أضواء
يشهد العالم العربي حراكاً سياسياً واجتماعياً نحو تأصيل الديمقراطية والمشاركة السياسية والمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية لأغلبية السكان... فما تشهده بعض البلاد العربية اليوم من مظاهرات وتحولات جذرية، أدت إلى تغيير طبيعة النظام في تونس، بينما نلاحظ استمرار المظاهرات والمطالبات في كل من مصر والجزائر والأردن واليمن... وكلها تطالب بإرساء الديمقراطية الحقيقية، والتوزيع العادل، للدخل والانفتاح السياسي، وإطلاق الحريات، وتحقيق التنمية والرخاء الاقتصادي.وتترافق مع هذه التحركات، تحركات مشبوهة تقودها الأصولية الإسلامية بشن هجمات إرهابية انتحارية ضد الشيعة في العراق، وتحديداً في النجف وكربلاء، حيث يتدفق الشيعة لزيارة الأماكن المقدسة في ذكرى «الأربعين» لاستشهاد الحسين. وترافق الهجوم على الشيعة هجمات أخرى ضد كنائس المسيحيين في العراق ومصر. وآخر العمليات الإرهابية حدثت في مطار رئيسي في موسكو راح ضحيته 35 قتيلاً وأكثر من مئة جريح. هذه العمليات الإرهابية التي كان ضحاياها بالعشرات من الناس الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى سعيهم لزيارة الأماكن المقدسة في العراق أو العبادة في الكنيسة في العراق ومصر، أو أنهم كانوا يريدون السفر لأهاليهم في موسكو. والسؤال: أين يتجه العالم العربي اليوم؟ وهل مساره القادم سيكون في اتجاه تحقيق الدولة الديمقراطية المدنية التي تحقق مبادئ العدالة والمساواة واحترام القانون وحقوق الإنسان، أم من المتوقع أن يتم استغلال الفراغ السياسي فتقفز الجماعات الأصولية على السلطة لتحقيق الدولة الإسلامية التي تحلم بتحقيقها؟لا أحد يعلم أين يتجه العالم العربي، خصوصاً بعد سقوط الحكومة اللبنانية بقيادة الحريري، ومحاولة تشكيل حكومة جديدة في لبنان بقيادة ميقاتي وبدعم من «حزب الله» وحلفائه.ما يجعلنا نتفاءل بأن الديمقراطية ستسود العالم العربي وستأخذه نحو الأفضل، هو أن من يحرك الشارع العربي المطالب بالمشاركة السياسية وتطبيق الديمقراطية الحقيقية، هم شباب تقل أعمارهم عن الثلاثين عاماً، وهم اليوم يشكلون الأغلبية السكانية في الوطن العربي... هؤلاء الشباب متأثرون بالثورة المعلوماتية وبالثورة الديمقراطية التي تسود عالمنا المعاصر، وهم يلقون دعماً قوياً من الإدارة الأميركية، حيث ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن أوباما وكبار المسؤولين يدعمون المحتجين، وقد تحدثوا بشكل يومي داعين إلى حرية التعبير والتجمع، حتى عندما اندلعت الاحتجاجات في مصر وهي أحد حلفاء أميركا منذ وقت طويل. وتركيز الرئيس الأميركي على حرية الإنترنت وعلى البرامج التي تمولها أميركا لتشجيع حكم القانون، هي من بين الإجراءات التي تعتمدها هذه الإدارة لإحداث التغيير. وأشارت الصحيفة إلى أن التظاهرات في تونس ومصر لم تتضمن حتى الآن على الأقل لهجة مضادة لأميركا، كما أنها لم تحمل طابع الإسلام السياسي.التحولات العالمية نحو الانفتاح الاقتصادي وانتشار نظم المعلومات والفضاء العالمي المفتوح لا تسمح للدول العربية بالعودة إلى الانغلاق على الذات ومنع انتشار المفاهيم الحديثة في بلدانها، فالشباب العربي اليوم يقود المظاهرات ويتطلع إلى آفاق جديدة من الانفتاح السياسي والاقتصادي، وإلى الاستقرار في دولة توفر له الوظيفة وتضمن له حرية التفكير والتحرك. هذا الشباب المخلص مطلوب من الدول العربية الاهتمام به، وتحقيق كل متطلباته حتى لا ينزلق في متاهات الأصولية الإسلامية المعادية للسلام العالمي واحترام إنسانية الإنسان.[c1]جريدة «الاتحاد» الإماراتية