يعتقد د . فضل الربيعي بأن هناك أبعاداً وفوارق اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية وديمغرافية في كل من الشمال والجنوب لكي يصل الى قناعة بأن ظاهرة الحراك الجنوبي لم تكن عابرة بل تعود بداياتها الى ذلك القصور والأخطاء الناتجة عن الوحدة الاندماجية الارتجالية. هذه القناعة لدى د. الربيعي الذي زعم بأن دراسته التحليلية السوسيوجية للعلاقة الجدلية بين الحراك الجنوبي السلمي والقضية الجنوبية تنطلق من رؤية منهجية وشمولية ملائمة لواقع المجتمع.. وتعقيبنا هذا يفكك ويفند مقولات ومفاهيم هذا الاعتقاد الذي يزعم بأن هناك اختلافاً بين الجنوب والشمال ويثبت هذا التعقيب عكس ما طرحه د. الربيعي في بحثه الآنف الذكر الذي نشر منه الحلقة الأول في العدد (15385) من صحيفة 14 أكتوبر الموافق 10 فبراير 2012.في البداية لا بد من التفريق بين لغة التعميم والشمول والإحاطة وبين لغة التخصيص لأن التعميم خطر على الأمانة العلمية والبحث الرصين لأنه مثل لغة التجريد العائم والضبابي وغير الواضح، والدكتور الربيعي يتحدث في دراسته عن وجود فوارق في أفهام الشماليين عن الوحدة تختلف عن أفهام الجنوبيين لهذه الوحدة ويعود ذلك حسب اعتقاد الدكتور إلى أن الجنوبيين قد ناضلوا من أجل الوحدة وسعوا إليها وترسخت في نهجهم السياسي وقيمهم الثقافية وهي وحدة تحمل مشروعاً وطنياً تحديثياً يقوم على أساس الشراكة المتكافئة واحترام حقوق الآخرين وبناء دولة النظام القانون.. انتهى كلامه حول هذه الجزئية وهنا نسأل الدكتور الربيعي هذا السؤال : إذا كانت الوحدة قد ترسخت في نهج الجنوبيين السياسي وفي قيمهم الثقافية وكأنهم قد تشربوها كما تشربوا حليب أمهاتهم فلماذا تطالب بعض النخب السياسية فيهم اليوم بفك الارتباط والانفصال عن هذه الوحدة التي قد تغلغلت في وجدانهم ومشاعرهم.. أليست هذه انتكاسة وتراجعاً عن هدف ناضلوا من أجله أم أن نضالهم ذاك كان مجرد شعار شكلي لم يصل الى القلوب والوجدان..؟!. وأما مفهوم الوحدة عند الشماليين من وجهة نظر د. الربيعي فإنها قامت على أساس السلب والنهب والظلم والعصبية وهذا الأساس استقاه الدكتور الربيعي من مذكرات شيخ مشايخ قبيلة حاشد وكأن رأي الشيخ هو رأي الشعب اليمني بأكمله في الشمال وهذا هو التعميم الخطر الذي حذرنا منه في بداية تعقيبنا هذا. وكان ينبغي على الدكتور الربيعي أن يعتمد على مصادر ومراجع علمية موثوقة كالإحصاءات والاستبيانات والدراسات والبحوث الجادة كالسفر العلمي الذي أعدته ونشرته كلية الآداب بجامعة عدن وجمع في طياته دراسات وأبحاث ومحاضرات الندوة العلمية التي دارت حول ( اليمن .. وحدة الأرض والإنسان عبر التاريخ ) 12 - 14 فبراير 2001م. إن ما يريد الدكتور الربيعي إثباته لنا يفتقر للأدلة العلمية والموضوعية المقنعة والدليل أنه أجهد نفسه في إقناعنا بصحة قناعاته تلك عبر نشره عدة حلقات مطولة في الصحافة كان يمكن الاكتفاء بأدلة قليلة صحيحة ومقنعة بشكل مختصر وموجز يتناسب وروح المقالة الصحفية. لقد ورد في كتاب الندوة العلمية لجامعة عدن عن اليمن أن الشعب اليمني ينتمي الى قومية واحدة هي القومية العربية ودولة اليمن من أكثر الدول العربية تجانساً قومياً ودينياً وسلالياً ولا تشكل فيه التباينات الطفيفة أية مشكلة محتملة في المستقبل.. لمزيد من تأكيد هذا الأمر يمكن الرجوع إلى الصفحتين 28، 29 من بحث الخصائص الجيوبولوتيكية الجديدة لدولة الوحدة اليمنية للاستاذ الدكتور/ عبد علي حسن الخفاف - رئيس قسم الجغرافيا- كلية الآداب / عدن - والاستاذه الدكتورة / حياة عبده ردمان الرديني - قسم الجغرافيا - كلية الآداب / عدن- ويمكن الاطلاع على بحث الاستاذة الدكتورة / إسمهان سعيد الجرو- أستاذ التاريخ القديم - كلية الآداب/ جامعة عدن الذي يحمل عنوان : كيف تطورات الصيغة الاتحادية بين القبائل الى وحدة شاملة في اليمن القديم..؟ وهناك بحوث علمية كثيرة في نفس السفر الآنف الذكر لا يتسع المجال لذكرها تنفي ما زعمه الدكتور الربيعي بل وتنقضه لأنه حاول جاهداً نفي الشعور الوحدوي عن أهل الشمال وضخم هذا الشعور لدى أهل الجنوب بدون دليل علمي وموضوعي مقنع سوى الاعتماد على رأي الشيخ المرحوم عبدالله بن حسين الأحمر ومن مذكراته التي تختلط فيها السياسة والعواطف القبلية الجياشة.
|
فكر
اختلاف (الجنوب) عن (الشمال) في فكر الربيعي..!!
أخبار متعلقة