دراسة حديثة تبرز تأثيرات الزيادة السكانية على قطاع التعليم في اليمن
صنعاء / بشير الحزمي :تظل تنمية الموارد البشرية غاية كل امة ومع تزايد أعداد السكان يزداد الطلب على التعليم باعتباره من أهم الوسائل لتنمية البشر ومع تزايد هذا الاهتمام يتزايد إدراك المجتمع والدولة لأهمية التعليم لتنمية مواردها البشرية لذلك يشكل السكان مصدر الموارد البشرية في أي مجتمع والتعليم هو الأداة الرئيسية في تحويل هذه الموارد إلى قوى فاعلة تخدم عملية التنمية الشاملة وبدون التعليم تصبح هذه الموارد عبئاً وليس مورداً للتنمية من هنا تتضح الأهمية الإستراتيجية لدور التعليم في عملية التنمية وانطلاقاً من ذلك فقد سعت الجمهورية اليمنية إلى جعل التعليم محور ارتكاز لعملية التنمية. ووفقاً لدراسة حديثة تعد اليمن من بين الدول ذات المستوى المنخفض في أداء التنمية البشرية وحلولها في المرتبة (149) من بين (169) بلداً كما أن المساواة في النوع الاجتماعي تعتبر هي الأخرى متدنية حيث صنفت اليمن في المركز (121) من بين (140) بلداً. وبحسب الدراسة حققت اليمن خلال العقود الأربعة الماضية نجاحات متعددة في مختلف المراحل التعليمية لا سيما فيما يتعلق بالمؤشرات التعليمة في التعليم الأساسي والتي تتمثل في ارتفاع معدلات الالتحاق وانخفاض معدلات الأمية وانخفاض معدلات التسرب وزيادة عدد المدارس والفصول الدراسية وانتشارها وقد ترافق ذلك مع زيادة القوى البشرية العاملة في التعليم وتنوع اختصاصاتها. [c1]التعليم الأساسي [/c]و أوضحت الدراسة أن اهتمام الدولة ينصب على مرحلة التعليم الأساسي التي تمثل القاعدة العريضة للنظام التعليمي حيث أن الملتحقين بها يشكلون ( 68.5 %) من إجمالي الملتحقين بالنظام التعليمي العام وتوضح التقديرات التي تم إعدادها لقطاع التعليم أن أعداد التلاميذ في مرحلة التعليم الأساسي وفق بديل ثبات الخصوبة ( 6 مواليد بالمتوسط للمرأة) سيرتفع من ( 3.7) مليون عام 2008م ليصل إلى حوالي 14.7 مليون تلميذ بحلول عام 2035م حيث تؤكد هذه التقديرات النمو المتسارع لحجم السكان في اليمن نتيجة لاستمرار مستويات الإنجاب المرتفعة ( البديل الأول) أما البديل الثاني (3.3) مواليد للمرأة الذي تبنته الأمم المتحدة فسيؤدي إلى خفض عدد السكان وتأثيره على حجم الملتحقين بالتعليم حيث سيصل عدد التلاميذ إلى (8.83) مليون تلميذ استناداً لهذا البديل أما البديل الثالث وهو النمو المنخفض للخصوبة ( 2.1) مولود لكل امرأة فسيصل عدد التلاميذ طبقاً له إلى ( 7.9) مليون تلميذ بنهاية عام 2035م ويمثل نصف البديل الأول تقريباً. وحول عدد المعلمين في التعليم الأساسي قدرت الدراسة أنهم حالياً يبلغون ما يقارب ( 141) ألف مدرس ومدرسة في كافة مدارس التعليم الأساسي الحكومي والأهلي وهو ما يمثل (83.6 %) من القوى العاملة في التعليم وتبلغ نسبة التلاميذ إلى المعلم 35.4 تلميذ ولفتت الدراسة إلى انه نتيجة لتزايد أعداد التلاميذ في هذه المرحلة ستتضاعف أعداد المعلمين للمحافظة على نفس المستوى التعليمي ليصل عدد المدرسين إلى (565) ألف مدرس ومدرسة بنهاية عام 2035م وفقاً للبديل الأول المتعلق بثبات الخصوبة ووفقاً للبديل الثاني فإن عدد المدرسين سيصل إلى ( 384) ألف مدرس ومدرسة والى ما يقارب (295) ألف مدرس ومدرسة طبقاً للبديل الثالث وهذا سيشكل ضغطاً على الدولة مما يزيد من حجم الإنفاق ( الجاري الاستثماري) لمواجهة الأعداد المتزايدة من الطلاب. [c1]حجم الإنفاق [/c]وأكدت الدراسة أهمية مستويات الإنفاق العام للمحصلات التعليمية وضرورتها لانجاز النتائج المرجوة من الالتحاق بالتعليم الأساسي لتحقيق أهداف التنمية الألفية حيث سيكلف إنشاء الفصول الجديدة لمواجهة الأعداد المتدفقة في الصفوف الأولى من التعليم الأساسي بشكل تراكمي إلى ما يزيد على ( 10.03) مليار وفقاً للبديل الأول ثبات الخصوبة (6) مواليد أحياء للمرأة لاستيعاب التلاميذ الجدد مع نهاية عام 2035م كما ستصل التكلفة إلى (4.8) مليار دولار طبقاً للبديل المتوسط للأمم المتحدة وستصل التكلفة إلى (4.01) مليار وفقاً للبديل الثالث بنهاية الفترة. وأشارت الدراسة إلى أن تقدير حجم الإنفاق الخاص بالأجور والمرتبات وغيرها من النفقات السنوية الجارية يعتبر أكثر التحديات المالية تثبيطاً للهمم بالنسبة لليمن التي تتميز بتدني معدلات الالتحاق حيث تحتل رواتب المعلمين والموظفين الإداريين أكثر من (80 %) لذلك تعتبر الأجور احد أوجه الاستخدام الأساسية حيث ستبلغ النفقات وفقاً للبديل الأول حوالي ( 1646) مليون دولار وستنخفض إلى (989) مليون دولار في إطار البديل الثاني والى (887) مليون دولار استناداً للبديل الثالث وهذه ستزيد من حجم النفقات الجارية للتعليم الأساسي التي تبلغ حالياً حوالي (410) ملايين دولار سنوياً. [c1]التعليم الثانوي [/c]وبحسب الدراسة تعد المرحلة الثانوية المرحلة الثانية في بنية التعليم العام والحلقة الوسطى بين التعليم الأساسي والتعليم الجامعي كما يعد التعليم الثانوي مرحلة مهمة وحاسمة للمتعلمين في التعليم العام حيث يفترض في هذا النوع من التعليم أن يعد الطلاب والطالبات إعداداً شاملاً ويزودوا بالمعلومات الأساسية والمهارات والاتجاهات التي تنمي شخصياتهم في جوانبها المعرفية والنفسية والاجتماعية والعقلية والبدنية وينظر لهذا التعليم بوصفه قاعدة للدراسة الجامعية وتأهيلاً واستثماراً في رأس المال البشري للحياة العملية ووفقاً للدراسة فإن الإقبال على التعليم الثانوي يشكل ضغطاً شديداً على النظام التربوي في ضوء المتاح من الإمكانيات والتسهيلات المدرسية حيث تظهر التقديرات أن أعداد الطلاب في المرحلة الثانوية سيزداد خلال الفترة 2035-2008م من حوالي (670) ألف طالب وطالبة في عام 2006-2005م إلى حوالي (2.9) مليون طالب وطالبة بحلول عام 2035 وفق البديل الأول أما في إطار البديل الثاني فسينخفض عدد التلاميذ في التعليم الثانوي إلى مليوني طالب وطالبة طبقاً لاقتراحات الأمم المتحدة بحلول عام 2035 وطبقاً للبديل الثالث فأن عدد الطلاب سينخفض إلى (1.7) مليون طالب وطالبة نهاية عام 2035 وهو ضعف أعداد الطلاب الملتحقين في بداية عام 2008م مما سيترتب عليه جهود متواصلة لمواجهة النمو في إعداد الملتحقين بالتعليم الثانوي حيث سيفرض أعباء كبيرة على المجتمع لتوفير الموارد الاستثمارية المطلوبة لرعاية هذه الفئة العمرية ( 17-15سنة). وتؤكد الدراسة أن المدرس هو أساس العملية التعليمية إذا ما تم تدريبه وإعداده وحسن اختياره وصقله بهدف رفع مستواه وإذا تم التغاضي عن ذلك فلن يستطيع أن يقوم بمهمته على أحسن وجه واستناداً إلى التقديرات سيصل عدد المعلمين والعاملين في مدارس التعليم الثانوي العام (150) ألف مدرس ومدرسة وفقاً للبديل الأول في عام 2035 أما وفق البديل الثاني فستنخفض أعداد المدرسين المطلوبين إلى ( 105) آلاف مدرس ومدرسة في نهاية عام 2035 علماً بأن الحاجة من المدرسين للعام الدراسي 2009-2008 بلغ (39.8) ألف مدرس ومدرسة وهذا يتطلب بذل الجهود لتوفير ضعفين ونصف من المدرسين المؤهلين بنهاية عام 2035م ولفتت الدراسة إلى أهمية التعليم الثانوي التي تبرز باهتمام الدولة لتحقيق الفرص للجميع وأن أي قصور فيه ينعكس على معاير كفاءته مسبباً العديد من المشاكل التي تؤثر عليه وتتمثل أولى خطوات الاهتمام في تقدير الأعباء المالية التي يجب توفيرها لمواجهة احتياجاته المستقبلية لذلك تشير التقديرات المالية المرافقة لأعداد الطلاب الملتحقين بالتعليم الثانوي إلى أن إجمالي الإنفاق المقدر خلال الفترة2035-2008م حوالي 1868 مليون دولار لإنشاء الفصول الإضافية الجديدة للمرحلة الثانوية طبقاً للبديل الأول المعتمد على بقاء الخصوبة (6) مواليد وسينخفض حجم الإنفاق بحسب البديل الثاني المتعلق بخفض الخصوبة إلى 3.3 ولادات حية للمرأة إلى (1170) مليون دولار واستناداً إلى البديل الثالث خفض الخصوبة إلى ولادتين للمرأة ستنخفض التكلفة إلى (1100) مليون دولار فقط وبمقارنة كلفة البديل الثالث مع البديل الأول ستنخفض كلفة البديل الثالث عن البديل الأول بحوالي (761) مليون دولار وهذا لن يأتي إلا ببذل الجهود المتواصلة والدعم السياسي لخفض الخصوبة من خلال دعم برامج الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة. ويترافق مع حجم الإنفاق الاستثماري تزايد حجم النفقات الجارية على التعليم الثانوي حيث سيرتفع حجم هذا الإنفاق من ( 102) مليون دولار عام 2008 إلى ( 388) مليون دولار وفقاً للبديل الأول والى (272) مليون دولار طبقاً للبديل الثاني والى (263) مليون دولار بموجب البديل الثالث وبمقارنة الإنفاق الجاري للبديل الأول مع البديل الثالث فإن الفارق يبلغ نحو (125) مليون دولار.