كتــــــاب " الميـــــزان "
د. زينب حزام وقعت قبل أيام مصادفة على نسخة مطبوعة من كتاب الشعر اليمني القديم فرأيت بعد أن استمتعت بقراءته أن أدعو إلى ضرورة إعادة طباعة الكتب الثقافية التي صدرت في الخمسينات من القرن الماضي نظراً لكونها قد نفدت من الأسواق خاصة الكتب التي تتعلق بالثقافة والفن والعلوم الإنسانية.وكتاب " الميزان" هو من تأليف الأديب الراحل محمد عبدالقادر با مطرف يتعلق بالتبيان وضبط بحور الشعر الشعبي اليمني وكشف مواطن الكسر والسقط والزيادة في اشطر أبياته وصدر هذا الكتاب في المكلا 23 ذو الحجة 1404هـ 18 سبتمبر 1984م وطبع في دار الهمداني للطباعة والنشر سابقاً في عدن.يقول الأديب الراحل محمد عبدالقادر بامطرف في مقدمة كتابه ( الميزان) : لا ريب في أن اليمنيين كانوا منذ أن عرفوا قول الشعر في القديم يزنون أشعارهم ويقطعون أصوات كلماتها تقطيعاً فنياً ليميزوا بالوزن والتقطيع صحيحها من مكسورها وزائدها من ناقصها .. وكذلك كان بقية الشعراء العرب فيما أظن. ويواصل قائلاً : " أني أتحدث هنا عن الشعر الحميني أو ما يسميه البعض بالشعر الشعبي.. وفي الكتاب اعتمدنا وصف " الشعبي " على ما يسمى بالشعر العامي ، تمشياً مع التسمية المتعارف عليها عندنا في هذه الأيام ولقد توارث اليمنيون سماعاً وكتابة جيلاً بعد جيل تلك القواعد التي كانوا يضبطون بها أوزان أشعارهم الشعبية بيد أننا مبالغون إلى الاعتقاد أن الشعراء وكذا النقاد المهتمون بالأشعار الشعبية أهملوا مع تفشي عصور الانحطاط والظلام التي مرت بها اليمن تلك القواعد على الرغم من أن القلة القليلة منهم ما يزالون يذكرون إلى اليوم وبصورة ضبابية أسماء بعض بحور النظم وعيوب القوافي التي توارثوها منذ القديم . يقول الشاعر اليمني حسين بن عبدالله القعيطي: قال الفتى الشاعر تركت الشعر وتركت القلم لاهم من دنيا ولا راسي توطيه الحتم ويجد القارئ في الأغاني اللحجية العديد من البحور المتداخلة في الأهازيج والموشحات المختلفة الأشكال والألوان واغلبها شائق ولطيف يأخذ بمجامع القلوب منها على سبيل المثال لا الحصر موشح الشاعر صالح نصيب الذي يقول في مقطوعته الأولى : كم يقل لي الليل ياولهان توب كم يقل للعين لا تبكي ذنوب قال يكفيها بكاء قال يكفيها شكاء قال ياما ناس من قبلك شكت ظلم القلوب ورد القلب بالآهات وزاد النوح والأنات واللوعة تقل لليل ذا نصحك ذنوب يقل لي الليل توب ونا مقدر أتوب وعن القافية وحرف القصيدة يقول الشاعر اليمني عبدالله محمد با حويرث في قصيدته: وادخل إلى الشجر لي فيها الشرق ينبع سعاد لي شيد المولى مبانيها سوق الكحيلة عليها النور يتلمع لي بيت فتنه القعطه مرافيها وقع لها يا حبيبي حال ما ينفع وين المربي الذي هو با يربيها وفي هذا الكتاب عن الشعر الشعبي اليمني المعروف " بالحميني" نجد الكاتب والأديب محمد عبدالقادر بامطرف قدمة بعد جهد خمس سنين من البحث الدؤوب المتواصل تمكن من وضع قواعد لتبيان وضبط بحور الشعر الشعبي اليمني ويعتبر " الميزان" إضافة جديدة حقاً إلى الجهود التي يبذلها الأستاذ با مطرف في خدمة القضايا التاريخية والتراثية والكتاب دعوة أصيلة لقراءة ذوقية متجددة لتراثنا اليمني في مجال خصب من مجالاته وهو الشعر الشعبي اليمني المعروف " بالحميني " مثل هذه الكتب نجدها قد اختفت من الأسواق وهي في حاجة إلى إعادة طباعتها. [c1]نداء [/c]معظم الكتب التي تتعلق بالشعر والأدب والرواية اليمنية وخاصة التي طبعت في القرن الماضي تحتاج لإعادة نظر في طباعتها وخاصة التي تتعلق بالتاريخ والحضارة اليمنية حتى نستطيع وضع أساس متين لحضارتنا المعاصرة وفتح أبواب الثقافة حتى نتيح نقل العلوم والأدب بين الشعوب وذلك بتحقيق التواصل مع الحضارات الأخرى ودعم أركان النهضة الثقافية والاهتمام وتوسيع دائرة الكتاب اليمني وتشجيع البحوث الثقافية والعلمية وخاصة كتب الشعر اليمني القديم والحديث والموسيقى اليمنية وتدوين التراث الغنائي والموسيقي وكتابه النوتة والألحان الغنائية. إن الكثير من الألحان اللحجية قد اتخذت طابعاً ايقاعياً منغماً في بناء الجمل اللحنية ما يدل على أنها قد بنيت على نقرات إيقاعية موزونة وقد تطورت وأصبحت تنغم عند القمندان وتبني بها جمل لحنية هي في الأصل تركيبة إيقاعية موزونة كما هو الحال في لحن ( وأبو زيد ) فلو تتبعنا الصياغة اللحنية في التوشيح واللازمة والتقفيل سوف نلاحظ أنها تخضع لضغوط إيقاع الرزحة وتوقيعاته الداخلية ما يعني أن طريقة القمندان في صنع الألحان اعتمدت غالباً على مزج الأنغام بالتوقيعات الإيقاعية. ويلاحظ ايضاً أن تلك الألحان الشعبية كانت تؤدي على وتيرة واحدة لاتتعدى في بنائها اللحني الأربع أو الخمس نغمات من السلم الموسيقي المكون من سبع نغمات أي أنها لا تتعدى حدود الجنس الواحد من السلم الموسيقى أو المقام المستخدم والمكون من أكثر من جنس ذلك إن تلك الألحان قد لحنت بواسطة آلات شعبية محدودة الأصوات مثل المزمار والسمسمية والعود اليمني القديم واحياناً أخرى بواسطة الحنجرة البشرية التي يجمل صاحبها طبقة ومساحات صوته وبمصاحبة طبول الهاجر والمراويس والمرفع. وأغنية ( و أبو زيد ) شعر احمد فضل القمندان اللحن شعبي قديم : [c1]توشيح [/c]عذبني المكحل طويل الهدب لما هاش عقلي عجيبي عجب ياليته يقول لي اشوه السبب وإلا با يسلي على خاطري دع دع عني الملازم كم عذبني الغرام ليه عيني ما تنام طرشني وهب وهب مولى البنجري الذهب سامي الأصل والنسب وأبو زيد يا مسلي على خاطري