التحصين ضد المكورات الرئوية يعد بالخير
إعداد / زكي الذبحاني:زهاء المليونين من الأطفال دون سن الخامسة في العالم - بحسب التقديرات العالمية- يموتون سنوياً بسبب حرمانهم من التحصين ضد أمراض الطفولة القاتلة، نصفهم تقريباً يلقون حتفهم بسبب مضاعفات الحصبة ، بينما تحصد المكورات الرئوية لوحدها زهاء (800 ألف) طفل دون سن الخامسة سنوياً، وما من واق يمكن الاعتماد عليه في حماية وصون الطفولة من هذه الأمراض أفضل وأجدى من التحصين الروتيني ، فوحده بلقاحاته المتعددة الفعالة قادر على التصدي للأمراض الفتاكة يتيح وقاية منها بالحصول على جرعات كاملة في مواعيدها. حيث تؤمنها جميع المرافق الصحية التي تقدم خدمات التطعيم على الدوام وبالمجان لضمان الوقاية للطفولة من تلك الأمراض .إننا في مركز التثقيف والإعلام الصحي بوزارة الصحة العامة والسكان لا نألوا جهدا في نشر كل ما يتعلق ببرامج التحصين وصحة الأمومة والطفولة في بلادنا وها نحن اليوم ندشن دخول لقاح المكورات الرئوية إلى اليمن للوقوف عند هذا الداء واسع الانتشار، شديد الفتك ومتعدد الأنماط المصلية المسببة لأشكال واسعة من الالتهابات الجرثومية الحادة تندرج تحت مسمى المكورات الرئوية، لآح مؤخراً لقاح فعال مضاد للمكورات ، شرعت وزارة الصحة العامة والسكان في دمجه ضمن جرعات التحصين الروتيني ؛ وبدوره يقي من (13) نمطاً مصلياً أو ما يمكن تسميته بأنواعٍ عديدة من الالتهابات الحادة التي تشكل أبرز الأسباب لوفيات الأطفال دون الخامسة من العمر والمسبب الأول لوفيات الأطفال في اليمن بمعية التهابات التنفسية الأخر بين سائرالأمراض والمسببات بنسبة تصل إلى (20 %) .[c1]عدوى المكورات الرئوية [/c]وفي واقع الأمر تنتقل عدوى جراثيم المكورات من خلال التعرض المباشر لإفرازات الجهاز التنفسي للمرضى مثل رذاذ العطاس والسعال، أو نتيجة استخدام الأدوات والمستلزمات الشخصية للمرضى المعرضة للتلوث مثل المناديل، أو لدى مخالطتهم بشكلٍ مباشر أو عبر تقبيل الأطفال في الفم .فيما يعد التهاب سحايا المخ بالمكورات الرئوية المسؤول عن الوفاة لحوالي(10 - 45 %) من حالات الإصابة بين الأطفال، والأسوأ بكثير بالنسبة للرضع دون الستة أشهر من العمر، كون نسبة فتكه بهم أعلى بكثير ويقدر بنحو(65 %)، وهذا- بطبيعة الحال- على مستوى البلدان النامية، بمعدل (78 %)طفل من كل ألف مولود حي . إذ أنه عقب غزو جراثيم المكورات الرئوية متى خرجت من حالة الخمول الذي يعتريها بسبب تدني المناعة أو ضعفها أساساً - كالحال لدى الأطفال دون سن الخامسة وبالأخص الرضع الأدنى سناً - فإنها تتسبب بحدوث أمراض خطيرة تهدد بالوفاة أبرزها:الالتهاب الرئوي الجرثومي.تسمم الدم الجرثومي.التهاب سحايا المخ.إلى جانب التهابات أخرى حادة وخطيرة مثل:التهاب الغشاء البروتيني/ الصفاق الذي يحيط بالأحشاء الداخلية بالجسم.التهاب العظام والنخاع.التهاب المفاصل.التهاب الشعب الهوائية.التهاب الأذن الوسطى.التهاب الجيوب الأنفية.[c1]الوقاية خير من العلاج [/c]وعلى الطرف الأخر يكمن الحل في التحصين للطفل خلال العام الأول من عمره ضد أمراض الطفولة القاتلة التي تشكل الأساس المتين في درء هذه التهديدات المرضية المروعة. حيث يحصن الطفل بإعطائه لقاحات متنوعة تعد وتهيئ جسمه لمقاومة ميكروبات وجراثيم معينة لها حض وافر في ما ذكرت من فضائع مدمرة لصحة الطفل ومستقبلة.وفي حقيقة الأمر قد تبدو الحقن مؤلمةً قليلاً وربما تسبب احمراراً وورماً وحمى خفيفة، إلا أنها أعراض طبيعية تنتج عن تفاعل الجسم مع اللقاح ولا تلبث حتى تختفي في غضون يوم أو يومين لدى أغلب الحالات، فلا داعي للخوف أو القلق منها نهائياً.وبالتالي يمكن تخفيف الألم والورم والاحمرار الذي تسببه الحقنة- أحياناً- بوضع كمادات مبللة بالماء العادي في موضع الورم، ويتم خفض درجة الحرارة المرتفعة (الحمى) في هذه الحالة باستخدام دواء خافض الحرارة.ومن اللقاحات ما يعطى مرة واحدة كلقاح السل ، ومنها ما ُيعطى ثلاث مرات في آنٍ واحد مثل لقاحات(المكورات الرئوية، الخماسي، الشلل) بفاصل زمني يحدد بشهر بين الجرعة والأخرى ، مع العلم بأن لقاح الحصبة لا ينطبق عليه هذا الترتيب، كونه لا يعطى الطفل إلا بعد بلوغه الشهرالتاسع من العمر معززاًَ بجرعة فيتامين(أ) اللازم لصحة جسم الطفل وتعزيز مناعته من مختلف الأمراض، ثم تعزز لاحقاً بجرعة ثانية من لقاح الحصبة عند بلوغه عاماً ونصف من العمر(18شهراً). وبنسق يواكب مواعيد جرعات التحصين تكمن الحماية والوقاية الأكيدة من أمراض الطفولة التسعة القاتلة، فلابد للطفل من أخذه جرعات التطعيم الأساسية قبل بلوغه العام من العمر، مع استيفاء الجرعة الثانية من اللقاح المضاد للحصبة لدى بلوغه من العمر عاماًونصف عام ولو كان مصاباً بمرض مضعف .ويكون التحصين بلقاحات(المكورات الرؤية + الخماسي +الشلل) في آن واحد، أي في جلسة تطعيم واحدة بدءا من موعدها الأول في الأسبوع السادس بعد الولادة، وما من مشكلة تعرقل مواصلة التحصين لو تأخرت الجرعة الأولى لهذه اللقاحات معاً ولنقل- مثلاً- حتى الشهر السابع، شرط ألا يكون قد حصل الطفل مسبقاً على أي جرعة من لقاح الخماسي المضاد لخمسة أمراض مختلفة وهي(الخناق، السعال الديكي، الكزاز، المستدمية النزلية «ب»، التهاب الكبد البائي) ، وأن يكون قد تلقى الجرعة المضادة للسل التي يشرع في إعطائها للأطفال بعد الولادة .ولو صادف أن تزامن موعد الجرعة الثالثة للمكورات الرئوية مع الجرعة الأولى للحصبة مع نهاية الشهر التاسع أو بداية الشهر العاشر من عمر الطفل، فلا مانع من تلقيه في آنٍ واحد حقنة لقاح الحصبة مع حقنتي الجرعة الثالثة من لقاحي المكورات ولقاح الخماسي إلى جانب لقاح شلل الأطفال الفموي.[c1]إضاءة [/c]وبالتالي ليس يليق بالناس منع أطفالهم من التحصين فهذا من دواعي بقاء التحصين الروتيني دون المستوى المطلوب وينم عن ضعف أو عدم إدراك بعض الآباء والأمهات لأهميته، وبذلك لا يحقق المستوى المطلوب في التغطية المأمولة للأطفال المستهدفين، ما يهيأ ملاذا مناسبا وآمنا لأمراض الطفولة وجراثيمها وميكروباتها الشرسة ويبدد جهوداً وانجازات عظيمة بذلت في التصدي لأمراض الطفولة القاتلة، ما لم يكن هناك استشعار حقيقي من قبل الجميع لمسؤوليتهم تجاه صون أطفالهم بالتطعيم ضد هذه الأمراض الوخيمة، وإلا لن ينال الكثير من المحرومين من التحصين حقهم في الحياة بمأمنٍ من خطرها وبشاعة سطوتها الوحشية.