أصحاب نوبل
محمد عبد السلام (1926 - 1996 ) عالم فيزياء باكستاني، حاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1976 لعمله في مجال نظرية القوة الكهربائية الضعيفة بالمشاركة مع ستيفن واينبرك وشلدون كلاشو. ولد عبد السلام في قرية جهانج بمقاطعة لاهور بالبنجاب التي كانت في ذلك الوقت جزءا من الهند، التحق في سن الرابعة عشرة بالجامعة الحكومية في “لاهور” حيث ظهر نبوغه المبكر في الرياضيات محطما كل الأرقام القياسية في امتحانات القبول، وحاصدا جوائز التفوق في جميع مراحل التعليم، تخرج في الجامعة عام 1944، وحصل فيها على درجة الماجستير في الرياضيات بالبنجاب بعد سنتين في عام 1946 . حصل عبد السلام على منحة إلى جامعة كمبريدج بإنجلترا، وفي كلية “سانت جون” لفت عبد السلام الأنظار إليه حينما حصل في سنتين على دبلومين في الرياضة المتقدمة والفيزياء ، وحصل على المركز الأول. بعدها سافر إلى الولايات المتحدة والتحق بمعهد الدراسات المتقدمة في إرنستون في نيو جيرسي في صحبه ماثويث ، وهناك في 1951م تم انتخابه زميلا للأبحاث العلمية في كلية سانت جون. ومن هنا بدأ يلمع نجمه دوليا ، وأخذت أبحاثه تحتل مكانا بين أبحاث العلماء المتميزين .كان عبد السلام يخطط دائماً للعودة إلى وطنه (باكستان) والتي استقلت عن الهند في عام 1948 لينقل ما حمله من علم ويضعه في خدمة شعبه وحكومته ، فعاد في عام 1952 بعد حصوله على درجة الدكتوراه ، وعين هناك رئيسا لقسم الرياضيات بجامعة البنجاب في لاهور. مرت السنوات عصيبة على عكس ما كان يتوقع ، واكتشف صعوبة الاستمرار في أبحاثه لقلة الإمكانات الموجودة ،لذلك قبل دعوة أخرى من جامعة كمبريدج عام 1954 وعاد كأستاذ جامعي في الرياضيات وزميلا لكلية سانت جون . عمل محمد عبد السلام على تطوير نظرية لتوحيد القوى النووية الضعيفة والكهرومغناطيسية ، بل وجزم بإمكانية توحيد القوى النووية القوية مع القوى الثلاث الأخرى . واهتم أيضا بالنظرية الكمية ، التي تصف سلوك المادة بجسيماتها الأولية والطاقة في الكون . وقام بدراسات عديدة على الجسيمات الأولية مثل الإلكترون (ذي الشحنة السالبة) والبروتون (ذي الشحنة الموجبة ) والنيوترون ( المتعادل) والتي تتواجد في الذرة. واهتم بجزيء ( نيوترنيو) الذي لم يسجل له العلماء شحنة أو كتلة ( أو ربما تكون ضعيفة جدا ) وثبت تأثره بالقوى النووية الضعيفة التي تستطيع التغيير من شكلها . فكان عبد السلام أول من وصل إلى أن هذا الجزيء يدور في اتجاه عكس عقارب الساعة ، ما أوضح نقاطا كانت غائبة في فهم نظرية القوى النووية الضعيفة وتأثيراتها . وكان يرى أن ديراك أعظم علماء القرن حيث قام بتطوير علم ميكانيكا الكم النسبية ليصف به حركة الجسيمات الدقيقة ذات السرعات العالية. وتوصل إلى معادلة سميت باسمه ، وعند تطبيقها على جسيم الإلكترون تنبأ بوجود جسيم آخر له نفس كتلة الإلكترون، ولكن ذو شحنة موجبة وهو البوزتيرون الذي اكتشفه كارل أندرسون بعد ذلك في عام 1932. عاش عبد السلام حياته مشغولا بالعوائق التي تقف أمام تقدم العالم الثالث في العلم والتعليم ، وكان يرى أن الفجوة الكبيرة بين الدول الصناعية الكبرى والنامية لن تضيق إلا إذا استطاعت الدول النامية أن تحكم نفسها في مستقبلها العلمي والتكنولوجي ، وأن ذلك لن يتحقق من خلال استيراد التكنولوجيا من الخارج، بل من خلال تدريب نخبة من العلماء المتميزين والزج بهم في مجالات العلم المختلفة، وقد سجل رؤيته عن الحاجة الملحة للعلوم والتكنولوجيا في العالم الثالث في كتابة “المثاليات والحقائق “. ولم يتأخر في مد يد العون للشباب العلماء من العالم الثالث ، وصرف جزءا من أمواله لمساعدتهم. وقد كان إنشاؤه للمركز الدولي للفيزياء النظرية في ترييستا بإيطاليا في عام 1964 انعكاسا لفكره ومبدئه ، حيث كان هدف المركز الأول هو إيجاد مكان للفيزيائيين الشبان من العالم الثالث ، لاستكمال أبحاثهم ، وقد استمر مديره حتى عام 1994 حيث كان منارة للعمل الدؤوب والطموح العالي . بعد صراع طويل مع المرض توفي في 21 نوفمبر 1996 في اكسفورد، بالمملكة المتحدة ، وقد دفن في قريته التي ولد فيها وهي قرية جهانك مسقط رأسه بمقاطعة لاهور.