاهرة وقابل عبدالحكيم عامر وقال: فصلتم هؤلاء الضباط من الجيش، إذا كان هؤلاء سيفصلون من الجيش فمن الذي بقي معكم للدفاع عن الثورة في اليمن فجاء بتفويض من عبدالحكيم عامر على أساس أن يعادوا وبدأ الاتصال بهم إلى خمر وبدأ يرتب عودتهم إلى صنعاء وإلى أعمالهم، ما اعتقد أنهم عندما قال (سرقت منهم) أنه كان يعتقد سيطرة القيادة المصرية وتصرفاتها بالنسبة للضباط .
الدفاع عن الثورة.. ملاحم تاريخية
أخبار متعلقة