المناداة بتطبيق نظام الكوتا لا ترجع إلــى الضغوط الدولية المفروضة عـلــى الـــيـمــن
تعد المشاركة في الانتخابات جوهر العملية الديمقراطية تصويتا وترشيحا وهي النافذة الوحيدة للتغيير في الأنظمة الديمقراطية وباعتبار المرأة لها حق المواطنة مثلها مثل الرجل بحسب نصوص الدستور كفل لها الدستور حق التصويت والترشيح حسب نص المواد (42. 43) لكن الواقع غير ذلك فالمرأة اليمنية رغم مشاركتها الفعالة في الانتخابات المختلفة منذ عام 1993م تصويتا إذ أصبحت تمثل 48 % من سجلات الناخبين إلا أنها الأدنى في مستويات التمثيل في البرلمان والمجالس المحلية و ذلك راجع إلى الثقافة المجتمعية السائدة والقائمة على الموروثات والعادات والتقاليد التي يدعى للأسف الشديد أنها من الدين والدين بريء منها براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام واستسلمت لها المرأة اليمنية لفترة طويلة نتيجة لجهلها بحقوقها التي كفلتها الشريعة والقانون إلا أنه نتيجة لزيادة عدد المتعلمات اليمنيات ووعي السلطة السياسية ومتخذي القرار بأهمية تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة ـ البرلمان والمجالس المحلية ـ باعتبارها نصف المجتمع والوعي كذلك بالمنظومة الثقافية السائدة والتي مازالت تشكك في قدرة المرأة على التمثيل في المجالس المنتخبة بدأت الدعوة إلى الأخذ بنظام الكوتا النسائية لأنه في الواقع لا يمكن أن تصل المرأة في اليمن إلى المجالس المنتخبة ـ البرلمان ـ المجالس المحلية ـ إلا عن طريق الكوتا باعتباره إجراء مؤقتاً مرحلياً لبضع دورات انتخابية لتثبت المرأة قدراتها وكفاءتها وليقتنع ويثق بها الناخب بعد ذلك ويصوت لها رجلا وامرأة .[c1] أسس المطالبة بتطبيق نظام الكوتا في اليمن [/c]وأشارت الدكتورة سارة عراسي في ورقتها حول التعديلات القانونية المتعلقة بنظام الكوتا إلى أن المناداة بتطبيق هذا النظام لا يرجع إلى الضغوط الدولية المفروضة على اليمن فهذا الكلام ليس له أساس من الصحة خصوصا إذا ما علمنا أن الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها اليمن معظمها تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة في الحق في التصويت والترشيح دون أي تمييز بينهما كاتفاقية الحقوق السياسية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة باتفاقية السيداو.وقالت ان ما دعت إليه اتفاقية السيداو في المادة ( 4 ) التي تنص على أنه : ( لا يعد اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزا بالمعنى الذي تأخذ به الاتفاقية ولكن يجب ألا يستتبع على أي نحو الإبقاء على معايير غير متكافئة و منفصلة ، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة ) من إجراء تمييز إيجابي فقد أكدت ضرورة أن يكون إجراء وقتياً ومرحلياً وقد صادقت عليها اليمن عام 5/30/ 1984م والاتفاقيات الدولية من حيث السمو القانوني أدنى مرتبة من الدستور وأسمى من القوانين الوطنية وعليه فهي ملزمة لليمن بما لا يتعارض مع السيادة الوطنية والشريعة الإسلامية بمجرد المصادقة عليها ، وبالرغم من هذا لم تتم الدعوة إلى الأخذ بالكوتا إلا في السنوات القليلة الماضية وفي هذا أبلغ الدليل على أن المطالبة بهذا النظام في الوقت الحالى سببه ـ كما سبق القول ـ إدراك المرأة اليمنية لحقوقها المكفولة لها بنصوص الشريعة والقانون وإدراكها للصعوبات والمعوقات المجتمعية التي تحول دون التصويت لها في الانتخابات البرلمانية ووعى الإرادة السياسية بأهمية دور المرأة باعتبارها نصف المجتمع ومكملة للرجل وإدراكها إيضا للمنظومة الثقافية السائدة التي تحول دون وصول المرأة إلى مجلس النواب والمجالس المحلية مشيرة في الوقت نفسه الى ان النظام يضمن تواجد المرأة وتمثيلها ويضمن كذلك تغيير النظرة المجتمعية للمرأة إذا أحسنت المرأة الاستفادة من هذا النظام .[c1] الكوتا النظام الأمثل في اليمن [/c]وأكدت د. سارة العراسي إلى أن يجب النص في الدستور على تخصيص (30 %) من مقاعده للنساء كماينبغي توضيح الآليات المناسبة للأخذ بها في النص الدستوري في المادة (63) من الدستور لما يمثله النص الدستوري من سمو قانوني بمعنى أنه لا بد من بيان بأي شكل من أشكال الكوتا النسائية ستأخذ وتوجهت العراسي بسؤال هل بنظام القائمة الوطنية النسائية يمنح الناخب صوتين واحد لاختيار مرشح دائرته والثاني لاختيار القائمة النسائية، أم سيخصص مقعد لكل محافظة كحد أدنى على أن يجرى توزيع باقي المقاعد المتبقية على المحافظات الكبرى وفقا لوزنها السكاني ويجرى اعتماد المحافظة كوحدة انتخابية واحدة وتختار مرشحة واحدة ، أم أنه سيتم إلزام الأحزاب السياسية بتخصيص نسبة من قوائمها لصالح المرأة أم ماذا ؟ وقالت د. عراسي إن من المناسب وضع نصوص وفقا لنظام القائمة النسبية وكذا وفقاً للنظام المختلط حيث يتوقع الأخذ بأحدهما في المستقبل القريب والنصوص المقترحة على النحو التالي :أولاَ: النصوص المقترحة في ظل توقعات التطبيق الكامل لنظام القائمة النسبية لملء كل مقاعد البرلمان ، وحتى يمكن استيعاب نظام الكوتا في بلادنا فإنه من الملائم زيادة عدد مقاعد مجلس النواب الى 391 مقعدا يخصص منها (30 %) من عدد المقاعد للمرأة.وبذلك نقترح تعديل المادة (63) من دستور الجمهورية اليمنية والمادة (53) من قانون الانتخابات العامة والاستفتاء وذلك على النحو التالي:[c1] • مادة (63) من الدستور: [/c] يتألف مجلس النواب من 391 مقعدا يخصص 30 % من عدد المقاعد للمرأة، وتجري الانتخابات لشغل تلك المقاعد عبر الاقتراع السري الحر المباشر المتساوي، وبنظام القائمة النسبية المغلقة ، تكون فيه الجمهورية اليمنية دائرة واحدة، ويحدد القانون الجوانب المتعلقة بقوائم الترشيحات،وتوزيع المقاعد على القوائم ، وتمثيل المرأة، وغير ذلك من الاجراءات والضوابط المتعلقة بالعملية الانتخابية[c1] •مادة (53) من قانون الانتخابات العامة والاستفتاء:يتالف مجلس النواب من 391 مقعداً 30 % منها تخصص للمرأة ، وتجري الانتخابات لشغل تلك المقاعد عبر الاقتراع السري العام الحر المباشر وبنظام القائمة النسبية المغلقة ، تكون فيها الجمهورية دائرة واحدة.- وقالت د.عراسي من الضروري أن تمثل المرأة في كل قائمة من قوائم الترشيح بواقع (3) مرشحات من بين كل عشرة اسماء بحيث تاخذ الارقام (3، 6 ،9) من العشرة الاسماء الأولى , (13 ، 16 ، 19) من العشرة الاسماء الثانية .. الخ ، وهكذا حتى بلوغ نهاية اسماء كل قائمة.[c1] النصوص المقترحة في ظل النظام المختلط [/c] وفي هذا الوضع تقول عراسي في ورقتها إنه من الواجب انتخاب عدد من أعضاء مجلس النواب من خلال نظام القائمة أو ما يعرف بنظام التمثيل النسبي، والعدد الآخر المكمل يتم انتخابهم من خلال نظام الانتخاب الفردي أو ما يعرف بنظام الفائز الأول وهو المعمول به حاليا والذي يعتمد على الدائرة الصغيرة التي يصعد منها عضو واحد لمجلس النواب. وبنفس المقترح الأول يتم زيادة عدد مقاعد مجلس النواب إلى 391 مقعداً. وفيما يلي النصوص المقترحة لتعديل المادة (63) من الدستور والمادة (53) من قانون الانتخابات العامة والاستفتاء في حال تم تطبيق النظام المختلط (عدد من المقاعد يتم شغرها بالانتخاب بنظام القائمة النسبية المغلقة ، وبقية المقاعد بنظام الفائز الأول). والنص المقترح كما يلي:[c1] -المادة (63) من الدستور:[/c]مادة (63) أ- يتألف مجلس النواب من 391 مقعدا ، يخصص للمرأة نسبة 30% من إجمالي عدد المقاعد. ب- ينتخب 234 نائبا ونائبة عبر نظام القائمة النسبية المغلقة ، و 157 نائبا ونائبة عبر نظام الانتخاب الفردي أو ما يعرف بنظام الفائز الأول ، وتجري الانتخابات عبر الاقتراع السري العام الحر المباشر ، ويحدد القانون الجوانب المتعلقة بتقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد على قوائم الترشيحات وتمثيل المرأة وغير ذلك من الضوابط والإجراءات المنظمة للانتخابات. التعديلات المقترحة على المادة (53) من قانون الانتخابات العامة والاستفتاء وكما يلي : مادة(53) أ- يتألف مجلس النواب من (391) مقعدًا وتجري الانتخابات عبر الاقتراع السري العام الحر المباشر ، ويخصص للمرأة نسبة 30 % من إجمالي عدد المقاعد. ب- ينتخب 234 عضوا من إجمالي عدد أعضاء مجلس النواب عبر نظام القائمة النسبية المغلقة ، يخصص للمرأة 50 % من إجمالي ذلك العدد، ولغرض الانتخاب بنظام القائمة النسبية تكون الجمهورية دائرة انتخابية واحدة.كما يجري الانتخاب للـ 157 مقعدا الباقية من مقاعد مجلس النواب ، من خلال نظام الانتخاب الفردي أوما يعرف بنظام الفائز الأول ، ولهذا الغرض تقسم الجمهورية إلى 157 دائرة انتخابية متساوية من حيث العدد السكانـي مع التجـاوز عن نسبة 5% زيادةً أو نقصاناً وينتخب عن كل دائرة عضو واحد. ج- يخصص للمرشحات من النساء الأرقام (10,8,6,4,2) من العشرة الأسماء الأولى والأرقام (20,18,16,14,12) من العشرة الأسماء الثانية وهكذا حتى نهاية عدد أسماء كل قائمة ترشيحات.ولاشك أن تخصيص مقاعد محددة في المجالس المنتخبة للنساء وإن كان يعد تمييزا لكن له ما يبرره في الوقت الحاضر , كما أن المرأة إذا أثبتت كفاءتها وجدارتها في حالة ما إذا أقر الكوتا واجتهدت فإن هذا سينعكس إيجابيا عليها في مختلف المجالات الوظيفية، وفي هذا الصدد لابد من الإشارة إلى أن نص المادة (31) من الدستورى الحالى والتى تنص على أن : ( النساء شقائق الرجال ، ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ماتكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون) يحتوي على نوع من التميز بين النساء والرجال ومن ثم نعتقد أنه من الأفضل العودة إلى نص المادة (27) من الدستور قبل تعديله سنة 1994م حيث كانت تنص على :(أن المواطنين جميعهم سواسية أمام القانون وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم بسبب الجنس أو اللون أو الأصل أو المهنة أو المركز الاجتماعي أو العقيدة ) .واختتمت د. سارة ورقتها مؤكدة أهمية التوعية المجتمعية بالأخذ بنظام الكوتا النسائية في المرحلة القادمة كإجراء مؤقت لبضع دورات انتخابية لأن الكوتا وحدها لا تكفى لتحقيق وجود فعال للمرأة في الحياة السياسية بل لابد من تحسن أوضاعها في مختلف مجالات الحياة وهذا لن يتحقق إلا إذا تغيرت المنظومة الثقافة والقيمية والمورثات النمطية السائدة وتفاعل جميع الأحزاب والقوى السياسية في اليمن فوجود النصوص الدستورية والقانونية لا تكفى إذا لم يوجد الوعي والآلية المناسبة لتطبيق هذه النصوص على أرض الواقع .ولفتت إلى انه ينبغي على المرأة أيضا أن تدرك أن نظام الكوتا إجراء مؤقت لتسهيل الطريق أمامها وعليها أن تحقق ذاتها وأن تبذل الكثير من الجهد لكسب ثقة الناخب وأن تحسن الاختيار فيمن يمثلها من النساء في حالة الموافقة على التعديل الدستورى .