صبـاح الخـير
من يوجه خطبة الجمعة .. وإلى ماذا توجه ؟ سؤال يتبادر إلى ذهني يومياً طوال ساعات الليل والنهار ، كلما نظرت إلى حال مجتمعاتنا .فموضوع خطبة الجمعة موضوع حساس ومهم في هذه المرحلة بالذات ، ولكن ما نراه ونسمعه أن الخطب كلها تقريباً تتركز في العبادات بينما الاسلام هو دين عبادات ومعاملات ، وفي نظري أنه نتيجة القصور في النصح والأرشاد فسوف يكبر ويتوسع الخلل في كثير من جوانب حياتنا وحياة أطفالنا فما يفتقر إليه الأب والأم في سلوكياتهم سينتقل مباشرة إلى أطفالهم ، فالأطفال نتاج البيئة التي يعيشون فيها سواء كانت بيئة المنزل أو المجتمع الذي يعيشون فيه.. فهل تستطيع المساجد توجيه سلوكيات المجتمع ؟ إذا ما أردنا الاجابة على هذا السؤال وبصراحة فيمكن القول أن بعض خطباء المساجد لم يستطيعوا بعد أداء هذا الدور بالشكل والمستوى الذي يفترض أن يكونا عليه ، فإذا ما نظرنا إلى الأعداد المتزايدة لمن يأمون المساجد من المصلين لأداء الصلاة فيها ، وإذا ما أصبح عليه حال المجتمع ،وما بتنا نسمع عنه من أمور لم تكن موجودة في مجتمعاتنا للمسنا القصور غير المقصود في بعض الخطب الموجهة لتقويم حال المجتمع .إزدادت حالات الطلاق في المجتمع وضرب الزوجات أو كما نسميه ( العنف ضد النساء ) بشكل عام أكانوا زوجات أو بنات أو ما إلى ذلك ، وهناك أيضاً عنف موجه تجاه الأطفال ذكوراً وإناثاً وبمختلف أشكاله وأنواعه ، هناك أسر لم يعد يربطها ذلك التآلف والمحبة والرحمة، هناك عبث بعض الموظفين في المرافق العامة والخاصة ونهب الملكية العامة والملكية الخاصة بحدودها الدنيا ، هناك روح عدائية لكل ما حولنا تستوجب منا الدعوة إلى عدم السرعة والتهور ، ونبذ الارهاب الذي أصبح لغة العصر ، والأمثلة كثيرة ويمكن أن نجد منها الكثير والكثير .خطبة الجمعة الهدف منها عودة إلى الوعي وتذكير المسلم بما فعله وما يجب أن يفعله ،ولا يجب على خطبة الجمعة أن تتركز فقط على العبادات دون المعاملات حيث إننا لا نكاد نسمع خطيباً يتحدث عن الوطنية وأهمية الولاء للوطن ، حب الجميع ونكران الذات والابتعاد عن الأنانية ، وعقوق الوالدين وتسيب الموظفين وتعاملاتهم مع قضايا مجتمعاتنا وربطها بخطبة الجمعة حتى يكون لها تأثيرها وأن نربطها بما يدور حولنا كنماذج سلبية أو إيجابية وأن يكون لخطباء المساجد رأي موجه فيما يدور حولهم ، وأن يربطوا الأقوال بالأفعال ، لذا يجب أن يكون هناك إختيار دقيق لخطباء الجمعة من بين الراشدين الذين يحظون بالقبول والتأثير على المصلين ، وممن يتصفون بالأخلاق الحميدة والسيرة الطيبة بين الناس حتى يكون لما يقولون مردود وتأثير مباشر على المصلين ، وأن يكون لديهم ثقافة عامة يتزود بها المصلون في كل جمعة ، ويترجمونها إلى واقع في حياتهم .