نبض القلم
إن الإسلام هو الدين الخاتم الذي أراده الله أن يكون آخر الشرائع، وهو المنهاج الكامل الذي جاء ليحكم حركة الحياة، وانه الدين الذي ارتضاه الله للناس كافة، وبتطبيقه يصلح الناس في دنياهم ويسعدون في أخراهم. قال تعالى: «قد جاءكم من الله نورٌ وكتابٌ مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام، ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى صراط مستقيم» (المائدة 15 ـ 16).وقد تميز الإسلام بمنهجه الفريد في مكافحة الجريمة واستئصالها من جذورها من خلال خطين متلازمين ومتوازيين ألا وهما:الجانب الوقائي والجانب العلاجي.أما الجانب الوقائي فهو يمثل الخط الاعرض والاهم في معالجة ظاهرة الجريمة وأسبابها وظروفها. فالإسلام لا ينتظر وقوع الجريمة حتى يتصدى لها، وانما يتخذ لها كل الإجراءات والتدابير وكل ما من شأنه الحيلولة دون وقوعها.وأما الجانب العلاجي فهو لا يكون الا نهاية الأمر، على طريقة (آخر العلاج الكي), والحق ان الإيمان والعبادات والأخلاق في الإسلام تمثل المنطلقات الأساسية في صياغة الإنسان المسلم الصالح الطاهر العفيف في بناء مجتمعه وبناء الحضارة الراشدة، فالمؤمن لا يقتل ولا يسرق ولا يكذب ولا يشرب الخمر، فإيمانه يردعه ويصده عن فعل المحرمات، وكذلك الطاعة والعبادة التي يقوم بأدائها، فهي تصده عن الوقوع في الإثم والمعصية، قال تعالى:«إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر» (العنكبوت 45) وقال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيامُ كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» (البقرة 193). وصاحب الخلق الحميد تمنعه أخلاقه من اقتراف المعاصي والآثام.إن الإسلام يسعى إلى بناء العقيدة في النفوس وغرس الفضيلة والخوف من الله، ويعتمد الإسلام على المجتمع أيما اعتماد، ويعلق عليه آمالا كبيرة في الوقوف والتصدي لكل أشكال الجريمة والانحراف، ويعتمد على أفراد المجتمع جميعهم في محاربة الجريمة والحيلولة دون وقوعها أو تمادي أصحابها، وذلك بإنكار المنكر والفساد أولا، ومقاطعة أهله وتحجيمهم ثانيا. ومن جهة أخرى يسعى المجتمع الإسلامي إلى تحسس أوضاع وحاجات أبنائه، فيكون المجتمع بذلك كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، إضافة الى سد أبواب الفساد والشر ودرء الحدود بالشبهات. فالإسلام يوفر العيش الكريم والعمل الشريف ويرعى الفقراء والمساكين قبل ان يقيم حد السرقة او يقطع الأيدي، كما يأمر بغض البصر وينهى عن الخلوة بالأجنبية، ويمنع كل صور العري والعلاقات المشبوهة، ويأمر بالحجاب والسترة،ويسهل سبل الزواج قبل إقامة حد الزاني من خلال التشريعات العامة والخاصة.ومن أهم ملامح الجانب الوقائي كذلك إصلاح الجاني وفتح أبواب التوبة أمامه على مصراعيها، وعدم تيئيسه من رحمة الله، وحثه على الإقلاع عن الجريمة والندم، وعدم التمادي في الباطل.