إعداد/ زكي الذبحاني شمولية وكفاءة الرعاية الصحية للأمومة والطفولة مقوم مهم من مقومات التنمية للمجتمعات ، شاهد على نهضتها ورقيها ، وبناء يتخذ منه تنظيم الأسرة موضع حجر الزواية الذي لا يستقيم البناء ولا يقوى على الصمود بدونه .وبشكل ملموس مرهون بقناعة المجتمع وانعكاس قناعة أفراده على واقعهم المعيشي عبر اللجوء إلى المباعدة بين الولادة والأخرى لفترة من الزمن لا تقل عن عامين اثنين ، وكذلك تفادي الحمل في سن مبكرة قبل العشرين من العمر أو في سن متأخرة بعد سن الخامسة والثلاثين، وتلاؤم تنظيم الإنجاب والحالة الصحية للأم .. تتحقق الشروط الأساسية الواجب توافرها- بالضرورة - لتحسين صحة الأمهات وأطفالهن .ولا يعد هذا خروجا عن قيم وتعاليم الإسلام، ففي رواية عكرمة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تحملوا النساء على ما يكرهن»، وفي مؤتمر الرباط الذي انعقد في ديسمبر عام (1971) وضم كوكبة من علماء الشريعة من مختلف أصقاع العالم الإسلامي، وما تم فيه من نقاش موقف الإسلام من قضية تنظيم الأسرة، وضع تعريفا جامعا لتنظيم الأسرة في الإسلام مفاده « أنه ذلك المجهود الذي يرمي إلى توعية الزوجين بمسؤوليتهما الزوجية والأبوية، وجعلهما أوفر احتياطا على صحة الأطفال وأحرص على إنجاب ذرية صالحة ونسل سليم ، بقيامهما دون إكراه وبالتشاور والتراضي بينهما باتخاذ وسيلة مشروعة تكفل لهما التحكم في مواعيد الإنجاب- تأجيلاً كان أم تعجيلاً- بما يتناسب وظروفهما الصحية والاجتماعية والاقتصادية والمكانية» .والأمهات الأوفر نصيباً في نيل فوائد الاستعانة بوسائل تنظيم الأسرة، فمن خلال استفادة الأم من الوسيلة المناسبة تكون أكثر حماية من مضاعفات الحمل والولادة مهيئة الراحة لرحمها لفترة زمنية ملائمة تمكنها بعد ذلك من استعادة وضعها السابق قبل الحمل .علاوة على أنها تؤمن وقاية للمرأة من التهابات الجهاز التناسلي .كما يقلل تنظيم الأسرة من وفيات ومراضة الأمهات، ويساعد على الحد من استنزاف طاقة الأم نتيجة تقارب الولادات.للطفل أيضا حظ وافر، فبتنظيم الأسرة يمكن خفض عدد المواليد ناقصي الوزن والنمو، وتحسين وضعهم الغذائي والصحي، وضمان استمرارية الرضاعة الطبيعية لعامين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة، والحد من تعرضهم لسوء التغذية، ونيلهم لحقهم الكامل من الرعاية والاهتمام.إضافة إلى أنه يعمل على تقديم رعاية كافية وتربية جيدة لكل طفل وليد، وتحسين غذائه وفق الشروط الصحية باستمرارهم في الرضاعة الطبيعية، وكذا يؤمن الحماية من ضرر ولادة أطفال ناقصي الوزن.كذلك تحمي الوسائل الهرمونية الخاصة بتنظيم الأسرة، الأم من سرطان المبيض والرحم وأورام الثدي الحميدة وتقلل من النزيف.ومن حق الزوجين الراغبين في تنظيم الإنجاب اللجوء والاستعانة بوسيلة من وسائل تنظيم الأسرة، وما عاد عائقاً يقف في طريقهما ولا حتى تكاليف مادية تثقل كاهلهما، فبالجهود والمساعي الخيرة لوزارة الصحة وقطاع السكان بالوزارة توزع وسائل تنظيم الأسرة عبر المراكز الصحية ومراكز خدمات الصحة الإنجابية بالمجان دون مقابل أو برسوم رمزية. عدا عن تقديم المشورة لمساعدة الزوجين على اختيار أنسب الوسائل وأكثرها ملاءمة لتنظيم الإنجاب.ولضمان حصولهما على مزيدٍ من معلومات حول تنظيم الأسرة ووسائلها يلزم عليهما مراجعة أقرب مركز صحي.إلى ذلك لا يحق هنا للزوجة اتخاذ قرار بهذا الخصوص بمعزلٍ عن الزوج أو العكس، فالمسألة تعتمد على الاثنين معاً، طالما أنهما شريكان في التنظيم الذي سيعود عليهما بفوائد ومنافع مشتركة تتيح لهما إنجاب العدد المرغوب به من الأطفال - بالمباعدة بين الأحمال بالتحديد- والتفرغ لرعاية كل طفل على حدة، وتأمين احتياجاته المادية والنفسية والمعنوية.يبقى أن أنوه بأهمية التخطيط السليم للإنجاب المبني على المعارف وتوقيت الإنجاب بفاصل زمني بين الحمل والحمل الذي يليه يمتد لسنوات. وأنوه كذلك بأن تكرار الزيارات للمركز الصحي أمر ضروري لنيل المشورة الطبية وإجراء الفحوصات اللازمة بما يُمكن من اختيار وسيلة تنظيم الأسرة الآمنة المُرضية لكلا الزوجين التي لا تتعارض مع الحالة الصحية للمرأة.
تنظيم الأسرة.. لحياة مفعمة بالصحة
أخبار متعلقة