ترى هل أخطأ البردوني ( حكيم اليمن ومبصرها ) عندما قال: (ماذا أحدث عن صنعاء يا أبتي .. مليحة عاشقاها السل والجرب ).. أم أنه كان يرمي من ذلك إلى هذا الزمن الذي صارت به صنعاء غير ما أراد .. وأصبحت عدن هي المعنية بالأمر والكلام إياه؟!.حقيقة، ليس ما نقوله استهانة بالرجل، فلقد كان أبرع من يصور الأشياء وهو الأعمى، ونعجز نحن عن تصويرها، ونحن نراها.. وهذه سمة من الخالق عز وجل .. ولله في خلقه شؤون! عدن اليوم.. واقع مؤلم وحياة بائسة، لولا أن منحها الله مزايا تجعل من الناس، رغم الجراح متحابين متآلفين، فالذي يجري اليوم فيها لا يصدقه عقل، ولا يقره منطق أبداً.. فهل هذه عدن التي تغنى بها الشعراء وخلدها الأدباء والكتاب بعد أن خلدتها الكتب السماوية.. هل هذه عدن التي كنا نحلم بها فأفرغوها من تصوراتنا حولها؟!قال أحدهم وهو شيخ لا نود ذكر اسمه لكيلا يصاب البعض بالكدر.. إن عدن هي ( قرن الشيطان )، وهي كذلك بالنسبة له لأنها أرقته وأذلته.. لكن عندما فرط بها ( الرفاق ) كانت فريسة له، وأصبحت له ولأمثاله الجنة الوارفة الظلال، وعلى رأي المصريين ( اللي معه قرش يساوي قرش، واللي مامعهوش قرش مايسواش قرش). مر رمضان، وجاء العيد، وعدن تعيش كابوساً من الويلات والفجائع، والقمامات والليل الدامس الذي لازم الحياة، بسبب الكهرباء.. قاتل الله الكهرباء ومن يقطعها أو يتسبب في أعطالها.. عاشت عدن أسوأ أيامها.. وكأنها قرية أو شبه قرية.. تكبد الناس معيشة أراد لها السياسيون أن تكون هكذا.. وحولوا كلام البردوني إلى ( عدن ) بدلاً من (صنعاء)، ونحن نعتز بصنعاء كما نعتز بعدن ونحبها بجنون، لقد صارت عدن مرتعاً للكلاب الضالة.. وأين؟ في أحسن شارع بالمدينة، فشارع مدرم حال انطفاء الكهرباء يظل مرتعاً للكلاب الشرسة، وللبلطجية الذين بدأت تخف حركتهم.. والبلطجية لانقصد بها إلا قلة خارجة عن أخلاق وقيم المدينة، ولو وفرت لهم الدولة وظائف تليق بهم لتحولوا إلى أفضل شباب المدينة، لكن ما باليد حيلة.. فالدولة تساهم في تمييع هؤلاء الشباب وتحول بعضهم إلى مفترسين، شرسين.. اللهم سترك يا أرحم الراحمين. جاء العيد، وكيلو اللحمة بـ (3000) ريال، وكأننا في ( سلطنة بروناي ) حيث الذهب والثروة الضخمة، والشعب القليل الذي يلعب بالفلوس لعب (البطة).. تصوروا أن يرفع هؤلاء الأسعار بمزاج، وليس هناك من رادع، ثم يقولون لنا إننا نعمل لأجلكم، فأين هي سلطات عدن التي يتغنون بها وقد انفلت الزمام.المؤسسة الاقتصادية ( العسكرية ) وفرت اللحوم البقري في أيام رمضان بسعر الكيلو (900) ريال ورغم كبره ( لحم أثوار ) إلا أنه حل أزمة الغلابى، وحتى الميسورين.. لكنهم حال انتهاء رمضان والعيد، أغلقوا الحنفية، وأصبح ( الكاك ) جافاً.. والمثل يقول ( قطع العادة.. عداوة ).. وهو كلام معلوم عن هكذا أفعال مزاجية لاتستند إلى قانون أو خطط أو حتى أخلاق التعامل مع الناس. اسأل أنا المسؤولين في عدن.. هل انتشار الفوضى والقتل والقذارة هي من مهامكم .. هل أنتم راضون عما تقومون به من تعكير صفو الحياة، وتصرفون الملايين، والحياة كلها قذارة.. حتى أن ( الديدان ) بدأت تأخذ طريقها في أسراب على الطرقات الرئيسية وبجانب المساجد والحواري.. الخ. ثم أتساءل .. هل دور المسجد فقط في تبيان أعمال السلف الصالح وذكر المناقب والمعجزات فقط، أم أن دورهم هو إسقاط ذلك على واقع اليوم وتبيان الخلل .. بدل الدعاء الذي قد لايكون بعض في محله .. نريد المساجد أن تقوم بدورها الحقيقي، وأن تجمع الناس وتحثهم على فعل الخير ونقاء البيئة، بعد إهمال الدولة وعجزها عن عمل شيء لنا.
ما حك ظهرك .. إلا ظفرك
أخبار متعلقة