د. أحمد المقرمي استشاري طب الأطفال ل 14 اكتوبر :
لقاء/ وهيبة العريقيالمكورات الرئوية شديدة الوطأة واسعة الخطورة ليس على الجهاز التنفسي والرئتين فحسب ، بل إنها تطال مواضع من الجسم حساسة للغاية كسحايا الدماغ مؤديةً إلى تضرر أجزاء من الدماغ على نحوٍ يفضي إلى إعاقة دائمة أو إلى الوفاة .جراثيمها المتعددة الأنماط القادرة على التكيف في أسوأ الظروف وانتشارها الواسع وحدة الالتهابات التي تسببها جعلها تنال عن استحقاق صدارة الأمراض التنفسية المسببة بالوفاة، وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية تعد مسؤولة ًعن وفاة ما يزيد على(1,6) مليون شخص، نصفهم (بما يعادل نحو 800ألف) ينتمون إلى الفئة العمرية دون سن الخامسة.و يحسب لليمن دونا عن باقي بلدان الشرق الأوسط ، أنه كان لها السبق في الحصول على اللقاح المضاد للمكورات الرئوية بدعم من حلف اللقاح العالمي ، وبانضمام اللقاح إلى ركب التحصين الروتيني للأطفال دون العام تعلق الكثير من الآمال والتطلعات بالوصول إلى ما حققته الدول المتقدمة التي أدخلته ونجحت من خلاله في خفض حالات المرض والوفاة الناجمة عن الالتهابات الجرثومية بالمكورات إلى حدٍ كبير.وفي اللقاء الذي جمعنا بالدكتور/ أحمد شمسان المقرمي - استشاري طب الأطفال، أوضح أهمية وفوائد هذا اللقاح مع تفاصيل حول الالتهابات الحادة للمكورات الرئوية الواسعة، فكونوا معنا:[c1]الأمراض الأكثر فتكاً[/c]- بداية لا تزال نسبة وفيات الأطفال في اليمن مرتفعة نسبياً مقارنة بالبلدان المجاورة .. ماأسباب ذلك ؟ وأي الأمراض أكثر فتكاً بالأطفال ؟- أكثر الأمراض فتكاً بحياة الأطفال دون سن الخامسة أمراض الجهاز التنفسي بأنواعها المختلفة التي تشكل المكورات الرئوية جزءا منها، تليها الأمراض المسببة للإسهال.. هذا على مستوى اليمن والكثير من البلدان النامية، وهذه الصدارة للأمراض التنفسية والأمراض المسببة للإسهال جعلتمها في طليعة الاهتمامات أو ضمن أبرز أولويات وزارة الصحة العامة والسكان لما تشكله من خطورة كبيرة على صحة وحياة الأطفال، وبعدها مرتبة تأتي أمراض سوء التغذية الشديدة والملاريا.حيث تشكل أمراض الجهاز التنفسي التي من بينها المكورات الرئوية والإسهال والملاريا وسوء التغذية ما مجموعه (85 %) من الحالات المرضية للأطفال دون سن الخامسة.[c1]المكورات الرئوية[/c]- المكورات الرئوية لا يبدو أسمها مألوفا للناس .. فما حقيقتها وخصائصها المرضية ؟- المكورات الرئوية لفظ يطلق على أنماط مصلية (فصائل) لجراثيم(بكتيريا) متعددة من أصل واحد وتنتشر على نطاق واسع ملحقة ضررا كبيرا بالأطفال، فتارة تسبب لهم التهاباً بالحلق أو البلعوم وتارة تسبب لهم التهاباً في الأذن الوسطى، وكلما كان الطفل أصغر سناً كان المرض أكثر ضراوة من جرائها. ويصل بها الحال خصوصاً في ظروف تقلبات حرارة الأجواء أو تقلبات البرد لاسيما في فصل الشتاء إلى درجة أنه لا يكاد يمر شهر وربما أسبوع إلا وعاودت تلك الأمراض الظهور عند بعض الأطفال مجدداً.تكمن المشكلة في أن مابين (5-15 %) من الناس تتواجد لديهم هذه الجراثيم (البكتيريا) في الأنف والبلعوم والحلق بشكلٍ طبيعي دون تسببها بمشكلة، أي أنها في حالة خمول ولا تكون ممرضة، لكن من توجد لديهم بهذه الصورة يظلون مصدراً للعدوى ..وبالتالي أثناء السعال أو العطاس دون استخدام مناديل ينطلق الرذاذ الملوث بجراثيم المكورات في الهواء فيستنشقه الآخرون ، وكذا لدى تقبيل الطفل في الفم وخاصةً إذا كان عمره أقل من سنتين وبشكلٍ أسوأ بكثير إذا لم يكن يتجاوز ستة أشهرٍ من العمر، وذلك بسبب ضعف مناعة الطفل في المرحلة المبكرة من عمره، فيسهل كثيراً إذا انتقلت إليه العدوى بتلك الصورة أن يصاب بالتهاباتٍ حادة بجراثيم المكورات الرئوية الانتهازية التي تشكل خطورة أكبر على الأطفال الصغار الذين يعانون من سوء التغذية بمن فيهم المحرومون من الرضاعة الطبيعية الخالصة والذين يتم فطامهم باكراً قبل الأوان .إلى جانب من يعانون نقصاً في المناعة- عموماً- كمرضى الإيدز والمرضى بتكسر الدم الوراثي (فقر الدم المنجلي) الذي يشيع كثيراً في اليمن.ومن دون شك أن الأطفال دون الخامسة من العمر - عموماً- معرضون للإصابة، ولكن بشكلٍ أقل نسبياً، وأخوف ما يكون على الأطفال- بسبب المكورات الرئوية- إصابتهم بالتهاب رئوي حاد أو بحمى شوكية أو بالتهاب السحايا(الغشاء المحيط بالدماغ والمخيخ) المؤدي إلى العجز والإعاقة الدائمة كالشلل الحركي أو العمى أو الصمم مدى الحياة أو فقدان الذاكرة، وهذا يشمل نسبة تتراوح مابين (15-20%) من الأطفال المصابين .كما أن التهاب السحايا بجراثيم المكورات يعد مسؤولاً عن وفاة مابين (10-45 %) من الأطفال دون الخامسة من العمر، وبدرجة يمكن أن تتجاوز(65 %) بالنسبة للأطفال دون الستة أشهر من العمر.وفي كل موضع بالجسم تصل إليه جراثيم المكورات فإنها تلحق أضراراً فادحة تتسبب بمضاعفات قاتلة كتسمم الدم الجرثومي الذي يمكن أن يصاب به الذين هم أقل مناعة - كالذين ذكرتهم سابقاً- إلى جانب الذين يعانون أمراضاً قلبية أو كلوية مزمنة أو أو من نقلت لهم أعضاء أو أزالوا الطحال. كذلك معظم من يعانون أمراضاً وراثية.[c1]الكبار معرضون للإصابة [/c]- أتقصد بكلامك أن مرض المكورات لا يصيب الأطفال فقط وإنما يشمل كذلك المرضى الكبار الذين تقل مناعتهم؟- هذا صحيح، لكن أكثر الناس إصابة هم الأطفال دون سن الخامسة، يليهم الكبار من (65) عاماً فما فوق ؛ بينما الإصابة أقل لدى من يعانون أمراضاً مزمنة بأي ٍمن الأمراض التي ذكرتها سابقاً.[c1]الأعراض وملامحها[/c]- أعراض الإصابة بالمكورات من أين تبدأ ؟ وأين تنتهي؟ - خلال الأسبوع الأول تقريباً منذ تلقي العدوى يكون ظهور أعراض الإصابة، ويمكن ظهورها بأي ٍشكل من الأشكال على هيئة التهاب في الجيوب الأنفية أو الحلق، أو على هيئة التهاب رئوي، أي وارد ظهور الأعراض في مواضع أخرى بالجسم، بينما عند نسبة من الناس تتكيف لديهم جراثيم المكورات بشكلٍ طبيعي دون إحداثها لأي مرض، ويبقون في حال تدنت أو ضعفت مناعتهم لأي سبب من الأسباب عرضة للالتهابات، فالظروف تكون بذلك مواتية لانتقالها إلى مواضع حساسة بالجسم وكذا لنشاطها وتكاثرها. - بعض الناس يشكو أحياناً من تيبس في الحلق أو ينتابه سعال وشعور بالصداع أو قد يشكو ألماً في الأذن.. أليس هذه من جملة أعراض الإصابة بالتهابات المكورات الرئوية ؟- هي ضمن الأعراض، لكن أمراضاً كثيرة تسبب الأعراض ذاتها، بمعنى أكثر وضوحاً هذه الأعراض عامة تعتري- أيضاً- المصابين بأمراض تنفسية أخرى وليس فقط المصابون بأمراض المكورات.[c1]البيئة الملائمة[/c]- الإصابة ببكتيريا المكورات.. هل تقترن بموسم معين.. عندما تنخفض درجة الحرارة أو تتقلب الأجواء مثلاً؟ وأي البيئات هي الأكثر ملائمة لها؟ - فصل الشتاء يعد الأنسب، وظهور الإصابة بالتهابات المكورات الرئوية- عادة- تكون أكبر في ظروف الازدحام ونقص التعرض لأشعة الشمس القاتلة للجراثيم ولدى تردي التهوية وضعف تجدد الهواء النقي الداخل إلى المنازل والغرف ، أو نتيجة تلوثه بالملوثات البيئية. واليمن - بطبيعية الحال- تذوب فيها الفصول وتشهد تقلبات درجة الحرارة، في حين أن كثيراً من مناطقها ومحافظاتها ليست باردة كالسهلية والساحلية والصحراوية ؛ وبالمقابل ترتفع فيها درجة الحرارة صيفاً.لذلك فإن أمراض المكورات في اليمن - عموماً- لا يقترن ظهورها بفصل معين حتى نلتزم بمحاذير معينة تقي من هذه الأمراض خلال أشهر معينة، وإنما يكاد وجودها ونشاطها لا ينقطعان طوال العام.[c1]لقاح المكورات[/c]- لقاح المكورات الرئوية يقتصر على الوقاية من (13) نمطاً مصلياً، أي لا يؤمن وقاية من جميع التهابات المكورات الرئوية الكثيرة الأنماط .. فلماذا لا يتم إنتاج لقاح يقي منها جميعاً وليس لعددٍ معين؟ - اللقاحات التي تم التوصل إليها بدأت منذ فترة ليست ببعيدة، لكن هذا اللقاح الذي أدخل إلى جانب جرعات التحصين الروتيني ليعطى للأطفال دون العام فيه من الكفاية للوقاية من المكورات الرئوية وما تسببه من التهابات جرثومية حادة بنسبة (75-85 %).فالمكورات الرئوية- في حقيقة الأمر- نوع من أنواع المكورات السبحية،