لم اكن ممن يؤمنون بنظريات المؤامرات على الأمة العربية، وكنت اعتقد أنها مجرد شماعة تعلق عليها الحكومات العربية فشلها، لكنني الآن متأكد أن الأمة العربية فعلاً تواجه مؤامرات تستهدفها في العمق لتفكيك كيانها الاجتماعي والجغرافي، وتزيدني يقيناً حالة الفوضى الحاصلة الآن في معظم الأقطار، إضافة إلى أنني قرأت أواسط التسعينات في إحدى المجلات العربية ما مفاده أنه تم نشر خارطة جديدة من قبل الصهاينة تبين كيفية تقسيم الشرق الأوسط الجديد، ومن ضمن الدول المستهدفة كما تقول الخارطة العراق واليمن والسودان وأيضاً السعودية.المشروع الذي تريده تلك الخارطة، هو تقسيم العراق إلى دويلات ثلاث وهو ما حصل فعلياً، وتقسيم السودان أيضا إلى ثلاث أو أربع دويلات وهو ما بدأ يدخل الحيز الفعلي بانسلاخ جنوب السودان واتجاه دار فور نحو هذا الطريق، وأيضاً تقسيم اليمن إلى دولتين ليس إلى جنوب وشمال ولكن إلى شافعي وزيدي وهو ما نخشاه الآن إذا نظرنا للنفق الذي أدخلنا فيه ( اللقاء المشترك) وفي حالة تنفيذ المشروع وتقسيم اليمن فسيصل المشروع إلى السعودية التي يقترح المشروع تقسيمها إلى خمس إمارات.عندما قرأت الخارطة كنت استبعد تطبيق ما فيها خصوصاً على السعودية، نظراً لما تمثله من ثقل سياسي وجغرافي إضافة الى الإمكانات الجبارة التي تتمتع بها. لكن ما حصل بالعراق ومن ثم السودان وما يحصل الآن في اليمن، يزيد من يقيني بأن هناك مؤامرة حقيقية تستهدف كيان الأمة العربية، فما جرى ويجري يسير حسب المشروع والخطوات التي أرادها العدو الصهيو إيراني في خارطتهم المنشورة.وما يزيد من إيماني بوجود مؤامرة هو ما حدث ويحدث فينا ومن حولنا، فما يجري بالقرن الأفريقي وما جرى في صعدة ينسجم مع هذا المشروع، إذ أن وضع الصومال في حالة اللا دولة ليس بالصدفة، أو لعجز العقول الصومالية عن ايجاد حل يخرج بلادهم الى بر الأمان، بل أن بقاء الصومال بهذا الوضع هو نتيجة فعل فاعل، لكي يتسنى لهم تنفيذ مشروعهم التقسيمي المقترح في تلك الخارطة.ولنا أن نتساءل ما الذي جعل العدو الصهيو أمريكي يدفع الحليف الأثيوبي لغزو الصومال بعد أن كادت تخرج من المأزق وتصبح دولة قادرة على حماية سيادتها ومياهها الاقليمية بقيادة شيخ شريف أحمد؟! أعتقد أن الاجابة على ذلك سهلة وبسيطة للمواطن العادي، وهي أن وجود حكومة صومالية سيجعل من الصومال بلداً آمناً، وبالتالي سيتم القضاء على القراصنة وهو ما لا يريده الصهاينة، إذ أن القضاء على القرصنة سيسحب البساط من تحت أقدام الصهاينة ويسلبهم ذريعة تواجدهم في المياه الاقليمية العربية، ناهيك عن أن وجود دولة بالصومال وقضاءها على القراصنة سيحد على الأقل من سرعة تنفيذ مشروعهم التقسيمي، كما أن تدخل إيران في صعدة يقوي دلائل وجود مؤامرة يجري تنفيذها على الأمة العربية، فتدخل ايران في صعدة هو لايجاد أرضية لها تستطيع من خلالها الحصول على نصيبها من الكعكة العربية خصوصاً الكعكة السعودية المغرية، فإيران لم تعد عدواً لاسرائيل كما تدعي وإنما تعتبر نفسها شريكاً لها في الثروة العربية فيما لو تم تنفيذ المشروع التقسيمي.هذا هو ما يحصل ولا يمكن لأحد نكرانه، و(المشترك) بقصد أو بدون قصد يسير في الطريق الذي يريده أصحاب هذا المشروع المعادي للأمة العربية.إن على الحكومات والشعوب العربية أن تصحو من سباتها، وأن تعمل للقضاء على هذا المشروع وإفشاله وخصوصاً السعودية التي بدأ الخطر يطرق بابها اليمني الجنوبي الأخير، وعلى الحكومة السعودية بإمكاناتها الجبارة إذا ما أرادت أن تنجو من الخطر المحدق بها أن ترمي بكل امكاناتها وجهودها لكي تساعد اليمن على الخروج من المأزق الخطير الذي أدخلنا (المشترك) فيه.وعليها ايضاً الا تخسر اليمني كما خسرت العراق، وإلا فإنها ستسهل على العدو الصهيو إيراني تنفيذ مشروعهم على ارضها وكيانها، فالسعودية هي المستهدف الأكثر إغراءً لهاذ العدو بما حباها الله من ثروات، وما تمثله من قلق لإسرائيل وإيران، وهو ما عبر عنه أحد المسؤولين الصهاينة عندما قال «إن أكثر ما يعترينا من قلق سببه الدولة السعودية خصوصاً لو تسلم الحكم فيها إسلاميون أو قوميون يشنون الحرب علينا» فهل هناك دليل أقوى من هذا على أن السعودية هي المستهدفة الحالية من هذا المشروع فيم لو نجح على الأرض اليمنية، فاليمن هي آخر البوابات للدخول الى البيت السعودي.إن المشروع التقسيمي الذي يريده العدو الصهيو إيراني بدأ يشارف على نهاية تنفيذه، كما أن القيادة القطرية تعمل على تنفيذه ليلاًَ ونهاراً - عبر قناتها المسماة (الجزيرة) - بالوكالة عن اسرائيل وإيران، لتنفيذ المشروع التفتيتي للأمة العربية، من خلال تسخير كل إمكاناتها المادية والإعلامية لتشجيع الشباب العربي على إدخال بلدانهم في حال الفوضى الخلاقة، وبالتالي يسهل تنفيذ المشروع الصهيو إيراني.ومثلما على السعودية أن تسخر كل إمكاناتها للحفاظ على اليمن فإن عليها العمل على تحجيم قطر، هذه الدولة الصغيرة التي اصبحت شوكة في قلب الأمة العربية، لا تقل خطراً عن العدو الاسرائيلي فالموت بنيران عدوة أسهل من الموت بنيران صديقة.ختاماً أناشد (المشترك) للجلوس على طاولة حوار، فالتنازل من أجل الوطن شرف لهم وليس إهانة، كما أناشد السعودية باعتبارها المستهدفة مما يجري في اليمن أن توقف العدو الصهيو إيراني عن تحقيق أحلامهم فهي وحدها الآن القادرة على ذلك، ومثلما نحن نتعشم فيها مساعدة اليمن على الخروج من أزمته، فإننا حريصون وخائفون عليها كما نحرص ونخاف على اليمن.
أخبار متعلقة