(( الوحدة خط أبيض وليست أحمر وهي فعل سياسي ومصلحة، وليس صنما يقدس وللناس كامل الحق في تقرير مصيرهم )) هذا القول للقطب الإصلاحي السيد/إنصاف مايو، ورد ضمناً في مقابلة صحفية أجريت معه خلال الأسبوع الثاني من شهر يوليو الماضي. كلام البرلماني العدني عضو الهيئة العليا لـ ( لإصلاح ) في غاية الأهمية، والاكثر أهمية هي دعوته لقيادات الحراك من خلال تلك المقابله للحوار عندما قال: « تعالوا نتحاور كجنوبيين بدون سقف» مثل هذا الحديث المنطقي والدعوة المتعقلة لم يعد لهما وجود اليوم على ارض ( الإصلاح ) ولا يتسقان مع (غزوتي) الحزب على شباب الحراك الجنوبي في المعلا والمكلا اللتين ما زالت تأثيراتهما ناشبة، فهل ثمة «أزمة إصلاحية» قد فتكت بمنطق الحزب ليحدث هذا التحول في الموقف من القضية الجنوبية، هل هناك صفقة في الطريق الى دار الرئاسة ام في الأمر إن؟.بماذا تبررون حالة الاشتباك المفتعلة اليوم في كل من عدن وحضرموت بين قاعدة الحراك الذي خرج من رحم معاناة الشعب الجنوبي العام 2007م وبين المجاميع الثابته والمتنقلة لحزب الاصلاح الذي انبثق في صنعاء عام 1990م من عباءة حركة الاخوان المسلمين، ومن تحالف قبائل حاشد وبكيل بهدف تعزيز موقف الرئيس صالح وحزب المؤتمر الشعبي في وجه الحزب الاشتراكي القادم من الجنوب، ومن اجل كسر الثنائية في مجلس الرئاسة الذي اقر اعتماده في اطار اتفاقية الوحده خلال العام السابق لتأسيس حزب الاصلاح، ومن اجل اضعاف الموقف الجنوبي في اتخاذ القرار الرئاسي الذي اصبح مثالثة بدلآ من المناصفة اي ان حزب الاصلاح بكيانه المعروف اليوم بني على انتهازية سياسية واضحة، وهذه حقيقة تاريخية اعترف بها الرجل القوي الذي لعب الدور الابرز في قيام حزب الاصلاح المرحوم الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر رئيس البرلمان السابق وشيخ مشايخ حاشد.باسم الوحدة نهبت بلادنا واغتصبت حقوقنا وباسم الوحدة قتل بعضنا وشرد البعض، ومن بقي صامداً اما مات كمداً او عاش مكسوراً بقهر وجوع الوحدة، وبفعل مسيس الحاجة بيعتنا الوحدة جل ما نملك بتراب ريالاتها التي لا تختلف في القيمة عن التبن في سوق الماشية.. كغيري من اعلاميي الجنوب كتبنا وهتفنا للوحدة، وبقلمي صغت مع الزملاء خبر اتفاقية الوحدة في نصف الساعة الاول يوم 30 نوفمبر 1989م وصدحت اصداء الخبر الذي فاجأ العالم من مبنى وكالة انباء عدن، الواقع بحي البنجسار في مدينة التواهي من محافظة عدن، خبر الأتفاق على تحقيق الحلم الوحدوي الذي ما انفككنا ننادي بالانتصار له من اجل بناء المستقبل الوضاء لكم قبل انفسنا، ولكن ما ان تجسدت الوحدة كحقيقة على ارض الواقع حتى تحول الحلم الى كابوس انقض تدميراً وفتكاً بحق كل ما له علاقة بالجنوب والجنوبيين. ونقول لمن يظن أن الجنوبيين هم من يسيرون الحكم الوفاقي، اوانه سيتاح لهم المجال غداً للحكم الانتقالي، أنه اما يعيش اوهام الجنوب الساذجة التي سبقت الوحدة عام 90م، او انه يعاني من لوث تجريب المجرب وهنا المشكلة افدح واعمق لأن السواد الاعظم من الجنوبيين وانا منهم لم نعد وحدويين، ليس لأننا ولدنا انفصاليين ولا لأن امهاتنا ارضعننا حليب الانفصال، وانما لأن الوحدة التي تحاولون اليوم بيعنا اياها، من داخل الصندوق، هي ذاتها التي ولدت الانفصال في قناعاتنا وهي ذاتها من ارضعتنا انفصالاً لما يقرب من 22 حولاً . وليس بخاف على احد ان الذين يمسكون بتلابيب السلطة اليوم، جلهم تبوأ مناصب حساسة وفاعلة في النظام السابق، ويتحملون جزء من وزر هدم الوحدة، بل ان للبعض منهم نصيباً من عملية السحق التي طالت الجنوب وأبناءه، فمنهم القائد العسكري الذي خطط لحرب 94م الظالمة، ومنهم المغوار الذي قاد أسلحة دمار الجنوب، ومنهم من أدار الجهد الدبلوماسي والعلاقات العامة لتسويق عملية ( ... ) للجنوب، ومنهم من قاد الجهد القبلي لنهب مقدرات الشريك الجنوبي في الوحدة ومنهم .. ومنهم .. ومنهم .. والقائمة تطول.فان كان رهبان الطهر قد تملك كل هؤلاء الذين يقفون اليوم في الواجهة، فإن هناك في الخلفية من يعتبرون أنفسهم (حمران العيون) لم ولن يسلموا أمرهم لمبدأ الشراكة وان انحنوا اليوم في وجه العاصفة الخليجية والغربية فما الأمر عندهم الا استراحة محارب لا تختلف عن تلك التي امتدت بين عامي 90 - 91م. فلو كانوا يمتلكون إرادة القبول بالوحدة على قاعدة الشراكة لتملكتهم مروءة النصح لدهقانهم الأكبر ان يحترم عهوده مع الجنوبيين، بدلاً من التبتل في خدمة صاحب العطايا لعشرات السنين. وإجمالاً لا بد من الإشارة الى أن الخط الفاصل بين قاعدة الحراك الجنوبي السلمي ومجاميع حزب الإصلاح ليس علم الوحدة بديلاً عن علم الجنوب ولا ارادة الانفصال بديلاً عن ارادة الوحدة وانما الخط الفاصل هو الحق في تقرير المصير، نعم الحق المشرع دون سقوف او جدران ولا ارضيات حزبية بهذا الاتجاه او ذاك، فاي عاقل على دراية بحجم المؤامرة التي اسقطت المشروع الحضاري الوحدوي الذي عملت من اجله الأجيال السابقة، من حقه ان يفكر بدل المرة ألف ، قبل الاتفاق مع اناس يمارسون التقية السياسية، ويخفون في ذواتهم غريزة الاستحواذ والتسلط وعبادة المال والسلطة، فاذا كنا معشر الجنوبيين قد خاطرنا بالوطن حباً في الوحدة التي لم يبق منها سوى الاسم، فهل نخاطر بارواحنا وبمستقبل الأجيال الجنوبية القادمة من اجل الإبقاء على الاسم الأجوف الذي يسوقه لنا اليوم أصحاب اللهو الخفي .
|
فكر
الحراك الجنوبي وأصحاب اللهو الخفي!
أخبار متعلقة