في ورقته العلمية حول أولويات النساء في الفترة الانتقالية في المجال الصحي.. د.عمر زين السقاف:
عرض/ بشير الحزميتناولت ورقة الدكتور عمر زين محمد السقاف المقدمة للمؤتمر الوطني للمرأة الذي عقد بالعاصمة صنعاء الشهر الماضي التي حملت عنوان (أولويات النساء في الفترة الانتقالية في المجال الصحي) موضوعا في غاية الأهمية تعاني منه المرأة اليمنية بشكل كبير وهو موضوع وفيات الأمهات ، متطرقا إلى الوضع في اليمن مع التعريج على الوضع العالمي و العربي ، وركز السقاف في ورقته على الأسباب التي أدت إلى ارتفاع نسبة وفيات الأمهات في اليمن والآثار المترتبة على ذلك والدور الحكومي في خفض هذه النسبة والتحديات والمعوقات والإجراءات والتدابير المطلوبة لخفض وفيات الأمهات وبعض التوصيات المقترحة.. وفيما يلي استعراض موجز لمحتوى هذه الورقة:أشار السقاف في مقدمة ورقته إلى أن المرأة اليمنية تعاني أسوة بمثيلاتها في جميع الدول النامية وخاصة في أفريقيا وآسيا من مصاعب كثيرة أثناء الحمل والولادة تعرض حياتها للخطر المحدق بإنجاب مولود جديد إلى الحياة وهو الخطر الذي قد يتداعى إلى الموت المحقق لها ولوليدها أثناء الحمل والولادة أو فترة النفاس.وأوضح أن وفيات الأمهات المرتفعة إحدى المشاكل الصحية الرئيسية في الدول النامية ومنها أيضا الدول العربية وعلى الرغم من حجم المشكلة الكبيرة ونتائجها المدمرة على الفرد والأسرة والمجتمع إلا أن هذه القضية لم تعط الاهتمام الكافي من حيث التسجيل والرصد والمراقبة الدورية لاتخاذ التدابير المناسبة والكافية لخفضها بالرغم من التزام كافة الدول ومن أعلى المستويات والدليل على ذلك الفجوة الكبيرة في تحقيق أهداف الألفية للتنمية والوضع الحالي لوفيات الأمهات دليل على عمق هذه الفجوة حيث بلغت معدلات وفيات الأمهات بحسب تقديرات الأمم المتحدة على المستوى العالمي (400) أم لكل 100 ألف مولود حي ، ففي عالمنا الحالي تموت (536000) امرأة سنويا في سن الإنجاب نتيجة لمضاعفات الحمل والولادة ويحدث 99 % من هذه الوفيات (533000) في الدول النامية أما نصيب الدول المتقدمة فهو 1 % أي (3000) وفاة.وقال السقاف في ورقته انه في عام 1990م كان معدل وفيات الأمهات على مستوى العالم 430 وفاة أم لكل100ألف مولود حي وانخفض هذا المعدل بين عامي 2005-1990م إلى (400) أم لكل100ألف مولود حي أي كان الانخفاض حوالي 30 وفاة أم لكل100ألف ولادة حية وذلك خلال خمسة عشر عاما أي ما يعادل 0.4 % سنويا فقط وهي نسبة ضئيلة جدا تجاه الالتزام الدولي لخفض وفيات الأمهات.وأضاف أن أهداف الألفية للتنمية ألزمت جميع الدول بخفض وفيات الأمهات إلى 75 % بحلول عام 2015م وبذلك فإن معدل انخفاض وفيات الأمهات سنويا من المفترض أن يكون 5.5 % لبلوغ المرمى المحدد في أهداف الألفية، وعلى الرغم من التقدم البطيء جداً في خفض وفيات الأمهات لا تزال الفجوة كبيرة جداً بين الدول المتقدمة والدول النامية حيث بلغ معدل وفيات الأمهات في الدول النامية 400 وفاة أم لكل 100 ألف ولادة حية بينما هو 9حالات وفاة أم لكل 100 ألف ولادة حية في الدول المتقدمة .ولفت السقاف في ورقته إلى انه مقابل كل أم تموت نتيجة مضاعفات الحمل والولادة هناك 20 أما أخرى تعاني من مضاعفات كثيرة ناتجة من الحمل والولادة تؤثر سلباً في حياتها الصحية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية حيث أن 10 من هذه الحالات ذات مضاعفات خطيرة.وبالنسبة للدول العربية أشار السقاف إلي أن هناك فجوة كبيرة جداً بين الدول العربية بالنسبة لوفيات الأمهات حيث أن هناك دولا خطت خطوات واسعة نحو خفض وفيات الأمهات وأصبح الحمل والولادة فيها أكثر أمانا حيث تبلغ نسبة وفيات الأمهات فيها أقل من 40 وفاة لكل 100 ألف ولادة حية وهي الكويت وقطر والسعودية والبحرين والإمارات. وأيضا هناك دول حققت تحسناً ملحوظاً في مجال صحة الأمومة وتمكنت من خفض نسبة الوفيات بما يتلاءم مع أهداف مؤتمر التنمية والسكان أي أن نسبة وفيات الأمهات بين 41 - 100 لكل مائة ألف مولود حي وهي: الأردن وعمان وليبيا. وهناك دول حققت تقدماً ولكن تسير بخطى غير كافية حيث لا تزال نسبة وفيات الأمهات فيها ما بين 100 و 200 وفاة لكل 100 ألف ولادة حية وهي : تونس وسوريا ومصر ولبنان والجزائر. في حين ما زالت دول أخرى تعاني مشكلات جمة متشابكة صحيا واجتماعيا واقتصاديا مؤثرة سلبيا في صحة الأمومة بحيث تفوق نسبة وفيات الأمهات 200 وفاة لكل 100 ألف ولادة حية وتسير بوتيرة بطيئة وهي المغرب والعراق وجزر القمر واليمن والسودان وموريتانيا وجيبوتي والصومال.[c1]الوضع في اليمن[/c]وعن وضع وفيات الأمهات في اليمن ذكر الدكتور عمر السقاف أن وضع الصحة الإنجابية في بلادنا يعتبر الأقل حظاً في العالم العربي حيث بلغت وفيات الأمهات في اليمن بحسب مسح صحة الأسرة لعام 2003م (365) وفاة أم لكل 100 ألف ولادة حية وأن 42 % من الوفيات بين النساء في سن الإنجاب ناتج من الحمل والولادة وما بعد الولادة بالرغم من التحسن المتواضع الذي طرأ على خدمات الصحة الإنجابية بشكل عام وعلى خدمات الطوارئ التوليدية بشكل خاص الذي أدى إلى انخفاض وفيات الأمهات من عام 1990م والذي بلغ 540 وفاة أم لكل 100ألف ولادة حية حتى عام 2003م والذي بلغ 365وفاة أم لكل 100 ألف ولادة حية ، بينما بلغت تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان لوفيات الأمهات في اليمن لعام 2008م 210 وفياة أمهات لكل 100ألف ولادة حية .وأكد أن الفجوة ما تزال كبيرة لبلوغ تحقيق مرامي الألفية للتنمية التي تهدف إلى خفض وفيات الأمهات إلى 75 % بحلول عام 2015م أي الوصول إلى 135وفاة لكل 100 ألف ولادة حية حتى تحقق أهداف الألفية.[c1]أسباب متشابكة[/c]ولفت السقاف في ورقته إلى أن المعدل الكبير في وفيات الأمهات في اليمن ناتج من أسباب متشابكة ومعقدة تحتاج إلى جهود كبيرة ومتضافرة على كافة المستويات ولا تكون المسؤولية على وزارة الصحة - قطاع السكان- بل يجب ان تبذل جهود كبيرة على كافة مستويات الدولة بجهاتها المختلفة ذات العلاقة وشركاء التنمية الصحية في اليمن ومؤسسات المجتمع المدني وكل فرد في المجتمع.موضحاً أن محددات الصحة الإنجابية التي تلعب دور هام في خفض وفيات الأمهات ما تزال غير مرضية حيث بلغت الولادات بأيدي كوادر صحية متدربة 36 % فقط من إجمالي الولادات حيث ما يزال 64 % من النساء يلدن بأيدي جدة أو مولدة شعبية أو إحدى الأقارب كما أن نسبة الولادات التي تتم في المرافق الصحية بلغت 25 % فقط من إجمالي الولادات ما يعني أن 75 % من الولادات تتم في المنازل لأسباب عديدة منها وعورة الطرق وعدم القدرة على تحمل نفقات الولادة في المستشفيات العامة والخاصة وتسلط أفراد الأسرة في اتخاذ القرار وعدم معرفة المجتمع بعلامات الخطر بالولادة وغيرها من الأسباب ، كما أن الرعاية أثناء الحمل تصل فقط إلى 47 % من الأمهات الحوامل ، أما خدمات ما بعد الولادة فتبلغ 12 % فقط.وأشارت الورقة إلى أن نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة الحديثة بلغت 19 % فقط بين النساء المتزوجات ما يعني أن 81 % من النساء المتزوجات لا يستخدمن أيا من وسائل تنظيم الأسرة الحديثة ما يؤدي إلى زيادة الخصوبة والحمل المتكرر وتعرض حياة الأمهات لخطر الوفاة ، وقد أظهرت الدراسات أن استخدام وسائل تنظيم الأسرة يؤدي إلى خفض وفيات الأمهات بنسبة 25 %، كما أظهرت الدراسة أن الحاجة غير الملبية من طلبات تنظيم الأسرة تبلغ 24 % بين النساء المتزوجات.وتشير ورقة السقاف إلى أن المستوى التعليمي للأم يلعب دورا مهما في خفض وفيات الأمهات وهناك ترابط وثيق بين المستوى التعليمي للأم ووضع الصحة الإنجابية ، فالولادات في سن مبكرة تحدث عشر مرات في حالات كثيرة وغالبا مع الفتيات غير الملتحقات بالتعليم ، كما أن استعمال وسائل تنظيم الأسرة الحديثة بين النساء المتعلمات تضاعف بالمقارنة بالنساء الأميات وان معظم وفيات الأمهات تحدث بين الأميات ثلاثة أضعاف مقارنة مع المتعلمات.وقال إن معدل وفيات الأمهات في اليمن الذي بلغ 365 وفاة أم لكل 100 ألف ولادة حية ينتج عنه 3 آلاف أم تموت سنويا ما يعادل وفاة 8 أمهات في اليوم الواحد مخلفة وراءها 20 ألف يتيم سنويا.وأوضحت الورقة أن معدل الخصوبة في اليمن يعتبر من أعلى المعدلات في العالم فقد بلغ معدل الخصوبة 5,2 حيث تلد كل امرأة في سن الإنجاب ما يزيد على خمسة أطفال خلال عمرها الإنجابي، وهذه الخصوبة العالية هي إحدى أسباب وفيات الأمهات الناتجة عن تكرار الحمل والولادة ومضاعفاته ، أضف إلى ذلك تدني مستوى الخدمات الصحية وخاصة الطوارئ التوليدية منها في المرافق الصحية العامة وعدم تغطيتها لكافة مناطق الجمهورية ، حيث تبلغ نسبة التغطية بخدمات الصحة الإنجابية 60 % في المرافق الصحية فقط، والتشتت السكاني الكبير الذي يصل إلى 133ألف تجمع سكاني ، إضافة إلى الإنجاب المبكر دون سن 18 سنة من العمر كما أن الإنجاب المتكرر والمتقارب والإنجاب المتأخر يعتبر سببا إضافيا من أسباب وفيات الأمهات.وأكدت الورقة أن الأسباب الرئيسية لوفيات الأمهات في اليمن يمكن الوقاية منها إذا بذلت جهود حقيقية لمعالجتها .ولفتت الورقة إلى أن الظروف الاستثنائية التي مرت بها بلادنا خلال الأزمة السياسية وألقت بظلالها على جميع مناحي الحياة ومنها الجوانب الصحية قد أدت إلى تدهور الوضع الصحي وكانت لها آثار سلبية في الأمهات طالبات الخدمة ومقدمات الخدمات الصحية في المرافق الصحية بدءاً من عدم الاستقرار النفسي للأمهات ومروراً بعدم القدرة على الوصول إلى الخدمات الصحية نظراً للجوانب المادية والأمنية، وتوقف الدعم المقدم من المانحين للقطاع الصحي كان له أيضا أثر سلبي ما فاقم المشكلة في القطاع الصحي .[c1]آثار كبيرة[/c] وعن الآثار المترتبة على وفيات الأمهات في اليمن أوضحت ورقة الدكتور السقاف أن مشكلة وفيات الأمهات المرتفعة في بلادنا لا تقتصر على الجانب الصحي فقط بل لها أثار كبيرة جداً في كافة المستويات ولها تأثير كبير على الفرد والأسرة والمجتمع ولها آثار كبيرة على المستوى الصحي والتعليمي والاجتماعي والاقتصادي.وأشارت الورقة إلى أن الحكومة قد بذلت جهودا لخفض وفيات الأمهات ولكنها متواضعة ولا ترقى إلى المستوى المطلوب تجاه هذه القضية ، حيث قامت وزارة الصحة بمشاركة الشركاء في التنمية الصحية بخطوات أساسية منها: إعداد إستراتيجية الصحة 2025-2011، إعداد إستراتيجية للصحة الإنجابية 2015-2011 ، بناء وتجهيز العديد من أقسام الطوارئ التوليدية الشاملة والأساسية في عموم الجمهورية، والتوسع في تدريب قابلات المجتمع ، والتوسع في تقديم أنشطة خارج الجدران للمستويات السكانية المحرومة من خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، وغيرها من الجهود الأخرى.[c1]تحديات ومعوقات[/c]وأوردت ورقة السقاف جملة من التحديات والمعوقات التي تواجه القطاع الصحي لخفض وفيات الأمهات وزيادة استخدام وسائل تنظيم الأسرة أبرزها التحديات في الموارد البشرية و الفجوة التمويلية ومحدودية الوصول إلى الخدمات الصحية وضعف التنسيق مع شركاء التنمية الصحية والجهات ذات العلاقة وتدني الأنظمة الصحية .[c1]إجراءات وتدابير مطلوبة[/c]وذكر السقاف في ورقته جملة من الإجراءات والتدابير اللازمة لخفض وفيات الأمهات في اليمن منها تنفيذ الأولويات التي حددها قطاع السكان بوزارة الصحة في الإستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية 2011 - 2015 التي ركزت على خفض وفيات ومراضة الأمهات وحديثي الولادة من خلال توفير واستخدام خدمات صحة الأم والوليد ، وإنشاء نظام إحالة فعال ، ورفع جودة خدمات صحة الأم والوليد ، وتخصيص وتوزيع الموارد المادية والبشرية واستخدامها بشكل أكثر فاعلية ،ومشاركة المجتمعات المحلية في صنع القرار ، كما ركزت أيضا على زيادة الاستخدام لوسائل تنظيم الأسرة الحديثة ، وزيادة الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة عالية الجودة وتحسين الاستفادة منها، وتعزيز قدرة البرنامج الوطني لتأمين مستلزمات الصحة الإنجابية لمواجهة جميع عناصر تأمين مستلزمات الصحة الإنجابية على نحو شامل لتلبية احتياجات خدمات الصحة الإنجابية للجميع.[c1]توصيات[/c]وخلصت ورقة الدكتور عمر السقاف إلى جملة من التوصيات المطلوب تنفيذها خلال الفترة الانتقالية 2012 -2014 أهمها الدفع نحو استصدار قانون الأمومة المأمونة ، إنشاء صندوق الأمومة المأمونة ،رفع مستوى الإنفاق على القطاع الصحي ، توظيف قابلات المجتمع ، مساهمة الحكومة التدريجية في شراء نسبة من وسائل تنظيم الأسرة سنويا ، تأهيل وتجهيز العديد من مراكز الطوارئ التوليدية في جميع المحافظات حسب الاحتياج ، تفعيل الخطاب الديني بما يخدم قضايا الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة ، دعم العيادات المتنقلة لتقديم خدمات الصحة الإنجابية في المناطق النائية ، دعم الأنشطة الإيصالية خارج الجدران.