في موجز صحفي بمناسبة يوم الصحة العالمي
عرض/ بشير الحزمي:قالت الدكتورة مارغريت تشان المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية إن تشيخ السكان ظاهرة عالمية يتعذّر اجتنابها ويمكن التنبؤ بها. وتلك الظاهرة ستغير المجتمع على مستويات عديدة وبطرق معقدة، مما سيطرح مشكلات وفرصاً على حد سواء. ومن الملاحظ أنّ المسنين يسهمون، بقدر كبير فعلاً، في المجتمع، سواءً عن طريق القوى العاملة الرسمية أو من خلال العمل غير الرسمي والتطوع أو في إطار الأسرة. ويمكن تعزيز هذا الإسهام بمساعدتهم على الحفاظ على صحتهم وتذليل العقبات الكثيرة التي تحول دون استمرار مشاركتهم في المجتمع . وذكرت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية في توطئتها للموجز الصحفي الذي أصدرته المنظمة بمناسبة يوم الصحة العالمي 2012م الذي تم الاحتفال به هذا العام تحت شعار (الصحة الجيدة تضيف حياة إلى المسنين) أنّ العديد من المسنين يواجهون، في الجزء الأخير من حياتهم، مشكلات صحية وعراقيل تقوض قدرتهم على الحفاظ على استقلاليتهم، ولا بد لنا من التصدي لتك العوامل أيضاً، والقيام بذلك على نحو مستديم وزهيد الكلفة بالنسبة للأسر والمجتمع.وقالت : يجب أن تكون الصحة الجيدة في صميم أية استجابة ناجحة لمقتضيات الشيخوخة. فإذا تمكنا من ضمان أن يعيش الناس في صحة أفضل ولمدة أطول، فإن الفرص ستكون أكبر والتكاليف أقل بالنسبة للمجتمع. وعليه فإنّ هذا التحدي الديموغرافي العظيم المطروح في الجزء الأول من القرن الحادي والعشرين يقتضي استجابة صحية عمومية، وقد حددته منظمة الصحة العالمية بوصفه أولوية من أولوياتها.وأوضحت« أن الكثير من محددات التمتع بالصحة والنشاط في مرحلة الشيخوخة يخرج عن نطاق النظام الصحي، وأن تلك العوامل تبدأ في ممارسة تأثيرها في المراحل الأولى من العمر، لذلك يجب أن تتناول استجابتنا المسائل ذات الصلة في جميع مراحل العمر وفي كثير من الميادين الاجتماعية، ولكنه يتعين على القطاع الصحي أيضا التكيف. وأشارت إلى أن المشكلات الصحية التي تصيب المسنين تحدث، في الغالب، نتيجة الأمراض غير السارية، فلا بد لنا من وضع نظام صحي كفيل بتوفير خدمات الرعاية المزمنة التي تتطلبها تلك الأمراض وعوامل الاختصار المرتبطة بها..لافتة إلى أن الموجز الصحفي العالمي الذي صدر بمناسبة يوم الصحة العالمي 2012 يلقي نظرة جديدة على البيانات الصحية المتوافرة ويستند إلى بعض الأنشطة المؤثّرة الرامية إلى المساعدة على تحسين الفهم لتلك الاحتياجات المحددة، وهو يبين الإجراءات التي يمكن اتخاذها. وعلى المجتمع الدولي الآن مجابهة المشكلات المبينة فيه والعمل، فعلا ، على إضافة حياة إلى سنوات عمرنا الآخذة في التزايد..؟[c1]نقاط رئيسية[/c] وذكر الموجز الصحفي أن تشيخ السكان يعتبر ظاهرة عالمية تحدث بأسرع وتيرة في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل. فحين كانت أوروبا واليابان من بين المناطق الأولى التي شهدت تشيخ السكان، فإن أكبر التغيرات تحدث الآن في بلدان مثل كوبا وإيران ومنغوليا.وأكدت المنظمة في موجزها الصحفي أن هناك علاقة لا ينفصم عراها بين تشيخ السكان والتنمية الاجتماعية الاقتصادية. وبينة أنه مع تطور البلدان يتجاوز عدد أكبر من الناس مخاطر الولادة والطفولة، يسجل انخفاضا في مستوى الخصوبة ويبدأ الناس في التعمر لمدة أطول، حيث تسهم تلك التغيرات بدورها في تعزيز التنمية، ولكنها تسهم أيضاً في زيادة تشيخ السكان. وإذا لم تتكيف المجتمعات بطرق تعزز صحة المسنين وتزيد من مشاركتهم في المجتمع، فإن هذا التحول الديموغرافي الذي لا مناصّ منه قد يعرقل الإنجازات الاجتماعية الاقتصادية المستقبلية.وأوضحت المنظمة في موجزها أن الشيخوخة حين تطرح مشكلات أمام المجتمع، فإنها تخلق الكثير من الفرص أيضا، وسيطرح تشيخ السكان مشكلات أمام المجتمع بزيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية الحادة والرعاية الصحية الأولية، مما يتسبب في إجهاد نظم المعاشات والضمان الاجتماعي وزيادة الطلب على الرعاية الطويلة الأجل والرعاية الاجتماعية، ولكن المسنين يقدمون أيضا إسهامات كبيرة في إطار أسرهم ومن خلال التطوّع والمشاركة بنشاط في القوى العاملة، وهم يمثلون كذلك موردا اجتماعيا واقتصاديا مهما، وزيادة متوسط العمر المأمول تعني زيادة ذلك المورد. وسيتوقف الوزن بين تلك المشكلات المطروحة والفرص السانحة على طريقة استجابة المجتمع لهذه الظاهرة.[c1]الاستثمار في الصحة[/c]وأكدت المنظمة أن تعزيز الصحة في مرحلة الشيخوخة من الأمور الأساسية للاستجابة لمقتضيات تشيخ السكان على الصعيد العالمي، وأن تدني صحة المسنين وانتشار الصور النمطية السلبية الخاصة بهم والعقبات التي تعترض سبيل مشاركتهم في الحياة الاجتماعية من العوامل التي تتسبب جميعها في تهميش المسنين وتقويض إسهامهم في المجتمع وزيادة التكاليف المرتبطة بالشيخوخة.مشيرة إلى أن الاستثمار في الصحة يخفّف من عبء المرض ويساعد على تجنب التهميش ويعود على المجتمع بفوائد أوسع من خلال الحفاظ على استقلالية المسنين وإنتاجيتهم.ولفتت المنظمة إلى أن تدني الصحة في مرحلة الشيخوخة لا يشكل عبئا على الأفراد المعنيين فحسب، بل على أسرهم والمجتمع قاطبة، وأنه كلما زاد فقر أسرة الشخص المسن أو المكان الذي يعيش فيه زاد الأثر المحتمل.وأن فقدان الصحة يعد احتمالا بأن الشخص المسن الذي كان يمثّل سابقاً مورداً من موارد الأسرة لم يعد قادراً على الإسهام فيها وأنه بات، بدلاً من ذلك، يتطلب دعماً كبيرا ويمكن أن تتسبب التكاليف المرتبطة بتوفير الرعاية الصحية له في فقر الأسرة بأكملها. [c1]مشكلات صحية[/c]وكشفت المنظمة بأن الأمراض غير السارية تمثّل أهمّ المشكلات الصحية التي يواجهها المسنون. ويفوق أثر تلك الأمراض على المسنين الذين يعيشون في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، بضعفين إلى ثلاثة أضعاف أثرها على المسنين الذين يعيشون في البلدان المرتفعة الدخل، حتى في أشد البلدان فقراً تشكّل أمراض من قبيل أمراض القلب والسكتة الدماغية وضعف البصر وفقدان السمع والخرف أفدح الأعباء التي يتحملها المسنون الذين كثيرا ما يعانيون من تلك المشاكل الصحية في آن واحد.وذكرت المنظمة أن النظم الصحية الراهنة، لاسيما في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، ليست مصممة بطريقة مناسبة لتلبية الاحتياجات من الرعاية المزمنة التي تظهر من جراء عبء المرض المعقد، فحين يأتي كل من مرض القلب الإقفاري والسكتة الدماغية، مثلاً، في مقدمة أسباب سنوات العمر المفقودة، و حين يمثل ارتفاع ضغط الدم أحد العوامل التي يمكن علاجها من بين عوامل الخطر الرئيسية المرتبطة بهذين المرضين، فإنّ إحدى الدراسات الكبيرة التي أجريت مؤخراً في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل تشير إلى أنه لا يتلقى العلاج المضاد لفرط ضغط الدم في تلك البلدان سوى 4 % إلى 44 % من المسنين، ولا بد للنظم الصحية، بدلا من علاج الشباب عن طريق علاج واحد، من التكيف لضمان رعاية مأمونة وعالية الجودة خارج نطاق المستشفى للمسنين الذين يعانون، في غالب الأحيان، من عدة أمراض وحالات عجز مزمنة.[c1]تعزيز الصحة والسلوكيات[/c]وبينت المنظمة أن هناك ارتباطا بين الشيخوخة وسائر الاتجاهات العالمية الرئيسية، مثل التوسع العمراني والتغير التكنولوجي والعولمة، فمثلما تتسبب ظاهرتا الهجرة والتوسع العمراني حاليا، في تغيير الهياكل والعلاقات الاجتماعية فإن زيادة متوسط العمر المأمول ستؤثر في أسلوب عيش الناس وطريقتهم في تخطيط حياتهم. ومن غير المرجح أن تكون النهوج القائمة على النماذج الاجتماعية الخاصة بالقرن العشرين فعالة في هذه البيئة السريعة التغير، وقد تدفع زيادة معدلات تعمر الناس إلى تغيير النظرة إلى مسألة (الكبر) في حد ذاتها، ولا يوجد حل «سحري» يمكّن من تسوية المشكلات التي يطرحها تشيخ السكان، ولكن هناك إجراءات ملموسة يمكن للحكومات والمجتمعات اتخاذها الآن منها: إتباع نهج يشمل جميع مراحل العمر إزاء التمتع بالصحة والنشاط في مرحلة الشيخوخة كتعزيز الصحة والسلوكيات الصحية في جميع مراحل العمر للوقاية من الأمراض المزمنة أو تأخير ظهورها، وممارسة النشاط البدني وإتباع نظام غذائي صحي وتجنب تعاطي الكحول على نحو ضار والامتناع عن التدخين أو عن تعاطي منتجات التبغ.هذه الإجراءات جميعها يمكنها الحد من مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة في مرحلة الشيخوخة، ويجب بدء انتهاج هذه السلوكيات في مرحلة مبكّرة من العمر والاستمرار فيها عند الكبار.[c1]إجراءات وقائية[/c]وأوضحت المنظمة أن الحد من آثار الأمراض المزمنة إلى أدنى مستوى ممكن من خلال الكشف المبكر وخدمات الرعاية الجيدة(الرعاية الأولية والرعاية الطويلة الأجل والرعاية الملطفة). في حين يمكننا الحد من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة بإتباع نمط حياة صحي، ولأن كثيراً من الناس سيعانون من مشكلات صحية في مرحلة الشيخوخة، لذا يجب الكشف، مبكراً عن التغيرات الاستقلابية، مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبتي السكر والكولسترول في الدم، وتدبيرها بفعالية، و يتعين أيضاً تلبية احتياجات الناس المصابين فعلاً بأمراض مزمنة، والاعتناء بمن لم يعودوا قادرين على الاعتناء بأنفسهم، وضمان إمكانية الموت بكرامة لكل الناس.[c1]تشجيع مشاركة المسنين[/c]وأشارت المنظمة إلى أن المحددات الاجتماعية لا تؤثر فقط في السلوكيات الصحية التي ينتهجها الناس في جميع مراحل العمر، بل هي أيضاً من العوامل المهمة التي تؤثر في إمكانية مواصلة المسنين المشاركة في المجتمع، وعليه فإن من المهم تهيئة بيئات مادية واجتماعية «مناسبة للمسنين» وتعزيز صحة المسنين ومشاركتهم في المجتمع.ودعت المنظمة إلى تغيير نظرتنا إلى الشيخوخة بتغيير السلوكيات الاجتماعية لتشجيع مشاركة المسنين في المجتمع.