لا اعرف تجربة مماثلة لمسعى فريق العمل المكلف تسويق المبادرة العربية للاتصال بإسرائيل. فقد كانت العلاقة التفاوضية جدلية بين الجانبين العربي والاسرائيلي. ارتكزت على رأس حربة من سهم واحد، دائما كان كل طرف يفاوض عن حقوقه مباشرة لا عن المجتمع العربي بأكمله. فاوض المصريون عن مصر، والأردنيون عن الأردن، والفلسطينيون عن منظمة التحرير الفلسطينية، والسوريون عن سورية ولبنان.لجنة المبادرة العربية مشكلة من رقم كبير، 13 وزيرا يمثلون 22 دولة عربية. في اللجنة وزراء مثل الامير سعود الفيصل الذي لم يخش القال والقيل بإشراك بلاده في لجنة من مهامها الاتصال بإسرائيل، وان لم يذهب مباشرة. وللوزير دور كبير في تحريك المبادرة، وتركيب عجلات تسير بها الى اقصى حد ممكن لامتحان نجاحها من عدمه. في اللجنة كذلك وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي اسكتت مشاركته بعض النقاد العرب الذين دأبوا على التهكم والتخوين من أي مشروع مصالحة، بدون ان يقدموا البديل. ولا بد من الاشارة الى دور الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي يمثل بشخصيته المؤثرة وكرسيه العربي رمزا مهما. وفي نظري الشخصي هذه ابرز مشاريعه السياسية على الإطلاق، ولو نجحت ستكون اهم عمل تقوم به الجامعة العربية منذ تأسيسها عام 1954. أي اننا امام حركة تاريخ جديد. التفاؤل لأسباب كثيرة ابرزها ان إسرائيل ادركت بشكل قاطع ان الصلح المنفرد مجرد اتفاق، وأما السلام فيتطلب اتفاقا جماعيا، فهو أكثر ضمانة لها من السلامات المنفردة. وشاهد العرب حديثا ان الحرائق تندلع في كل مكان حتى لم تعد قضيتهم الرئيسية محورية كما كانوا يظنون في الماضي. وأدرك الفلسطينيون، على اختلاف فصائلهم، ان العرب يبيعون مأساتهم في المزاد منذ خمسين عاما بدون ان يمنحوهم شيئا بما في ذلك الحد الادنى من المعاملة الآدمية. والعالم ادرك ان من شروط محاصرة العنف في العالم حل مأساة الشعب الفلسطيني ارضا وشعبا ودولة. وأخيرا طرح العرب لأول مرة حلا عمليا بعد ان كانوا في السابق ينتظرون المبادرات الخارجية.وأتوقف عند ما قاله الأمير سعود من انه لا تطبيع مع اسرائيل قبل ان تقبل بالمبادرة جملا وتفصيلا. بهذا أطر العمل السياسي المقبل بعيدا عن المزايدات، وتجنب خطأ مشروع خارطة الطريق الذي بني على مبدأ الخطوات المترابطة، والمعرض للتوقف في كل مرة، كما حدث له منذ بداية المشروع في عام 2002 ووضع هدفه اقامة دولة فلسطينية بحلول عام 2005. وكما رأينا كان كافيا لأي فريق ان يتلكأ حتى يعطل كل المشروع برمته، وها نحن بعد خمس سنوات بخارطة بلا قدم واحدة على الطريق.المشروع العربي، بخلاف خارطة الطريق، يقوم على مذهب البيع بالجملة. يعد اسرائيل بأقصى أمانيها السياسية، العلاقات والتطبيع، ويعطي العرب كل مطالبهم الرئيسية، أرضا ودولة وشعبا، هذه مقابل تلك. لا اعتقد اننا يمكن ان نحظى بمثل هذا الطرح الجماعي المتماسك والواقعي كما نراه في المبادرة العربية ولجنة المبادرة العربية، التي تستحق الدفع بها الى أقصى طاقة ممكنة قبل ان ندخل نفق الانتخابات الأميركية.[c1]نقلاً عن صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية [/c]
هل تغير المبادرة التاريخ ؟
أخبار متعلقة