غضون
- يعجبك (المشترك) و (المؤتمر).. ينظم أحدهما مسيرة في العاصمة يقول في اليوم السابق إنها (مليونية) وقبل أن تسير يقول (مئات الآلاف) وعند تحرير الخبر في ذروة نشوة القات يحدد الرقم ( بأكثر من 300 ألف ) ويفعل الثاني الشيء نفسه مع زيادة عدد أنصاره إلى 800 ألف، هذا في يوم واحد. في حين أن عدد سكان العاصمة لا يزيد على مليوني نسمة، والمكانين اللذين كانا تجمعاً لمسيرة هذا ومسيرة الثاني لا يتسعان لأكثر من عشرة آلاف متظاهر، ولو افترضنا أن كل متظاهر حمل على كتفيه متظاهراً سيصل العدد إلى عشرين ألفاً.. وعلى أي حال الإحصاء الدقيق هو أكذوبة حتى لو قام به متخصصون فما بالك بمن لا يحسنون الحساب ولم يقوموا بالعد أو الإحصاء.. لكن هذا هو (شغل) الذين لا يحسبون حساباً للطيش الذي يقدمون عليه بإرادتهم.. فهذه (الزنقلة) أو (المناجمة) السخيفة التي يتبادلونها أو يتبارون بها في الشوارع تنطوي على مخاطر بالنسبة للبلد ووحدة المجتمع واستقراره.. ولا ينبغي خداع النفس وخداع الناس بعبارات مطمئنة مثل قولهم إن المسيرة أو المهرجان كان حضارياً وانتهى دون حوادث وإنه لم يحدث احتكاك بين حشود (المشترك) وحشود (المؤتمر) وأن الشرطة كانت بعيدة أو محايدة أو.. وغير ذلك من هذه العبارات. - لو سلمت (الجرة) هذه المرة لن تسلم في المرار التالية.. فما يقوم به الطرفان هو مباراة واضحة بين خصمين، ولاحظوا الشعارات التي يرفعها ويهتف بها (المشترك) في مسيراته ومهرجاناته فجميعها تتضمن عنفاً لفظياً ومعنوياً مثل: ارحلوا.. إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يرحل المؤتمر.. وغير ذلك مما هو أشنع في الدعوة إلى التحريض ضد الآخر والرغبة في إقصائه من الوجود الوطني.. وهذا العنف اللفظي أو المعنوي لن يبقى محبوساً في اللافتات وفي سماء المسيرات والمهرجانات طويلاً، وسيأتي يوم يتحول فيه إلى عنف مادي قاس يمارسه أنصار المشترك على الأرض، بل إن المستهدف بذلك العنف (وهو المؤتمر وأنصاره وأعضاؤه) قد يلجأ إلى الدفاع عن نفسه بذات الطريقة.. و (باتختبط ) الدنيا. - ثم من قال إن هذه المباريات خالية أو قد خلت من العنف حتى الآن ، ففي حضرموت وشبوة نظم ( الحراك ) مهرجانات متزامنة مع مهرجانات أحزاب المشترك، وتواجه الطرفان في معارك دامية، وقيل إن ما حدث أمس في الضالع كان بين أنصار المشترك وأنصار المؤتمر رغم أن هذا الأخير نفى اشتراكه في المعركة، وكذلك حدث في ذمار.. وهذه مجرد ( بروفات ) لمشهد دموي قادم إن لم يوقفه العقلاء بإيقاف هذا النوع من المباريات.. لا نقول إن علينا أن نحظر حق التظاهر والتجمهر.. بل نقول بضرورة تجنب هذا النوع من اللعب السياسي، ونرى أن هذا النوع من اللعب في الملاعب المحفوفة بالخطر لا لزوم له مادام الملعب السياسي الآمن متاحاً.. أعني الحوار وفي ميادين وأماكن الحوار السياسي.. لماذا علينا أن نبدأ من الخيار الأخير وليس الأول؟ لماذا نكلف أنفسنا عناء السير في الصحراء القاحلة أو الصعود والهبوط في الجبال الوعرة ونترك السهول؟