نافذة
القيادة والحكم الرشيد ضــرورة لــلاستجـــابــة للتحديات التي تواجهها المجتمعات العربية في مجال التنمية حيث أن مفهوم القيادة والحكم الرشيد بـدأ مؤخراً فــي الانتشار في أدبيات العلوم السياسية والإدارة مـنـــذ مطـلـــع التسعينــــات مرتبطــــاً بالتغيـيــرات العاصفـــة التي اجتاحـــت ولا تــزال تجتـاح العالــم، وظهرت أشكال وأساليب الحكم والعلاقة بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص ومنظمــــات المجتـمـــع المدني كقضيــة ملحــة لضمــان تفعيــل تلــك الممارسة كنموذج للحكم الرشيد في ممارسة السلطة مع قبول مبدأ المحاسبة، والتزامه بقيم الشفافية، والسعي إلى تمكين أطراف المجتمع من المساهمة في صنع السياسات بهدف تحقيق أعلى كفاءة تستطيع إدارة وتوزيع الموارد بعدالة ونزاهة.وأصبحت زيادة المدخلات لا تشكل سبباً رئيسياً اليوم في احداث تنمية ولا تعوض فوائد الحكم الرشيد بما أن تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية تتطلب التوجه للحكم والإدارة الرشيدة وضرورة إصلاح أنظمة الحكم وبنية المجتمع بكافة مكوناته، ما أدى إلى الاهتمام الواسع بدور القيادات والحكم الرشيد في المجتمع المدني ومنظماته المختلفة من قبل المنظمات الدولية، لما تحتله هذه المنظمات في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية.ونلاحظ اهتمام الأمم المتحدة خلال حقبة التسعينات بتنظيم مؤتمرات عالمية حول القضايا الاجتماعية ( الأرض، السكن، المرأة، الغذاء.. إلخ) علماً أن ذلك أدى إلى لفت الانتباه إلى المخاطر التي تواجه البشرية نتيجة لغياب البعد الاجتماعي عن قضايا التنمية، وبلورة مفاهيم التمكين والمشاركة ومبادئ القيادة والحكم الرشيد وظاهرة المجتمع المدني العلمي من خلال المؤتمرات الأهلية الموازية التي كانت تصاحب القمم العالمية، لإبراز الميول المختلفة في معالجة قضايا التنمية وليس طرح استراتيجيات بديلة فقط بل فرصة كبيرة لتبادل الخبرات وبناء التحالفات والشبكات الدولية والإقليمية المعنية بالقضايا الاجتماعية النوعية التي لعبت دوراً ايجابياً تحت ضغط السياسات الليبرالية الجديدة في التوجه نحو إيجاد معالجات تطلق حرية التجارة والاستثمار والمنافسة وتخفيض التزام الدولة بالإنفاق الاجتماعي.وكما جاء في تقرير التنمية الإنسانية العربية بان مفهوم الحكم الرشيد يعتبر حالة مثالية لم يصل إليها مجتمع بشري حتى هذه اللحظة بسبب عدم تحديد أكثر السمات الأساسية والتي تتمركز في عملية التوازن المطلوبة بين الدولة وقوى السوق أو بين السلطة والحرية أو اختيار أفضل الأساليب والطرق الناجحة للوصول إلى مجتمع المعرفة والانخراط في العولمة الجديدة، وضرورة توفر البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية القائمة على أساس الحرية والمشاركة والمساءلة والشفافية التي تمكن من تطبيق الحكم الرشيد.وفي هذا السياق يرى الأمين العام للأمم المتحدة السابق ( كوفي انان) أن « الحكم الرشيد هو العامل الأهم الذي يمكن من محاربة الفقر وتعزيز التنمية»