(الإعاقة ليست نهاية الحياة)
فاطمة رشاد كان قلبها يمتلئ بالسعادة وهي تستقبل مولودها الأول الذي لطالما انتظرته ولكن تلك الفرحة تلاشت مع كلمات الطبيب الذي قال لها إن طفلها سيخرج إلى الحياة معاق..يحدث هذا للكثير من الأمهات حين يذهبن إلى الطبيب للمراجعة في بداية شهور حملهن وعندما تكون الأم حاملاً بطفل معاق تجد المنزل ينقلب رأساً على عقب حتى أن بعض الآباء ينكر وجود هذا الطفل عندما يخلق معاقاً فيبقيه حبيس الحرمان لقدر ليس له ذنب فيه ولم يتمنه لنفسه.وكثير من الأمهات نجدهن يتذمرن لأنهن أنجبن أطفالاً معاقين فهن لا يعلمن أن هذا اختبار وابتلاء من الله.أحمد طفل معاق ولديه أختان معاقتان أيضاً ولكنهما توفيتا وبقي احمد يداري إعاقته وحيداً، يبلغ من العمر ثماني سنوات ولكن هناك إهمالاً وتقصيراً وعدم اهتمام به من قبل والديه فيقوم بالخروج من البيت ويظل في الشارع وقتاً طويلاً من غير رقابة عليه لأن والديه متذمران من وجوده وكلاهما غير مهتم به إلا في أحيان قليلة حين يجدان تأنيباً من أهل الحي الذي يسكنون فيه.. صحيح أنه ليس ذنبهما أن يرزقا بطفل معاق ذنبهما هو الإهمال الذي يجده هذا الطفل من غير مبرر.وليس احمد فقط من يتعرض للإهمال فربما احمد تقبله والداه وصار يعتني كل واحد منهما به حسب هواه ولكن الطفل (علاء) لم يختر إعاقته بنفسه غير أنه أول ما جاء إلى الحياة رفضه والداه فتصدت الأخت الكبرى لهما وقالت لهما: اتركاه لي سأهتم به. ولم يحصل علاء على قطرة حليب واحدة من ثدي والدته لأنها كانت رافضة له فاعتنت به الأخت الكبرى طوال سنوات عمره الأولى وتحملت الكثير لأجله وسجلته في مركز يهتم بالمعاقين لكي يستطيع أن يساعد نفسه في الحياة وهذا ما حدث ولكن عندما أصبح الطفل كبيراً وصار أهل الحي وأهل الخير يعطونه مما أعطاهم الله صار والداه يذهبان إليه كل شهر لكي يسلبانه ذلك القليل من المال الذي يتحصل عليه من أهل الخير كراتب يقتات منه. وحشية الأبوين حين رفضاه وهو في المهد وتكفلته أخته وأدخلته مركزاً للمعاقين وأيضاً عندما وجد من يمنحه راتباً شهرياً وأصبحا فجأة يهتمان به هي صورة تتكرر كثيراً.. (استغلال المعاق من أقرب أقربائه)..فإذا كان في الأسرة الواحدة أكثر من معاق كيف ستكون نفسية الأبوين؟؟فأحياناً ترسل الاتهامات والألفاظ الجارحة من بعض النفوس الضعيفة الذين لا يرضون بقدر الله..نور وفاطمة وعلي معاقون ووالدتهم ترعاهم حق الرعاية وتهتم بهم فنقول لها جزاك الله خيراً عن هؤلاء الأطفال الذين تحاولين أن ترسمي على وجوههم الابتسامة وان تجعليهم يتناسون أنهم معاقون.والأمثلة كثيرة في الحياة ولكن الصبر على هذا الابتلاء من الله جميل فليس إنجاب طفل معاق نهاية العالم بل هو قدر وابتلاء من رب العالمين، ولابد أن نرضى بهذا الطفل المعاق وان نهتم به ونعامله معاملة خاصة ولا بد أن يسود في الأسرة العدل والإنصاف وان يدمج الطفل المعاق مع إخوانه لكي لا تكبر الفجوة.لتكن بارقة أمل في الحياةهناك من تحدوا إعاقاتهم ورسموا أفضل لوحات التحدي، فيجب ألا يقف المعاق عاجزاً أمام إعاقته.. بل عليه أن يسير إلى الأمام وينطلق ويعايش البشر من حوله لكي يريهم انه يستطيع أن يبدع.. والطفل المعاق أكثر إبداعاً.. والحمد لله الذي يأخذ من جانب ويعطي في الجانب الآخر.