أضواء
الذين زعموا أنهم من المحتسبين، وأزعجوا النساء وزوار معرض الكتاب الدولي بالرياض والمسؤولين الزائرين بطريقة مغالية ومتطرفة لدرجة استفزاز الغضب وإثارة البلبلة كان أكثرهم من المراهقين والشباب مع الأسف الشديد؛ وهو أمر لا يبشر بخير أبدا؛ بل إشارة إلى انتظار مزيد من قوائم المطلوبين أمنيا في المستقبل القريب ممن قد يتأثرون بالتفكير الإرهابي الإجرامي؛ لماذا أقول هذا الكلام؟! لأني أستغرب وغيري كذلك؛ أن يمارس هؤلاء الشباب الحسبة بغلو وتنطع في ظلّ وجود جهاز عينته الدولة ليقوم بمهمة الحسبة وكان متواجدا في معرض الكتاب ممثلا في منسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فتواجد هؤلاء المحتسبين من الشباب المتحمس يعني أنهم لا يعترفون بجهاز الهيئة ولا بمهمته الدينية التي أوكلتها له الدولة!! بمعنى أوضح أنهم لا يعترفون بشرعية هذا الجهاز! وهذا ينقلنا إلى منطقة أخرى من التفكير الخطر لقراءة ما حدث في معرض الكتاب؛ يتمثل في أن الفكر المتطرف الذي يعتبر مرتعا خصبا لتوليد الإرهابيين أمنيا ضد الدولة وقادتها لا يزال موجوداً وأن محاضن التكفير والتفسيق والفتاوى الدموية ما يزال لها مريدوها من المراهقين والشباب؛ فاستغلال حماسة هؤلاء الشباب اليوم ليطبقوا الشريعة بأيديهم في معرض الرياض كما فهموها بغلو يعني أنه سيتم استغلالهم غدا في التفجير والإرهاب!!ولكن مما لاحظته أيضا أن بعض هؤلاء المتحمسين من الشباب يعيش صراعا بين الفطرة السوية التي خلقوا عليها ودعاهم إليها الإسلام وبين الغلو والتنطع الذي تمّ شحنهم به لاستغلالهم من قبل مشايخ التفسيق كي يتباهوا بقوة تأثيرهم حين يجرونهم خلفهم كحاشية أمام الملأ! وما دعاني إلى هذا التفاؤل أن بعضهم إلا ما تغلبهم الفطرة السوية خاصة حين يكون مع المرأة التي يجدها عورة وفتنة وناقصة عقل؛ فيتنازل عن كل ذلك ليحاورها؛ وهو ما حصل معي شخصيا غير مرة حين استوقفني بعض المتدينين خلال تجوالي بالمعرض؛ ففي إحدى المرات استوقفني رجل طويل اللحية وبمظهر متدين جدا ووجه متبسم مريح عرف هويتي، وفاجأني بأن سلم عليَّ برقي دون أي استنكار؛ وأخبرني أنه متابع لمقالاتي ومعجب بأفكاري ويشد على يدي وإن اختلف مع بعضها، ثم ودعني بالدعاء لي بالتوفيق، بعد أن أوصاني بتناول بعض الأفكار للكتابة عنها؛ وأيضا ثلاثة آخرين من المتحمسين للحسبة استوقفوني سائلين «أنت حليمة الكاتبة بالوطن» ابتسمت بالإيجاب؛ وبكل أدب بدأ أحدهم يناصحني ويطالبني بأن أتقي الله في النساء والخوف من عذاب القبر، واستمعت له باهتمام وناقشته أمام زملائه، لأنتهي معه بأننا ننطلق من دائرة واحدة؛ واختلاف وجهات النظر تتبع للاختلاف الفقهي وأن ذلك لا يفسد للحوار قضية؛ ثم ودعني بعد أن شكرته على تبسمه وابتعاده عن العبوس الذي بات سمة المتحمسين ضد المرأة!! هكذا فإن ما حصل من هؤلاء وإن كانوا قلة يثبت أن مرحلة الحماسة الدينية للتنطع والغلو ستنتهي إذ اعتنينا بمبدأ الحوار والتنوير؛ ولكن أخشى أن يتم استغلالها من مشايخ التفسيق والتكفير قبل أن تنتهي ويحولوا هؤلاء المراهقين لأحزمة ناسفة تهدد أمننا.[c1]عن صحيفة (الوطن) السعودية [/c]