لست أنكر مطلقا إعجابي الشديد بالحركة الاحتجاجية السلمية للشباب الداعية إلى التغيير والتي انطلقت قبل مايزيد على شهرين في أكثر من محافظة يمنية، كونها أظهرت جانبا كان مخفيا عن الكثيرين، وحتى عن أولئك الشباب الذين بدأوا باعتصاماتهم السلمية، يتمثل في رفضهم للظلم الواقع عليهم الناجم عن تراكمات من السياسات الخاطئة التي تدار بها البلد والتي لم ترتق مطلقا لتلبية احتياجات وطموحات الشباب وفي ذات الوقت فان تلك الاعتصامات برهنت لأولئك الذين يتصدرون المشهد السياسي اليمني أكانوا من السلطة أم المعارضة ان الشباب اليمني يمتلك وعيا كبيرا بقضاياه ويعرف تماما ما له وما عليه وأنهم ليسوا اقل من شباب بعض الدول العربية التي سبقتهم في الإعتصامات السلمية وأسقطت أنظمتها الحاكمة .الحركة الاحتجاجية للشباب كانت سلمية ورفضوا الخضوع لكافة الضغوط والإغراءات التي استخدمت لفض اعتصاماتهم فكنا نرى أنهم كلما تعرضوا لضغط من قبل جهة ما تارة، وإغراء تارة أخرى، يزدادون إصرارا وعزيمة على التمسك بحركتهم الاحتجاجية ،وفي اعتقادي ان ذلك كان من أهم الأسباب التي دفعت الكثيرين للانضمام إليهم.. وكعادة الشباب المشتعل حماسا كانوا يبتهجون بكل من يأتي إلى أماكن اعتصاماتهم ليعلن تأييده لهم وانضمامه إلى حركتهم الاحتجاجية السلمية ويدعونه ليعلن عن ذلك من على منصتهم وكانت فرحة أولئك الشباب تتعاظم كلما انضم إليهم مسؤول ما أكان من السلطة أم المعارضة لشعورهم ان مسببات حركتهم الاحتجاجية كانت على حق ولكن يبدو انه بمرور الوقت وبغفلة من الشباب بدأ البساط ينسحب من تحت أقدامهم فأصبحت المنصة منابر لأحزاب المعارضة أو المنشقين عن النظام الحاكم وسمحوا لأنفسهم بالحديث باسم الشباب فنجد انه كلما قدم النظام مبادرات أو تنازلات لحل الأزمة وفض تلك الاعتصامات التي أصبحت أعداد المنضوين تحت لوائها تصل إلى عشرات الآلاف نجد ان المعارضة ترفضها بصوت عال لتسمع من في الداخل والخارج رفضهم لها ولست ادري ما إذا كانوا برفضهم لتلك المبادرات مفوضين من قبل الشباب أم أنهم بادروا إلى ذلك بأنفسهم باعتبار أنهم أكثر خبرة ودراية بالشأن السياسي وكأنهم هم من أقام تلك الاعتصامات أو دعا إليها وليس الشباب .ان المتمعن في المشهد السياسي اليمني يجد انه منقسم بين ثلاث فئات : أولها الشباب الذين كانوا مشعلي الحركة الاحتجاجية السلمية والذين كانت لهم مطالب مشروعة تجاهلت الحكومة التعاطي معها منذ عقود، ولأجل حركتهم الاحتجاجية السلمية تلك سالت دماء عدد كبير منهم وأزهقت أرواح بريئة ، فيما الفئة الثانية هي السلطة التي استشرى فيها الفساد وعجزت خططها الخمسية المتلاحقة عن تحسين مستوى عامة الشعب وحرمت الشباب من الحلم بمستقبل أفضل وتسعى الآن جاهدة لتقديم حلول معالجات في الوقت الضائع بعد ان فقد الشعب ثقته فيها ، أما الفئة الثالثة فهي المعارضة التي تسعى منذ سنوات للوصول إلى سدة الحكم وسعت إلى الاستفادة من الحركة السلمية وسرقة الأضواء من الشباب .استنادا إلى ما سبق نجد ان حركة التغيير السلمية لم تعد شبابية بل أصبحت حزبية وقبلية وملاذا لكل طامع في السلطة، ما يعني ان الحركة الاحتجاجية للشباب باتت في خطر فإما ان يهبوا للدفاع عنها بجعلها شبابية محضة تكون الكلمة الأولى والأخيرة لهم فيها ويختارون من يمثلهم من الشباب للتفاوض مع السلطة وفق مطالبهم التي من اجلها قامت حركتهم وإكراما لأرواح شهدائهم، وإما ان يعلنوا تنصلهم من هذه الحركة ليقطعوا الطريق على من يتاجر بقضاياهم.ختاما لايختلف اثنان في ان كلمة الفساد صارت رديفا للنظام الحاكم وبالتالي فإن كنا نسعى لاسقاط النظام او للقضاء على الفساد المتسبب الرئيسي في الأوضاع المتردية التي وصلنا اليها فعلينا ان نكون حريصين على ألاَ يتسلم زمام الأمور فاسدون آخرون ونكون بذلك استبدلنا وجه فاسد بآخر وتذهب الحركة الاحتجاجية الشبابية هباء.
أخبار متعلقة