* الشباب والمراهقون الذين لديهم مطالب سياسية واقتصادية يناضلون من اجلها نضالاً سلمياً ثم يدخلون فجأة إلى دائرة العنف هم مخرجات هذا المجتمع ومؤسساته التربوية والدينية التي يعد الاستبداد والعنف من أهم سماتها.. أشكال ومظاهر العنف بادية بجلاء في سلوك الشباب المراهقين.. وإلا ماذا نسمي إحراق المقرات الحكومية وقطع الطرقات ونهب المستشفيات والاعتداء على المدارس وتحطيم أعمدة الإنارة.. في عدن لم تسلم حتى محمية الحسوة التي احرق جزء منها.. هذا إلى جانب تبادل العدوان بالرصاص والحجارة والخناجر والهراوات بين الشباب والشرطة التي أفرادها هم أيضاً جزء من هذا المجتمع الذي يضرب العنف جذوره في أعماقه وكل تفاصيله.. التربية داخل الأسرة تقوم على العنف والتهديد، وكذلك في المدرسة والجامعة والشارع العلاقة بين أي طرفين أساسها خطاب العنف، والعنف سمة أصيلة في الخطاب الديني والسياسي.. وهؤلاء الذين يجسدون العنف في سلوكهم اليومي لا يقومون إلا بما تعلموه وتعرضوا له في مختلف مؤسسات المجتمع ابتداء من الأسرة التي اشتق اسمها من الأسر، وانتهاء بأعلى مؤسسة، مروراً بالمدرسة والشارع والقبيلة والمسجد والحزب.* لقد كشفت هذه المحنة أن هذه المؤسسات كلها لم تخرج لنا إلا أجيالاً مشبعة بثقافة العنف والسلوك العدواني، وهذا يعني أن التغيير يجب أن يطالها من شتى النواحي النفسية والتربوية والثقافية والسياسية في المرحلة القادمة، وينبغي على المتخصصين أن يفكروا بذلك من الآن، وكذلك النخب السياسية والفكرية.. هذا إذا كان لدينا من هم مزودون بالقدرة على إحداث ذلك التغيير.ومن جهة أخرى تجسد مظاهر العنف تلك أكذوبة الشعارات التي تكتب ويهتف بها.. سلمية سلمية.. وأن القبائل تمدينت فجأة وتخلت عن السلاح أول ما وصلت إلى ضواحي المدن.. فالسلاح حاضر ويستخدم من الطرفين.. كما أن سفك الدماء يبدو مطلباً بالنسبة للحزب الذي يتحكم أكثر من غيره بساحات الاعتصامات، لكي يستمد منه القدرة على جعل “ثورة الشباب” تستمر وتتصاعد، خاصة بعد أن تبين أن الجلوس داخل الخيام غير مجد ولا فعال، فاستشهاد شاب واحد يعد بنظرهم غنيمة كبيرة لتوظيفها على طريق “إسقاط النظام”.* يوم الثلاثاء الماضي جاء إلى صنعاء شيوخ من سنحان وبني بهلول مع جمع من أفراد قبائلهم للتوسط بين علي محسن والرئيس فجرى لهم ما جرى عند بوابة الفرقة الأولى، ومعظم القتلى والجرحى سقطوا برصاص طلاب جامعة الإيمان ومسلحين بين المعتصمين هبوا للدفاع عن علي محسن والفرقة في مواجهة ما ظنوه جحافل قبلية قد تمثل خطراً على اللواء وفرقته.. والطريف أن هؤلاء المسلحين من ساحة التغيير وأعظمهم من جامعة الإيمان.. هؤلاء الثوار الشباب السلميين هم من برر علي محسن تمرده بهم، فقد قال إن إنزال جنود الفرقة إلى المدن الغرض منه فقط حماية شباب الثورة من الأمن المركزي.. فإذا هم الذين يحمون التمرد أو قل يحتمي بهم المتمردون.لقد هب “الثوار الشباب” للدفاع عن اللواء والفرقة الأولى مدرع التي انزلها علي محسن إلى الشوارع بزعم حماية المعتصمين.. يا لها من مفارقات.. وأحلى من ذلك أن يدعي علي محسن أن القبائل جاءت لتغتاله.. ومن هم: أخوه الأكبر محمد وصهره وخاله وهلم جرا.. قال أيش.. جاؤوا يغتالوني! على مين يا زنقل؟
أخبار متعلقة