تابع كاتب هذه الأسطر موضوع القضية الجنوبية منذ بداية تشكلها وتخلقها وتناميها إلى أن عرفت وتصاعدت وارتفع صوتها حتى وصلت إلى اليوم الذي تم فيه الاعتراف بوجودها وحقيقتها محلياً واقليمياً ودولياً إلى درجة أن سمعنا بأن من أولويات رئيس الجمهورية التوافقي هي القضية الجنوبية فمنذ بداية الوحدة الاندماجية التي سعى إليها الرئيس الجنوبي علي سالم البيض الذي نعتقد أنه كان يظن في النخبة السياسية في الشمال خيراً وأن هذه النخبة لن تخذله في انجاز مشروع الوحدة، لأن أعلى سقف لمطالب تلك النخبة هو في وحدة فيدرالية وليس إندماجية ولم يكن يعلم بأن تلك القيادة ( ... ) ستتنصل وتتبرأ من تنفيذ ماتم الاتفاق عليه يوم22 مايو 1990م، وأن لها أهدافاً مصلحية وغير وطنية في الجنوب باعتبار هذا الجنوب بقرة حلوباً وكأن تلك القيادة غير معنية بالالتزام الذي وقعت عليه ليلة التوقيع على اتفاقية الوحدة المجني عليها وهذه شهادة من أحد الكوادر الفنية التي تم نقل عملها من وزارة الثقافة بصنعاء بداية الوحدة إلى العمل في فرع الوزارة بالعاصمة الاقتصادية والتجارية عدن أثناء تبادل الكوادر الفنية بين صنعاء وعدن من اجل تجسيد تلك الوحدة الاندماجية المنشودة. ولكن للأسف ومنذ ذلك التاريخ بدأت القلاقل وعدم الاستقرار وتصفية واغتيالات كوادر جنوبية حزبية وعدم هيكلة الجيش أو دمجه وعدم اختفاء الكثير من المظاهر التشطيرية هنا وهناك وسيطرة القبيلة والولاءات الحزبية والتحالفات واتباع سياسة التجاهل والتهميش والاهمال وعدم تطبيق ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين بداية الوحدة ما أدى إلى تراكم المشاكل والقضايا التي جعلت الأخ نائب الرئيس حينها يعتكف ويفقد الأمل في أن تلك النخبة الشمالية لم تكن جادة في تحقيق الهدف الذي كان يحلم به كل جنوبي ويلهج به صباحاً ومساءً إلى أن حدثت الحرب المشؤومة عام 1994م، فكان تأثيرها غائراً بحيث جعلت الشعب هنا في الجنوب يفقد الثقة في ذلك المبدأ الذي يسمونه الوحدة التي يتطيرون منها اليوم مع أن الاخطاء والسلبيات التي حدثت في تلك الوحدة تنسب إلى النظام الحاكم والوحدة بريئة من كل تلك الاخطاء والسلبيات والمظالم لأنها مبدأ وقيمة إسلامية وإنسانية حضارية وازداد الأمر سوءاً من التجاهل وعدم الاكتراث بمطالب الناس وحقوقهم وازداد الوضع احتقاناً وغلياناً حتى وصل الناس إلى مرحلة التذمر والخروج في مسيرات احتجاجية واعتصامات سلمية للمطالبة بالحد الأدنى من الحقوق وتحقيق العدالة الاجتماعية قبل حدوث ما يسمى بثورات الربيع العربي بسنوات وبدلاً من ايجاد حلول ناجعة وملموسة قبل أن يتسع الخرق على الراقع لتلك المطالب الانسانية المشروعة في وقتها .قام ذلك النظام باستخدام الحل الأمني لمعالجة مشاكل الناس فحدث القتل والقمع والسجن والاعتقال لكل مواطن خرج يطالب بحقه المشروع ما ضاعف من تأزيم الأمور وزاد الطين بلة فارتفع حينها سقف مطالب الناس هنا في الجنوب إلى درجة المطالبة باستعادة الدولة المفقودة والتفكير بالانفصال أو فك الارتباط مع اخوانهم في الشمال وهذا كله حدث بسبب اخطاء وسلبيات وتجاهل النظام الذي ترك المشاكل والقضايا العادلة والالتزامات الواجبة عليه تتراكم ما اوصل الناس في الجنوب إلى درجة اليأس من الوحدة وهم أول الناس الذين هرولوا لهذه الوحدة ببراءة وحسن نية ومصداقية .. فإن كان النظام التوافقي الجديد يهمه ان يعم السلام والأمن والاستقرار والحياة الهادئة ربوع اليمن فليجعل بحق وحقيقة قضية الجنوب هي قضية القضايا بل أمها جميعاً كقضية محورية ورئيسية إذا حلت هانت بجانبها حلول المشاكل والقضايا الاخرى التي تعاني منها الجمهورية اليمنية والتي تصغر بجانب هذه القضية التي تمثل قضية دولة وشعب وكيان كان قائماً على الساحة العربية والاقليمية وهذه الدولة وهذا الشعب يمتازان بالطيبة والبساطة والحياة المدنية المسالمة خاصة في مدينة رائعة مثل عدن التي تمثل مدينة كونية مصغرة يتعايش فيها من يمثل قارة آسيا وافريقيا، مدينة مر العالم منها شرقاً وغرباً وتعايش فيها اليهودي والنصراني والبينيان وغيرهم وامتزج فيها جميع أبناء اليمن من اقصى الشمال إلى أقصى الجنوب دون ان يشعر احدهم بتمايز وفروق أو يتهم أحدهم بالعنصرية أو الدونية أو الاحتقار أو السخرية أو الاستهزاء أو أي عادات سيئة تكرست وظهرت في ظل النظام الحاكم الذي حكم متدثراً بالوحدة البريئة.
|
آراء
إنها قضية القضايا ...!!
أخبار متعلقة