هناك حكمة تايلندية تقول “عليك أن لا تترك النمر جريحاً إما أن تقتله أو تبتعد عن طريقه” وأعتقد ان هذا المثل ينطبق على الشعب اليمني حيث انه أشد بأساً من النمر، بل انه اشد فتكاً بمن تركه جريحاً، وأعتقد أن هذا ما تفهمه أحزاب اللقاء المشترك ولوبيات الفساد والكهنوت المنضوية داخل ما تسمى (ثورة)، فهم يعون جيداً انهم قد عجزوا عن قتل الشعب اليمني، لكنهم يعون ايضاً أنهم قد جرحوا الشعب وقياداته الشرعية والدستورية جرحاً بليغاً ما زال ينزف يوماً بعد يوم نزيفاً حاداً في حياته ومعيشته واقتصاد بلده في أمنه واستقراره، وأعتقد ان هذا الجرح قد بدأ يقض مضاجع من سببوه الى درجة انهم يبحثون عن طريقه للهروب خوفاً من ان يفترسهم الشعب اليمني، وأظن أنهم لم يجدوا طريقه أخرى غير الانتحار السياسي والتشرذم ومحاولة كل منهم إلقاء اللوم على الآخر بأنه من سبب للشعب هذا الجرح النازف.إن تشكيل ما يسمى بالمجلس الانتقالي طريقة من طرق الانتحار، إذ أنه عملية تعبر عن يأس لدى المنضوين داخل الساحات سواء كانوا من المشترك أو القوى الظلامية أو من يسمون بالشباب، فقيامهم بهذه الخطوة (تشكيل مجلس انتقالي) يعني بداية تشرذمهم او انتحارهم السياسي، فهذا المجلس الانتحاري ما هو إلا عنوان للحالة التي وصل إليها من يسمون أنفسهم بالثوار، فالرعب والخوف يلاحقهم من أن يتعافى الشعب اليمني من جرحه ومن ثم يقتص ممن جرحه، ولهذا لم يجدوا إلا هذه الطريقة اليائسة كآخر ورقة سرعان ما احترقت عندما لقيت السخرية والسخط من جميع فئات الشعب اليمني.ولهذا فإنني أتوقع انهياراً وشيكاً لأحزاب اللقاء المشترك وعض أنامل الندم من قبل الشباب الذين أضاعوا فرصة الحوار مع القيادة السياسية وراهنوا على أحزاب هي في الحقيقة أوهن من بيت العنكبوت ولا يجمعها فقط سوى الحقد على منجزات الوطن، كما أنني أتوقع أن تترك القوى الظلامية والفاسدة وحيدة بعد أن فشلت في الاختباء خلف الشباب تنتظر الجزاء العادل من الشعب اليمني على ما أحدثته من جرح في الوطن في جميع مناحي حياته ولن يكون هذا بعيداً بل إني أراه قريباً جداً، وما تشكيلهم لمجلسهم الانتحاري إلا بداية الخروج من النفق المظلم الذي أدخلونا فيه وحتى وان كان من قام بتشكيل المجلس طائفة منهم، إلا أن ذلك عنوان للحالة اليائسة التي وصلوا إليها، وتوقعي هذا ليس لأن عندي البراعة لفك رموز طلاسم السياسة، لكنها حقيقة عبر الأزمان إن من يواجه شعباً فحتماً نهايته ستكون الخسارة وانتصار الشعب. إن تشكيل هذا المجلس الانتحاري من قبل الشباب إعلان منهم بأنهم قد انخدعوا عندما انساقوا وراء شعارات المشترك وحتى وإن لم يعلنوها صراحة، ولكني أجزم بأن الشباب قد بدأوا باستعادة رشدهم ولم يعد ينقصهم إلا ما يحفظ ماء وجههم لكي يعترفوا بأنهم قد شاركوا في الإساءة إلى شعبهم دون قصد، ولأنني ما زلت على يقين من نبل أهداف الشباب الأبرياء وطهارتهم فإنني أطالب القيادة السياسية بأن تمد للشباب يدها من جديد لكي تنتشلهم من المستنقع الذي أدخلهم فيه المشترك، فقد تعودنا من قيادتنا السياسية طوال فترة حكم الأخ الرئيس أن التسامح والعفو هما عنوان سياسته وقيادته الرشيدة، فالشباب اليوم لا يحتاجون منا أن نعاقبهم بل أن نساعدهم على استعادة رشدهم، وبرغم مشاركتهم في صناعة الأزمة الخطيرة التي نعيش فيها اليوم إلا أنهم في النهاية أبرياء ويستحقون منا أن نفتح لهم طريقاً للخروج من هذا المأزق يحفظ لهم ماء الوجه حتى لا يقوموا بخطوة أخرى مشابهة لخطوتهم في إعلان المجلس الانتحاري، وأعتقد أنه إذا لم نساعدهم في ذلك فإن المكابرة لديهم قد تجرهم الى خطوات أخطر بكثير من المجلس الانتحاري ومن ثم سيصبحون صيداً سهلاً لمن ركب ثورتهم وقد يجرونهم الى محرقة لن نسلم منها جميعاً نتيجة خوف تلك القوى الظلامية من أن تترك وحيدة بمواجهة الشعب اليمني.إنني هنا عندما أدعو القيادة السياسية إلى مد يد العون لشباب لا أدعوها الى اتخاذ خطوة مشابهة مع أرباب الفساد كهنوت الظلام لأنها لو فعلت ذلك ستكون في مواجهة الشعب اليمني، فنعم العفو والتسامح من شيمنا بل أنه جزء من سمات الانسان اليمني، لكننا مللنا من فسادهم وعبثهم بمقدرات الوطن ولهذا يجب ان ينالوا جزاءهم الرادع جراء ما اقترفوه ويقترفونه بحق وطنهم وشعبهم، فلم نعد نطيق أن نراهم يعبثون بنا من جديد أو ان يظل الوطن رهينة في ايديهم يجرونه الى المحرقة متى شاؤوا، ومثلما نحن متمسكون بالشرعية الدستورية وقيادة الرئيس الحكيمة فإننا نطالب بالتغيير الجذري وإصلاح الاختلالات التي تنغص حياتنا وقوت اطفالنا، فالفرصة بالتغيير اليوم مواتية جداً فقد بات ارباب الفساد قاب قوسين أو أدنى من السقوط، ويجب علينا أن نجعله سقوطاً أبدياً لهم بإنزال أقسى العقوبات عليهم فالشعب اليمني لا يريد أن يعود للمربع الأول وكأنك يا أبو زيد ما غزيت، لكنه يريد ان يطوي صفحة سوداء من تاريخه بالقضاء على أرباب الفساد القابعين خلف الشباب، فقد شاء الله أن يعريهم ويخرجهم من حياة اليمنيين الى الأبد عندما وضعهم في مواجهة الشعب بعد أن ظلوا طويلاً يستغلون سماحة اليمنيين ويعيثون فساداً في البلاد وضد العباد.إن رحمة الله قد نزلت على الشعب اليمني لصبرهم على فساد هؤلاء واستهتار هؤلاء بشعبهم وحلم الله عليهم، لهذا كان لا بد أن يفضحهم الله بعد حلمه عليهم نظير كثرة ذنوبهم وعدم احساسهم بالفقراء والعجائز والاطفال وأنين الثكالى.وشاء القدر أن يساقطهم من داخل النظام كأوراق الخريف ومثلما فرق الأحزاب في غزوة الخندق، فهاهو اليوم يدفع بهذه القوى والأحزاب التي نغصت حياة اليمنيين الى الهاوية والشتات.إننا نريد أن نرى اليوم الذي تخلو فيه حياتنا من أرباب الفساد وقطاع الطرق، ولا نريد أن نحلم باليوم الذي يعود فيه هؤلاء الى العبث بحياتنا من جديد، وعلى القيادة السياسية أن تعي أن حب الشعب اليمني لها ومؤازرته ليس إلا لأنهم يرون فيها الأمل والقدرة على تحقيق الطموحات المرجوة ومن ضمنها القضاء على الفاسدين، أما إذا تمادت بالعفو والسماحة مع هؤلاء فبلا شك أن ذلك سينعكس عليها، فالشعب اليمني كالطفل الوديع لكن لا يمكن أن يدوم ذلك طويلاً.
أخبار متعلقة