غضون
* مبدأ سيادة القانون من أهم المبادئ التي ترتكز عليها الدولة، أي دولة، وخاصة الدولة المدنية أو دولة القانون، التي يكون الحكم فيها للقانون وليس للأشخاص، وهذا المبدأ يعني أن القوانين التي تصدرها المؤسسة التشريعية يجب أن تطبق على كل فرد معني بهذه القوانين أو يشمله القانون دون تمييز أو محاباة أو تساهل، وبغض النظر عن نوع الفرد ذكراً أو أنثى أو مكانته الاجتماعية أو مهنته.. فلا اعتبار ولا استثناء بسبب هذه الصفات. ومبدأ سيادة القانون يقتضي أن يسري القانون ويطبق على الأشخاص أينما وجدوا وعلى قدم المساواة، وفي ذلك ضمان المساواة والعدالة والاستقرار. والمواطنون يحترمون دولهم على قدر التزامها بتطبيق مبدأ سيادة القانون، بل إن تطبيق هذا المبدأ يحفظ هيبة الدولة، أما إخضاعه للتمييز والاستثناءات لاعتبارات معينة قبلية أو سياسية أو جهوية فإن ذلك يصبح مدخلاً لإضعاف دولة القانون. * يجب أن نكون صرحاء وأن نعترف أن كثيراً من المشاكل التي تواجهها الدولة اليوم هي نتيجة طبيعية لعدم تطبيق مبدأ سيادة القانون، فعلى سبيل المثال ظل شيوخ قبيلة حاشد مستثنين من فعالية القانون، حتى صارت لهم في العاصمة عاصمة خاصة لا تخضع سوى لقوانينهم أو أعرافهم الخاصة، وهاهم يواجهون الدولة بأسلحة يفترض ألا يملكها أحد سوى الدولة، ويسلبون من الدولة مؤسسات ووزارات بدعوى حماية مراكزهم التي هي أصلاً محمية ومحصنة ضد أي تهديد، بل ليست عرضة للتهديد، ولكنهم يتذرعون بذلك لإضفاء مسحة خادعة على تمردهم، فهذا التمرد على الدولة من قبل أولاد الشيخ الأحمر قد تضافرت فيه كل العوامل التي تجعله تمرداً صريحاً بألسنتهم وأسلحتهم وحشودهم وتحديهم لرئيس الدولة ووصفهم له بأشنع الأوصاف.. والعجيب أن الدولة بعد هذا كله تمسك العصا من النصف ، تريد تطبيق القانون ولكن إلى درجة معينة فقط. * والحال أن هذا التمرد لم يكسر هيبة الدولة فحسب فذلك أمر طبيعي ونتيجة متوقعة جراء سلوكها السابق في التغاضي عن مبدأ سيادة القانون والقبول بالاستثناءات لاعتبارات قبلية.. هذا التمرد لم يكسر هيبة الدولة فحسب بل رافقته إهانات لرمز الدولة، وعشرات القتلى والجرحى، وخراب عام للمؤسسات والوزارات التي استولى عليها المتمردون.. وهذه التكاليف يجب أن يتحملها المتمردون، هذا إذا كانت الدولة تحترم نفسها ولديها رغبة في تصحيح أخطائها السابقة.. وتطبيق القانون في هذه القضية فيه الكفاية، فقط دعوا القانون يعمل دون وضع أي اعتبارات موهومة، وما سوف يترتب على تطبيق القانون من مخاطر محتملة لن تكون أخطر وأسوأ مما حدث.