منذ زمن طويل عاش ابناء حضرموت الحياة المدنية الوديعة الهادئة في بلادهم وفي مهاجرهم التي وصلوا اليها في شتى بقاع الارض وضربوا أروع الامثلة في الصدق والأمانة وحسن الخلق والتعامل الحسن مع الآخرين وطبقوا في حياتهم بالنص الحرفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (الدين المعاملة) مستلهمين قول الحبيب المصطفى ( اقربكم مني مجلسا يوم القيامة احسنكم اخلاقا ) فكانوا خير قدوة حسنة لغيرهم . ولهذا كانوا سببا في اسلام آلاف البشر حينها في شرق اسيا وإفريقيا وهؤلاء الآلاف اصبحوا فيما بعد ملايين الملايين الى ان يرث الله الأرض ومن عليها . الدين المعاملة .. الدين السلوك .. الدين النموذج الحسن . ذاك هو ما طبقه على ارض الواقع اجدادنا الأكارم ( أولئك آبائي فجئني بمثلهم/ اذا جمعتنا يا جرير المجامع ) كان اولئك الافذاذ بسطاء جدا لم يذهبوا الى ذلك الشرق البعيد دعاة أو علماء لم تكن لديهم اطقم عسكرية أو دبابات وطائرات لم يحملوا السلاح ليقطعوا به الطريق وينهبوا كل من يمر عليهم. بل ذهبوا يبحثون عن الرزق الحلال بعد أن ضاق بهم العيش في بلادهم ، ولكنهم كانوا يحملون قلوبا عامرة بالإيمان يحملون اسلاما آمن به اسلافهم بالرسالة وجعلوا تعاليمه سلوكا يمارس في حياتهم اليومية. لا غش ولا خداع ولا غدر. لا خيانة لا همجية ولا فوضوية. فلفتوا بسلوكهم كل من كتب الله له الهداية من الوثنيين في آسيا وإفريقيا فاقبلوا عليهم وتعلموا منهم الاسلام واعتنقوه دينا لهم فكانوا كما اسلفت سببا رئيسيا في اسلام الملايين . هذا السلوك هو سلوك صناع الحضارة صناع المدنية صناع الامن والأمان صناع النجاح سلوك الاساتذة الكبار توارثته الاجيال جيلا بعد جيل وعاشوه في وطنهم وفي مهاجرهم المتعددة . ورغم محاولات التخريب التي حصلت في العقود الاخيرة من ادخال ثقافات الى المجتمع الحضرمي ولم تكن مألوفة ولا معهودة كثقافة ومناهج الاشتراكية العمياء وغيرها إلا ان اصالة ابناء حضرموت وعقيدتهم كانت من القوة بمكان لم تستطع اختراقها ترهات لينين ولا خزعبلات كارل ماركس ناهيك عن تصرفات تلاميذهم الخائبين الذين استخدموا السحل والسجون والمعتقلات والتأميم للمساكن والمزارع والمتاجر وقوارب الصيد وسيلة لتطبيق ما تلقوه من مفاهيم النظريات الفاشلة . وأسوا ما تعرضت له حضرموت في العقدين الأخيرين هو الثقافة التدميرية للقيم والأخلاق بإدخال مادة الحشيش الاخضر كما وصفها علامة الجنوب فضيلة الشيخ محمد بن سالم البيحاني رحمة الله عليه في ابيات شعرية ( انما القات حشيش أخضر ليس يحتاج اليه البشر ) فبدخوله الى حضرموت اصبح له يوما بعد يوم من التأثير السلبي والتدمير الاخلاقي ما الله به عليم . وهو يحتاج الى كتابات وكتاب ليشرحوا الضرر الكبير الذي الحقه بالفرد والمجتمع . تلك المقدمة عن المدنية الحضرمية جعلتهم عرضة للاستهداف من قطاع الطرق والبلاطجة لإيقاع الضرر بهم ولجرهم الى التعامل بنفس السلوك المشين المرفوض عرفا ودينا وخلقا وما حصل لأبناء حضرموت القادمين الى صنعاء أو المغادرين لها في الاسبوع الماضي من قبل مجاميع قبلية من استهداف بالهوية ومن تقطع لهم في طريق صنعاء مأرب حضرموت وحجزهم وسياراتهم وحرمانهم من الماء والطعام على مدى اكثر من ثلاثة ايام وبقوة السلاح ولغة البلطجة والقرون الوسطى يعد امرا مشينا لفاعليه وللدولة والنظام الذي يفترض انه مسول عن تلك البلاد ومن اكبر الواجبات عليه الحفاظ على الكليات الخمس(الدين والنفس والعرض والمال والعقل) فأين هذه الدولة وهذا النظام مما حصل لأبناء حضرموت من تقطع جماعي ربما لم يشهده تاريخ التقطعات في اليمن من حجز لأكثر من 80 سيارة تعود ملكيتها لأبناء حضرموت بما فيها حافلتان لفريقين رياضيين قدما الى صنعاء لتأدية مباراة رسمية لهم فتعرضوا لما تعرض له الآخرون .وطبعا هذه الحادثة ليست هي الاولى ولن تكون الاخيرة . فكم من السيارات التي نهبت على هذا الطريق على مدار الأعوام الــ(15) الماضية منذ افتتاح ذلك الطريق يتم نهبها بقوة السلاح ويلقى بأصحابها على قارعة الطريق بكل غطرسة وهمجية ولم تفدهم كثرة النقاط المنتشرة بمعدل نقطة لكل عشرة كيلو متر في ان تستعيد لهم ما تم نهبه وكم من القصص والمآسي في هذا الجانب لو تركنا المجال لسردها لكانت الحاجة الى صفحات كثيرة .كل ذلك يضع ابناء حضرموت امام مسؤولية كبيرة لحماية انفسهم و أبنائهم وأموالهم من قطاع الطرق وذلك بالاجراءات الحضارية التالية:1. الالتفاف حول مجلس حضرموت الاهلي الذي تم تشكيله قبل عام كإطار حاضن لكل مكونات المجتمع وضرورة تفعيله وتوسيع قاعدته ليتولى الدفاع عن حقوق حضرموت وأبنائها. 2. الوقفة الجادة المسئولة من كافة ابناء حضرموت المشاركين في السلطة المدنية والعسكرية للقيام بواجبهم تجاه اهلهم وان لم يستجب لهم فعليهم التوقف عن المشاركة في هذه السلطة. 3. قيام اعضاء مجلس النواب والشورى هم الاخرون بواجبهم وعليهم مسؤولية مضاعفة وبالذات النواب على اعتبار انهم كانوا منتخبين من قبل الشعب لعضوية ذلك المجلس على الرغم من انتهاء صلاحيته الفعلية وربما دخوله موسوعة جينس للأرقام القياسية كأطول سني برلمان في العالم . فأما من وقفة جادة لإعادة الاعتبار لمن تعرضوا للخطف والإيذاء والضرر وتعويضهم عن ما لحق بهم وان لم يتمكنوا فعليهم تقديم استقالاتهم والعودة الى جماهيرهم .4. تنديد المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني بهذه الجريمة وأمثالها وتسجيلها لدى تلك المنظمات باعتبارها جرائم ضد الانسانية وانتهاك لحقوق الانسان .5. حكومة الوفاق اليمنية يجب ان تكون حازمة وجادة في القبض على مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع ويكونوا عبرة لغيرهم.خاتمة : قال الشاعر احمد مطر :سلطة لا تكبح الجاني ولا تحمي الضحية .سلطة مؤمنة جدا بدين الوسطية :فإذا استنجد محموم بها تسقيه ترياق المنية ! وإذا استنجد بالخارج تستنكر تدويل القضية !
|
آراء
اســتــــهــــداف حـــضــــرمـــــوت
أخبار متعلقة