رغم الصورة الضبابية التي لاتزال ترافق نتائج ثورة الشعب التونسي الشقيق ضد الظلم والفساد، وعدم وضوح السيناريوهات التي ستعيد صياغة الحياة السياسية التونسية، إلاَّ أن إدراك الدوافع التي أشعلت تلك الانتفاضة الجماهيرية الغاضبة يعد ضرورة حتمية من قبل كافة الأنظمة العربية ومكونات الفعل السياسي بكافة اتجاهاتها تلافياً لمثل تلك الزلازل التي يصعب بعدها التئام الشرخ وإعادة الحياة إلى طبيعتها، خاصة إذا ما قرأنا جيداً حقيقة الأجندات الخارجية أو المحلية التي لا تتوانى في الانقضاض على الواقع السياسي وامتلاك القرار لتنفيذ تلك الأجندات ،حتى وإن كانت الشرارة الأولى لعملية التغيير نابعة من إرادة جماهيرية خالصة تأمل في حياة هانئة ومطمئنة تخلو من الظلم والقهر والإذلال .ومن هذا المنطلق فلتكن الخطوة الأولى لأنظمتنا العربية الإطاحة بمظاهر الفساد، واحترام القوانين وإشاعة أجواء الحرية والمواطنة المتساوية، حتى لا تحدث الكارثة التي لن تكون في صالح أحد أكان مواطناً أو سلطة أو حزباً سياسياً.ولذلك يبقى توحيد الجهود في مواجهة التحديات وتجاوزها، وإشاعة روح الحوار المستند إلى المنهج الديمقراطي هو السبيل الوحيد للارتقاء بحياة الناس وتوفير متطلباتهم المعيشية وتأمين حاضرهم ومستقبلهم، وهذا لا يتأتى إلا من خلال التجسيد العملي لروح القوانين وخلق جسور من التلاحم بين مكونات المجتمع الواحد وهو الأمر الذي لا يمكن صياغة معادلته في واقع ديمقراطي لم تزل مفرداته غير مستوعبة من قبل أحزاب المعارضة المتواجدة في الساحة السياسية، لأنها في حقيقتها لا تمثل سوى أدوات إجهاض لأي تغيير إيجابي يلامس طموحات وآمال المواطنين ،لأنها في كثير من الأحيان- إن لم يكن دوماً - غير مستوعبة لحقيقة وجودها وماهية مهامها الوطنية الملقاة على عاتقها.المشكلة المحزنة أن هذه الأحزاب الكرتونية لم تزل تعتبر نفسها نقيضاً للسلطة وفي محل خلاف دائم مع كل ما هو إيجابي، وفي الوقت نفسه فإنها غائبة غياباً كلياً عن المسؤولية الملقاة على عاتقها لأنها تستخدم منذُ ولادتها بل وتتقن خلط الأوراق ،وتمتين أواصر الخلافات مع الحزب الحاكم ومحاولة خلق حالة من اللاوعي في أوساط المجتمع ، الذي بدوره يعرف جيداً تلك النوايا اللا مسئولة التي كرستها المعارضة بهدف تمزيق الوطن.
أخبار متعلقة