غضون
* أن تتغير.. فهذا يعني أن عليك التخلي عن التصورات التي رسخت لديك في الماضي عن نفسك وعن كل ما هو لك وتنتقل إلى مرحلة جديدة وتفكير مختلف ورؤية مختلفة.. تماماً مثلما نقول إن سلوك فلان تطور والمجتمع الفلاني تطور، أي انتقل من مرحلة إلى مرحلة تالية مختلفة.. كذلك التقدم، فأنت تتقدم وتسير إلى الأمام، أي تتجاوز كل ما وراءك، وتترك الماضي خلفك.. والماضي هو شيء فاتك، مثل الوقت الذي لا يمكنك استعادته، فلا تستطيع مثلاً استعادة ساعة من وقت مضت قبل الآن.* دائماً.. أنا استحضر هذه المفاهيم والأفكار كلما شاهدت الإسلاميين يلعبون في الحياة السياسية دور المطالبين بالتغيير، وفي الوقت ذاته يتبنون فكرة الجمود على الماضي، وأزيد من ذلك العودة إلى الماضي، دون أن يلاحظ كثير من الناس أنهم أمام ممثل ذكي يخدعهم.. هو يخدعهم حقاً وبعضهم لديه قابلية لهذا الخداع، لأنه يخاطب عواطفهم التي تستسلم عادة ودون تبصر لأي خطاب ديني.القوة الكبرى في تيار التغيير والمتحكمة بهذا التيار تتمثل في حزب الإصلاح ورجال دين متزمتين ومتطرفين.. هؤلاء يقولون إن التغيير واجب وإسقاط النظام واجب.. وفي الوقت نفسه يطرحون البديل.. ما هذا البديل؟ بعظمة لسانهم يدعون للخلافة الإسلامية وتعبيد الناس لمنهج السلف الصالح، وقلدكم الله هل هذا تغيير أو تقدم أو تطوير؟.* هذا التزاوج شديد التنافر بين خطاب موجه للجمهور يخاطب عاطفته الدينية وبين منهج فكري وعملي يتم تبنيه وتمهيد السبيل لتطبيقه في الواقع، يكشف بوضوح أن هؤلاء بصدد مشروع خاص بهم.. مشروع سياسي متخلف.الأمر المطمئن أني استمع إلى مواطنين عاديين يتحدثون إلي وإلى وسائل إعلام حديثاً يدل على وعيهم وإدراكهم لهذه اللعبة.. كيف؟ تغيير يقود إلى خلافة إسلامية، هذا تراجع وتخلف وليس تغييراً.. تقول (تغيير) وفي الوقت نفسه تريد أن تعيدني إلى العصور الوسطى.. تغيير وأنت متمسك بفتاوى قديمة تحرم ما أحل الله.. تغيير وأنت تريد أن تحكمنا بأحكام الفرق الناجية والفرقة ولى والفرقة الهالكة والحسبة والإماء والجواري.. تغيير وأنت تسمي حرية الفكر حرية كفر.