ظل المشهد الخليجي بعيدا نوعا ما عما يدر في اليمن خلال الفترة الماضية ، ورغم تسارع الأحداث على الساحة اليمنية ووقوع عشرات الشهداء من رجال الأمن والشباب المطالبين بالتغيير إلا أن الموقف الخليجي ظل غامضا حتى كان الاجتماع الوزاري لدول المجلس الذي انعقد لتدارس الأوضاع في اليمن والبحرين وما نتج عنه من دعوة صريحة للحوار من اجل انتقال سلمي وآمن للسلطة وهو ما دعت إليه القيادة السياسية ممثلة برئيس الجمهورية .الدعوة الخليجية لا تصب في مصلحة الجمهورية اليمنية أرضا وشعبا فقط بل هي تصب أيضا في صالح شعوب الدول الخليجية نظرا لما تمثله اليمن من عمق استراتيجي مهم لكل دول لمجلس ابتداء من الجارتين السعودية وعمان وامتدادا لبقية دول المجلس ، لان أي تدهور امني في اليمن ستصل نيرانه إلى تلك الدول وان لم يكن ذلك بصورة مباشرة ، وليس اقل من أن تصبح دول الخليج عرضة لمخلفات أي صراع في اليمن لا قدر الله .بالمقابل فإن دعم الدول الخليجية للحكومة لم يكن في محله في اغلب الأوقات ولم تستفد منه اغلب فئات الشعب ، فالمواطنون خصوصا من يبحثون عن وظائف كانوا في أمس الحاجة إلى إقامة المشاريع الحيوية التي تستقطب الآلاف من طالبي الوظائف ، وكان يمكن لتلك الدول أن تقيم مدنا صناعية إما في المدن اليمنية الحدودية أو داخل المدن الحدودية لتلك الدول ، وكان ذلك سيضمن أولا توفير الأيدي العاملة الرخيصة وثانيا إقامتها على المناطق الحدودية ستنعش تلك المناطق وستحد من توغل العمالة إلى عمق تلك الدول وهو ما تخشاه ، وبذلك تضمن أن تكون العمالة منظمة ملائمة لها إما داخل الحدود اليمنية أو في المدن الحدودية من الطرف الآخر.الواسطة الخليجية يجب ألا تقف عند الدعوة الى حوار سياسي فقط ، بل ينبغي على تلك الدول أن تمد يد العون للشعب اليمني الرازح تحت الفقر المدقع وينبغي أن تدرك دول الخليج أن مساعدتها لليمن وإنقاذها ما هي إلا مساعدة وإنقاذ لأنفسهم ، فلو حصل في اليمن ما لا تحمد عقباه فإن تلك الدول ستدفع مئات المليارات لدرء الأخطار الناتجة حينها , أفلا يكون من الحكمة والعقل والمنطق أن يسارعوا في الدعم لما فيه مصلحة الطرفين وبدون أي خسائر.على دول الخليج أن تتعامل مع الدولة اليمنية فقط، يرأسها من يرأسها ، وان تقف دائما مع الشرعية الدستورية التي يختارها الشعب ، لأنها بذلك تساعد على بناء الدولة اليمنية الحديثة ، وبغير ذلك فإنها تساعد على إضعاف أي حكومة قادمة والضعف يعني عدم السيطرة وعدم السيطرة يؤدي إلى العديد من الاختلالات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وكلها مشاكل تؤرق دول الخليج، ولهذا ينبغي أن ترتكز أي وساطة خليجية على إخراج اليمن من أزمته السياسية والاقتصادية في أن واحد ، وكما قامت دول المجلس بمساعدة عمان والبحرين بعشرين مليار دولار مع أنهما أفضل حالا من اليمن ، فعليهم أن يقوموا بنفس العمل ولكن بدعم الشعب فقط وليس لاستقطاب الولاءات ، فأمن واستقرار ووحدة اليمن أصبح أمراً مهما لدول الخليج.[c1] باحث دكتوراه بجامعة الجزائر[email protected] [/c]
أخبار متعلقة