* يخوض الأخوة في أحزاب اللقاء المشترك معركة لا هوادة فيها ضد وهم اسمه (التأبيد).. وهم أنفسهم الذين اختلقوا هذا الوهم ليبرزوا للمواطنين بوصفهم مناطحين له. تركوا مشروع التعديلات الدستورية الذي يتضمن تعديل عشرات المواد الدستورية المتعلقة بإصلاح النظام السياسي وإيجاد حكم محلي وتحديد (كوتا) نسائية تضمن وجود تمثيل نيابي للمرأة، وتعديلات أخرى مهمة، ووقفوا عند المادة التي اقترحها بعض النواب والتي تخفض فترة الرئاسة من سبع سنوات إلى خمس سنوات مع عدم حصر الدورات الرئاسية في دورتين.. وبدلاً من أن يشاركوا بالنقاش ويقدموا أفكارهم حول مجمل التعديلات وما ينبغي أن يكون، راحوا يتوهمون ما يسمونه «التأبيد» ويتحدثون عن ذلك من على كل منبر، غير مدركين أنهم يضعون أنفسهم في أسخف موقف.. إذ يعرف الجميع إن كلمة «التأبيد» نفسها لا تنطبق على أشخاص، أكان رئيس الجمهورية أو غيره من البشر.. فالخلود لا يقال بحق البشر أصلاً.. هذا فضلاً عن أن مثل هذه الفكرة غير مطروحة ولا مكان لها في العقل السياسي اليمني.. إلا إذا كان الأخوة في المشترك يقصدون التمهيد لها لغرض ما.* يشعر المرء بالخيبة عندما يرى نخبة سياسية مهمة مثل أحزاب المشترك تتردى في الحضيض عن وعي ودراية.. ألا يشعرك اصطناعهم لمثل هذا الوهم ثم إشغال أنفسهم بمناطحته وإلهاء الرأي العام، ألا يشعرك ذلك بالخيبة.. فهذا البؤس السياسي يدلك على الفقر الحقيقي الذي تعاني منه المعارضة التي يفترض أن تكون دائماً متقدمة على السلطة بأفكارها ومشاريعها السياسية.. لا شيء في البلد اسمه «تأبيد» ومع ذلك يخترعون وهماً اسمه «التأبيد» ويشغلون أنفسهم والناس به، ويستعرضون أنفسهم كأبطال حقيقيين في معركة لا يوجد في ميدانها خصم حقيقي. يشهرون سيوفاً من خشب داخل غرفة مظلمة لضرب قطة سوداء غير موجودة أصلاً في الغرفة المظلمة! بينما البطولة الحقيقية وهي المعركة الحقيقية هاربون منها.. فإذا كانت تلك التعديلات الدستورية لا تروق لهم أو يرون أنها ناقصة، فالصواب أن يتعاملوا معها تعاملاً جدياً.. أن يعودوا إلى مجلس النواب ويقترحوا نصوصاً يرونها ضرورية ويقاوموا تعديل أي نص يرونه خاطئاً.* إن مشروع التعديلات الدستورية يتضمن عشرات المواد.. إضافة.. تغيير.. تعديل.. حذف.. وموضوعات هذا التعديل كثيرة وبعضها خطيرة أو مهمة للغاية.. ولكن الإخوة في المشترك وقفوا عند فقرة واحدة هي خفض مدة الرئاسة وإبقاء الدورات الرئاسية بدون قيد.. رغم أن المسألة هي مجرد مشروع مقترح يمكن إلغاؤه، ويمكن تحديد مدة الرئاسة لست سنوات ولدورة واحدة كما في لبنان أو دورتين أو.. أو.. المهم أن يكونوا مساهمين بالأفكار والآراء ومشاركين في النقاش وفاعلين في هذه التعديلات كلها.. لكنهم يتركون المعركة الحقيقية ويذهبون إلى ساحة يناطحون وهماً صنعوه بأنفسهم.. لا يزالون جلوساً في المكان نفسه يمضغون «التأبيد» الذي لا وجود له.. فأين هم من القضايا الحقيقية المطروحة في مشروع التعديلات الدستورية؟ بعيدين.. لم يتكلموا ولم يبدوا آراءً وأفكاراً ومواقف بشأن «الكوتا» النسائية أو الحكم المحلي أو الشرطة المحلية أو غيرها من الموضوعات أو القضايا المهمة في مشروع التعديلات الدستورية.
أخبار متعلقة