داليا عدنان الصادقحين يصل الزوجان إلى طريق مسدود في علاقتهما الشخصية قد لا يعيان مدى التأثير الذي يعكسه الانفصال على حياة الطفل ولاسيما بدءاً من الخامسة من العمر حين يأخذ في التساؤل حول الأسباب التي تجعل والديه يعيشان منفصلين. وحري القول إن الطفل يجب أن يتلقى التشجيع للتعبير عن مكونات نفسه وأن يكون قادراً على استيعاب بعض التغيرات التي يمكن أن تطرأ على تصرفات الأهل ففي معظم الأحيان يقوم الطفل بإلقاء تبعة طلاق والديه على نفسه وذلك حين لا يتم تقديم الإيضاحات اللازمة إليه.وليس نادراً أن يعيش الطفل من جراء ذلك، الشعور بالذنب طوال سنوات من حياته ما يورثه التذبذب والشعور بانعدام الأمان والقلق وغيرها من الاضطرابات التي تطبع تصرفاته اليومية لذا فمن الضروري أن يفهم الطفل أنه ليس السبب خلف طلاق والديه وأنه ليس مسؤولاً عن القرارات التي يتخذها الراشدون ذلك أن الطفل يمكن أن يلقي باللوم على نفسه حين يقال إن الانفصال يأتي للحفاظ على مصلحته وعلى الوالدين في هذه الحالة شرح حقيقة الأمر والتحقق من مخاوفه وما يعتمل في نفسه حول الموضوع.مرحلة ما بعد الانفصالفي العام الأول على انفصال الوالدين يمكن أن نلاحظ عدداً من التصرفات المختلفة تبعاً لسن الطفل، وبشكل عام يمكن القول إنها عبارة عن مشاعر من السخط والغضب إضافة إلى الحزن الكبير والشعور بالذنب ويخف عمق هذه المشاعر والتصرفات عادة في العام التالي على الطلاق مع العلم أن رد الفعل يكون عادة لدى الصبية أكثر منه لدى الفتيات فغياب الوالد يكون أقوى تأثيراً في الذكور من مختلف الأعمار ويكون تفاعلهم أكثر قوة فتستمر مشكلاتهم فترات أطول وفي حالة غياب الوالد عن الأسرة كما هو الوضع بالنسبة لمعظم حالات الطلاق لاسيما إذا كان الأطفال لا يزالون في سن مبكرة نجد الأم هي المسؤولة وتزداد قسوتها على ابنتها أكثر من ابنها وفي مقابل ذلك يفقد الصبي الشخص الذي كان يملي عليه سلوكه، أي الوالد، ما يؤدي بشكل عام إلى مزيد من التفلت، تضاف إليه مشاعر انعدام الأمان التي تتملك الطفل بعد طلاق والديه التي يترجمها بالتصرفات العنيفة.ولا يعني هذا أن الطفل الذكر يصبح بمنأى عن قسوة الوالدين ذلك أن الطفل يتلقى من انتقادات الأهل كماً أكبر مما تلقاه الطفلة الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى إضعاف ثقته بنفسه وتقديره لذاته لاسيما أن عنصراً ثالثاً يعانيه الطفل الذكر في حالات كثيرة وهو النقص في العاطفة التي يتلقاها من أحد الوالدين أو كليهما حيث الملاحظ أن المدرسات والآباء يتفاعلون مع حاجات الفتيات للتقارب وإظهار مشاعر العطف والحنان أكثر مما يفعلون مع الأولاد وكلها عوامل تنعكس من خلال المزيد من التصرفات العنيفة من قبل الصبيان.لوم الذات وتحمل المسؤوليةتظهر مشاعر الطفل من خلال كثرة الأسئلة التي يطرحها على والديه للتأكد من مدى حبهما له أو لها عدة مرات في اليوم الواحد كما يظهر الطفل مزيجاً من مشاعر الخوف من فقد حب الوالدين والخوف من أن يتم التخلي عنه وانعدام الأمان والقلق وعدم إظهار الطاعة ويمكن أن تزداد هذه المشاعر حدة إزاء الخلافات التي يمكن أن تنشب بين الطليقين.وقد يظهر كذلك المزيد من العوارض الناشئة من واقع اختلافات وضع الأسر كأن يعيش الطفل مثلاً وهم وقوع الصلح بين والديه وكأنه واقع أو أن ينحاز إلى أحد الطرفين وصولاً إلى انقلاب الأدوار حيث يجسد الطفل دور الأهل.ويجب أن لا يجعل الطفل عنصراً أساسياً في الخلاف بين الطليقين وأن يكون الأهل قادرين على تأمين احتياجات الطفل المادية كذلك حتى يشعر بالتغيير الحاصل في حياته.الأخت (م. ع. س) موظفة قالت إن أكبر خطأ ارتكبته في حق نفسها هو أنها سمحت لأخت زوجها بتحويل حياتها الزوجية إلى جحيم على حد قولها، لأنها تعيش معهم في البيت نفسه إذ "كانت تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتها الزوجية وكانت تنصب لي المكيدة تلو الأخرى" وأوضحت لنا عن بدايات هذه العلاقة المتوترة قائلة: "أهل زوجي يقطنون في منطقة ريفية بعيداً جداً عن المدينة حيث نقيم وفي أول زيارة لهم إلى بيتنا وأنا عروس خدعتني شقيقة زوجي التي تصغر زوجي سناً بمظهرها الهادئ وصوتها الخافت مما شجعني على أن أعرض عليها الانتقال للعيش معنا في المدينة لإكمال دراستها في الكلية التي ترغب بها والكائنة في المدينة التي نقطنها وليتني ما فعلت".وتضيف: لقد صنعت لها معروفاً فقابلته بما جعل خيط العلاقة بيني وبين زوجي أوهن من خيط العنكبوت إذ ما أن استقرت بها الأحوال معنا حتى تفرغت بعدها لتنكيد حياتي والتنغيص عليها وزرع الخلافات بيني وبين أخيها فلاحظت مثلاً ما إن نبتاع شيئاً جديداً للبيت حتى ترسل حماتي (الأم) قائمة من الطلبات التي أرهقت ميزانيتنا وأدخلتنا في أزمات معيشية متواصلة.الأخت (س. ص. م) موظفة قالت: على الرغم من أن شقيقة زوجي لا تعيش معنا في بيتنا بل تعيش في مدينة تبعد مئات الكيلومترات عنا وعلى الرغم من أنها متزوجة ولديها أطفال ومسؤوليات إلا أنها لا تتردد في المجيء إلينا في رحلة تستغرق يوماً بكاملة براً فقط لتثير المشكلات في حياتي وتزرع بذور الشقاق بيني وبين زوجي وتسببت هذه الشقيقة في آخر زيارة لها في جعل شقيقها يرمي يمين علي الطلاق.وتقول شاكية: أنا مثال حي للمعاناة من أخت زوجي فمنذ اليوم الأول لخطبتنا وهي دائمة الخلاف معي بسبب ومن دون سب كما تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتي وكثيراً ما تحرض شقيقها علي حيث توحي له بأنني زوجة مبذرة وغير مدبرة وأنه غير محظوظ بزواجه بي وكانت السبب المباشر في أول يمين طلاق رماه زوجي علي وذلك أثر مشاجرة حادة بيني وبينها وصلت إلى درجة الاشتباك بالأيدي ولم أمتثل لشدة انفعالي حينها لأوامره بالتوقف عن ذلك وتركت منزلي لأول مرة منذ عشرة أعوام ولم أعد إليه إلا بعد وساطات عائلية.الأخت (هـ. ق. أ) ربة بيت قالت: أنا أعيش فترات قطيعة متفرقة مع شقيقة زوجي بلغت مدة آخرها ست سنوات لم نتواصل خلالها أبداً على الرغم من المحاولات المستمرة من زوجي لإصلاح ذات بيننا.وأضافت قائلة إن "أخت الزوج أمر من الحماة" والحق يقال إن حماتي رحمها الله كانت أمراة طيبة لم تكن تعاملني كما تفعل ابنتها الآن التي تعتبرني عدوتها اللدودة وتسعى جاهدة إلى النيل مني وذلك بإحراجي وإبراز عيوبي أمام أفراد العائلة والزوار والتقليل من شأني في أي حوار يدور معها ما جعل القطيعة هي الحل الوحيد كي أتخلص من هذا الوضع المرهق نفسياً بالنسبة إلي.الأخت (و. أ. ص) موظفة قالت: أخت زوجي امر محترمة لم تتدخل في حياتي أبداً إلا بالخير وهي تعاملني بأحسن مما تعامل أخاها نفسه وعندما لا يعجبها أمر فإنها تلمح إلى ذلك بدبلوماسية ودون التسبب في أي إحراج لي من أي نوع.وأضافت أن الزوج هو صمام الأمان المشترك في هذه العلاقة فإذا عامل الرجل زوجته باحترام وحب أمام أهله فإنه يدعوهم بذلك إلى معاملتها بالمثل لاسيما الأخوات فلن تجرؤ أي واحدة منهن بعد ذلك على معاملتها بسوء.الأخت (س. ز. ع) موظفة قالت: علاقتي بشقيقة زوجي علاقة مثالية فنحن صديقتان وكثيراً ما تلجأ إلى وتسمع مشورتي وكل ما أقوله لها أو تقوله لي يجد صدى عند كلينا ولقد سكنا معاً فترة من الوقت فأصبحنا مثل الأختين وأكثر حيث تعمقت العلاقة بيننا وتبادلنا الاحترام والمحبة.وأضافت أن حسن معاملة بنت الحماة يرجع إلى الأصل الطيب، والتربية الجيدة للفتاة هي التي تصنع منها حماة جيدة وكذلك شقيقة زوج محترمة وفي المقابل عندما يكون هناك خلل في هذا الجانب نجد بنت الحماة تحاول إثارة المشكلات والفتن بين أخيها وزوجته.الأخت (م. ع. ق) موظفة قالت: أنا أمتنع تماماً عن التدخل في حياة شقيقي وزوجته فالعلاقة بين أي رجل وزوجته منطقة حساسة وتدخل أي طرف فيها لن يكون أبداً في مصلحته لأن الزوجين بمجرد أن يتصافيا ينسيان ما فعلاه ويبدآن في البحث عن دور الآخرين في تأجيج نار مشكلتهما لذا فإنني لا أتدخل في شؤون زوجة أخي وحياتها الزوجية ولا أمارس أي أدوار (حموية ) كما لا أتبرع بأي نصيحة أو مشورة إلا إذا وجدت لديها الاستعداد لسماعها وتقبلها.وتضيف قائلة: علاقتي بزوجة أخي علاقة طبيعية ويسودها الاحترام والحب المتبادل على الرغم من أنني أصغر منها إلا أنها تعتبرني أختها وصديقتها وتستشيرني في كثير من الأمور وأجد أن لرأيي صدى عندها.وحول إمكانية لعب “الحماة الابنة” دور “الحماة الأم” يشرح الدكتور الغزوان بالقول “إن مدى تقمص “الحماة الابنة” دور “الحماة الأم” يعتمد على قابلية الأولى واستعدادها للتدخل في شؤون تعتقد أنها من الضروري أن تتدخل فيها ولأغراض مختلفة لا تخرج عن دوافع ما تتصور أنه الحرص على مصلحة شقيقها أو تصيد ما يمكن أن يحسب على الزوجة من أخطاء قد تستفيد منها في خلق مواقف تعتقد أنها تضمن لها السيطرة على سير الأمور سواء أكان داخل البيت أم داخل كيان الأسرة ككل ولكن يبدو أن دور البنت يتخذ مساحة أكبر كلما ضاقت مساحة دور الأم.وعن الأسباب التي تدفع البنت أصلاً للتدخل في الحياة الزوجية لشقيقها يوضح د. الغزوان: بعض الأحيان نجد أن أخت الزوج تتدخل في شؤون الزوجة بل والزوج لأسباب متعلقة بها هي كوضعها الاجتماعي خاصة إذا كانت تعاني فراغاً اجتماعياً وعاطفياً بحيث تغلقه بالتدخل في الحياة الزوجية لشقيقها بل وقد يتجاوز هذا التدخل الزوجة ليصيب أبناء شقيقها تحت ذرائع عدة وهذا بالتأكيد مرتبط بدرجة الوعي والتركيبة النفسية والتربوية للبنت المكتسبة من الأسرة التي لها دور في رسم صورة العلاقة بينها وبين زوجة شقيقها . ويؤكد الدكتور الغزوان أن انهماك الزوج في واجباته الاجتماعية والأسرية لا يعفيه أبداً من دوره المهم في إقامة حالة من التوازن عند تقاطع الآراء واختلاف وجهات النظر بألا تندفع الأمور في اتجاه الصراع وعليه هنا أن يعمل على بسط جو من التفاهم وكذلك تفهم وجهات النظر المطروحة من جميع الأطراف ولا يسمح لأي طرف أن يتجاوز الحد المرسوم له من منطلق موقعه في الأسرة فكل طرف له مكانته وعلى الجميع احترام هذه المكانة فيقدر ما للأخت من قيمة اجتماعية وفي المقابل القيمة الاجتماعية للزوجة وعليه الحفاظ على التوازن من بين هذين الجانبين بما يضمن عدم توسع وامتداد أحدهما على حساب الآخر.الوضع الاجتماعي (للأخت)ويشير الغزوان إلى الاختلاف المتعلق بنوع التقاطعات والإشكالات المثارة عند المقارنة بين تدخل الشقيقة المتزوجة وتلك غير المتزوجة إذ يقول: كما لفت آنفاً فإن الوضع الاجتماعي للشقيقة له أثر كبير في هذه المسألة لكن العملية تبقى مقترنة بحجم التدخل في الشؤون الزوجية حتى في حالة استقرار الشقيقة اجتماعياً وهذا غالباً ما يحصل عند ضمور دور الأم في هذا الجانب يرافقه ضعف في دور الزوج حيث يبقى الإشكال قائماً من خلال التدخل والتقاطع في الرأي مع الزوجة.وواصل: أما إذا لم تكن الشقيقة متزوجة وكانت مستقرة اجتماعياً فهذا ربما يدفعها إلى التدخل بشكل يفوق تدخل الشقيقة المتزوجة مع أن هذا الأمر برمته يبقى معيارياً ومرتبطاً بشكل واضح بمستوى الوعي والمستوى التعليمي وأحياناً من الممكن أن تكون الشقيقة موضوع تشاور من قبل زوجة أخيها إذا كانت على قدر كاف من الوعي يؤهلها لتبوؤ هذه المكانة. وتأكيداً لما سبق ذكره يرى أيمن عبدالله الاختصاصي الاجتماعي في مستشفى الطب النفسي أنه من الممكن أن تتقمص الابنة دور (الحماة) تحت ظروف عديدة منها أن تكون الأم الحقيقية داخل الأسرة ذات شخصية ضعيفة أضف إلى ذلك أن انشغال الأم في بعض الأحيان يدفعها إلى أن توكل مهام البيت إلى البنت خاصة الكبرى فتصبح هي المسيطرة والمهيمنة وتكون هي الأم الفعلية للأسرة وربما تقوم بتحريض الأم على إحكام السيطرة على زوجة الابن.
|
المجتمع
طفل بين طليقين
أخبار متعلقة