ورد في السنة النبوية الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها.” ففي هذا الحديث بيان لأهمية الأمن من الخوف ومن الجوع في حياة الإنسان كما أن فيه إشارة إلى أهمية صحة البدن من أجل القيام بمهام وتكاليف الدين والحياة، وجعل هذه الأمور الثلاثة أهم أسباب سعادة الإنسان في الدنيا، فالشخص الذي يشعر بالأمن في المجتمع الذي يعيش فيه لا يعاني آلام الخوف، والذي يجد قوت يومه لا يشعر بآلام الجوع والذي يتمتع بصحة جيدة في بدنه لا يشعر بآلام المرض وهو شخص في قمة السعادة، كأنما هو ملك الدنيا بحذافيرها.وإن أي خطر يمكن أن يهدد هذا الشخص في أمنه النفسي أو أمنه الغذائي أو المعيشي سيثير فيه الخوف والفزع بل ويصل به الأمر إلى اليأس والإحباط والقنوط والكفر والعصيان والتمرد والعياذ بالله ويمكن أن يتحول إلى إنسان غير سوي يقف في طريق التنمية والبناء ويؤثر على السكينة العامة والاستقرار والأمن وربما يقف حجر عثرة وعائقاً أما فرض سيادة النظام والقانون وهيبة الدولة ويهدد سلامة المواطنين ومكاسب الوطن.. فهل حكومتنا الجديدة حكومة الوفاق الوطني على وعي بهذه القضية الخطيرة خاصة في أوساط شريحة الشباب التي هي من أهم شرائح المجتمع العريضة التي تتميز بالاندفاع والحماس والثورية والجموح ونسبة العاطلين فيهم مهولة وهم طاقة جبارة لكنها مهدورة وهم أصحاب المبادرات والشجاعة والإقدام والغضب والاحتجاج والاعتصام والتمرد وهم الذين يقفون أمام الظلم والطغيان ويقلبون الدنيا (عاليها واطيها ) وهم الذين يثيرون الشغب والفوضى ولكنهم في الوقت نفسه هم أصحاب المبادئ وهم رجال المستقبل وقادته وأمل الشعب وصناع التغيير.. ولهم مطالب وحقوق وواجبات من أهمها الأمن النفسي والأمن الغذائي أو المعيشي كضرورات للحياة، ولهم تطلعات وآمال وطموحات وأحلام أخرى كالاطمئنان على المستقبل في الحصول على مسكن مناسب وملبس أنيق ووظيفة محترمة وحياة سعيدة هادئة وهنيئة وأن يروا بلدهم في أمن وسلام وطمأنينة وحرية وعدالة ومساواة ومواطنة متساوية، فإن لم يتحقق لهم الحد الأدنى من هذه المطالب والحقوق والآمال فإنهم سيشعرون بالضياع وسيتحول البعض منهم إلى مجرمين وإلى سفاحين ومتمردين وخارجين عن القانون بل وسيشكلون أكبر تحد وعائق في طريق بناء الدولة المدنية الحديثة. وقد لاحظنا أن المنتمين إلى القاعدة من الإرهابيين والمنتحرين وأصحاب العقول المتحجرة والمتشددة المحسوبة على الإسلام السياسي هم من شريحة الشباب وليسوا من الأطفال القصر أو العجزة المسنين، فعلى الحكومة الحالية أن تولي شريحة الشباب الرعاية والاهتمام وأن تقترب منهم أكثر فأكثر وتلامس همومهم وتخفف من معاناتهم وتفجر طاقاتهم الإبداعية بما يفيد الوطن ويفيدهم وتحقق بعض طموحاتهم وتحاورهم كثيراً وتأخذ بأيديهم وتوجههم وتشعرهم بأن لحياتهم معنى ولعملهم قيمة وأن تشركهم في الأمر والسياسة من أجل تحقيق الأمن النفسي والأمن المعيشي للجميع وأن يعم الخير في ربوع الوطن ولا يستثنى من ذلك رجل عجوز أو امرأة مسنة أو طفل صغير أو أي شريحة أخرى من شرائح المجتمع وأن تسود العدالة والمساواة بين أبناء الوطن الواحد دون تمييز أو محاباة أو مجاملة أو هضم حقوق.ويبدو أن الشباب سيحلون محل المعارضة التي ستعمل على تقويم وتقييم ومراقبة سير عمل حكومة الوفاق الوطني وهذه ظاهرة صحية لا غبار عليها..!!