فهمي ناصر محمداثنان وثلاثون عاماً مضت على رحيل الفنان القدير محمد صالح عزاني.. لقد مات جسداً ولكنه حي بيننا بصوته العذب الجميل وألحانه الشجية كقلب نابض تدق وتخفق له قلوبنا على نفس دقات إيقاعاته وتطرب له مسامعنا وتبتهج له احتفالاتنا..بدأ الفنان الراحل العزاني مشوار حياته الفنية متأثراً بالفنان الكبير محمد مرشد ناجي مردداً بعض أغانيه آنذاك، وبعدها أعجب المرشدي بالعزاني أشد الإعجاب وهذا ما دفع المرشدي إلى تلحين أغانٍ خاصة ليغنيها العزاني بصوته العذب الجميل، ولفترة قصيرة من الزمن، وبعدها يأبى العزاني أن يكون مغنياً لغيره وشد العزم على التفرد بموهبته وإبرازها على الساحة الفنية آنذاك رغم كل التحديات والصعوبات لأنه جاء في زمن العمالقة الكبار.ابتدأ العزاني خطوته الأولى منادياً بــ (شلني يا دريول تجمل) وهي كلمات الشاعر أحمد بو مهدي وتوالت بعدها الأغاني والألحان الشجية مثل (ظن أني نسيته) و (ظبي شفته على السوم عابر) وغيرها من الأغاني العاطفية والوطنية مثل (بالنار والحديد) و(بلادي إلى المجد) والتي كانت تعبر عن مراحل نضالات شعبنا اليمني آنذاك وقد شكلاً معاً ثنائياً جميلاً.لقد كان عملهما المشترك (أي العزاني والبومهدي) كحديقة ورود ولكن العزاني لم يكتف بها بل قام بتجميلها أكثر وأكثر عندما غنى من كلمات الجابري (ناقش الحناء)، و (مستحيل أنساك)، من كلمات عبدالصمد عبدالجبار ومن كلمات محمد سعد (فين التقينا) و (تسألني كيف) من كلمات العطروش وأوبريت (المراعي) مع صباح منصر من كلمات المسيبلي و (اتفقنا أننا ما نتفق) من كلمات مصطفى خضر وغيرها الكثير والكثير كانت بمثابة زهور تجميلية مثل الفل والكادي والياسمين تفوح بشذاها إلى يومنا هذا.ولا عجب هنا أن العزاني كان يمتلك كل المقومات الفنية من صوت جميل أخاذ وإحساس رقيق وموهبة قوية ساعدته على التفرد بنفسه والمضي بكل ثقة واقتدار جنباً إلى جنب مع الكبار.لسنا هنا بصدد الاستعراض لأعمال فناننا القدير فهي كثيرة وتردد إلى يومنا هذا مع أنه لم يلق حظاً وافراً مثل غيره بتسجيل أعماله للإذاعة والتلفزيون وإن أغلب أغانيه مسجلة على أشرطة الكاسيت الخاصة التي مازال أغلب محبيه والمعجبين به يحتفظون بها، وكم كنا نتمنى أن ينفذ مشروع جمع أعماله ولكن للأسف بدون جدوى مع أن العزاني قد أثرى تراثنا الفني بكثير من أروع الأغاني الشعبية والعاطفية والوطنية الحماسية.كما أننا هنا لسنا بصدد المحاسبة واللوم ولكننا نكتب للتذكير وكرد ولو جزء بسيط من العرفان لهذا الفنان وستبقى أغانيه وألحانه خالدة في الوجدان وفي عقول ونفوس كل محبيه وكل محبي الفن الأصيل.ولأن الشيء بالشيء يذكر فإنه بعد مرور ثلاثين عاماً على رحيله مازالت أغانيه تردد بأصوات فنانينا الشباب في كل المحافل الشعبية والرسمية ويطرب لها كل من يسمعها والبعض قام بتسجيلها للتلفزيون وبأكثر من قناة وهذا إنما يدل على مكانة العزاني وما خلفه من أثر بالغ في حياتنا وتراثنا الفني ومساهمته في إبراز الأغنية اليمنية في أوساط الناس على مر السنين.
|
ثقافة
الذكرى الثانية والثلاثون لرحيل الفنان محمد صالح العزاني
أخبار متعلقة