دعوة «فك الارتباط»
في منتصف الشهر الأول من العام الحالي 2012م نشرت صحيفة (14 أكتوبر) مقالا للكاتب المعروف احمد عمر بن فريد تحت عنوان «هل يمكن للقانون الدولي أن يوحد الصف الجنوبي؟!» وقد استوقفتني فقرة هامة في ذلك المقال يقول الكاتب فيها: «واللافت للانتباه أن القرار الدولي رقم (1190) في 13 / 8 / 1998م الخاص بانجولا قد أكد على وحدة وسلامة الأراضي الانجولية وأعلن عن أسفه لمحاولات جبهة يونيتا للانفصال عن الدولة الأم تحت شعار حق تقرير المصير، في حين أن قراري مجلس الأمن (924، 931) أثناء (احتلال الجنوب) لم يدينا إعلان فك الارتباط وانما أكدا على ضرورة حل النزاع بين (الطرفين) بالطرق السلمية وبالحوار وهي ملاحظة شدد عليها القانوني الكبير الدكتور محمد علي السقاف من قبل» انتهى كلام الكاتب.. لقد نسي الكاتب أو كأنه تناسى ومعه القانوني الدولي الكبير السقاف بأن عنوان قراري مجلس الأمن المتعلقين بمشكلة اليمن هما متعلقان بالحالة في الجمهورية اليمنية وبشأن داخلي فيها هو نزاع بين الأطراف السياسية فيها وليس نزاعا بين دولتين منفصلتين والدليل ان قرار مجلس الأمن حول انجولا ذكر بالاسم صراحة حركة يونيتا وهي حركة عادية فقط وليست دولة بينما دولة او جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لم يذكر اسمها في قراري مجلس الأمن الآنف ذكرهما فمن هو أولى بالذكر حركة انفصالية عادية في انجولا أم دولة بحجم جمهورية اليمن الديمقراطية..؟!. ومشكلة الكاتب وكذلك القانوني الدولي الكبير أنهما يعتقدان بأن فك الارتباط يشبه إلى حد كبير ما يحدث بين الزوجين حين يطلب احدهما فك عقد الزواج في المحكمة فيستشف الحاكم الحكم من سكوت احد الزوجين على فك عقد الزواج بينهما من خلال فهمه بان سكوت احدهما وعدم اعتراضه دليل على قبوله ورضاه بفك الزواج فظن الكاتب والقانوني بأن سكوت قراري مجلس الأمن (924 ، 931) بشأن اليمن وعدم ذكرهما دعوة فك الارتباط هو دليل على رضا مجلس الأمن وعدم اعتراضه على فك الارتباط بين اليمنيين او الجمهوريتين قبل 22 مايو من عام 1990م!.. ولو تمعن الكاتب والقانوني في القرارين جيدا لوجدا انهما يتحدثان عن الحالة في الجمهورية اليمنية الموحدة وعن إحلال السلم فيها ولم يتحدثا عن صراع بين دولتين مستقلتين وليس في القرارين ذكر للحوار بين طرفين كما زعم ابن فريد بل حوار بين جميع الأطراف المعنية وحل الخلاف بينهم بالحوار!. وورد في نهاية كل قرار من القرارين عبارة:«يقرر ان تبقى هذه المسألة قيد النظر الفعلي». وظل هذا الباب مفتوحا حتى حدثت الأزمة اليمنية الراهنة في زمن الربيع العربي وتعقدت الأمور في الجمهورية اليمنية وانعقد مجلس الأمن الدولي من أجل هذه الحالة وأصدر القرار (2012) الذي جسدد فيه التأكيد على التزامه الراسخ بوحدة وسيادة واستقلال وسلامة الأراضي اليمنية وشدد على أهمية أمن واستقرار اليمن ودعا كافة الأطراف وبشكل فوري إلى نبذ العنف لتحقيق أهداف سياسية وحث كل الأطراف على التعامل بطريقة بناءة للوصول إلى حل سلمي للأزمة في اليمن من خلال تطبيق المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة ولم يعترف بفك ارتباط أو أي انفصال أو أي شيء يشير إلى حق تقرير المصير بل أبقى أزمة اليمن قيد النظر بشكل نشط.بقي أن أذكر ما ورد في الآلية التنفيذية الخليجية الخاصة بنقل السلطة في اليمن، تحت عنوان:«مؤتمر الحوار الوطني» نقرأ ما يلي: مع بداية المرحلة الانتقالية الثانية يدعو الرئيس المنتخب وحكومة الوفاق الوطني إلى عقد مؤتمر حوار وطني شامل لكل القوى والفعاليات السياسية بما فيها الشباب والحراك الجنوبي والحوثيون وسائر الأحزاب وممثلون عن المجتمع المدني والقطاع النسائي.. سيقف الحوار أمام القضية الجنوبية بما يفضي إلى حل وطني عادل لها يحفظ لليمن وحدته واستقراره وأمنه.وستتخذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية،وهناك عملية صياغة الدستور ومعالجة هيكل الدولة والنظام السياسي. وبذا تكون المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة قد تجاهلت دعوة فك الارتباط كما تجاهلتها قرارات مجلس الأمن بشأن الحالة اليمنية (924 ، 931 ، 2012) فلم يتبق أمام تكوينات الحراك المختلفة وأصحاب القضية الجنوبية إلاَّ مواصلة نضالهم السلمي الحضاري وتوحيد صفوفهم وتوحيد كلمتهم والخروج برؤية واضحة ومحددة والذهاب إلى الحوار الوطني الشامل بصوت موحد يطالب بتحقيق قضيتهم العادلة وإسماع صوتهم للمجتمع المحلي والإقليمي والدولي وعندها سيقف العالم مع هذه القضية دون اللجوء إلى أساليب العنف او استخدام وسائل إرهابية تعمل على إسقاط مطالبهم السلمية المشروعة وتشوه جهودهم النضالية من أجل مجتمع مدني تسوده الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية.